أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - دمٌ على جدران التاريخ: سردية الكورد بين المذابح والانتفاضات














المزيد.....

دمٌ على جدران التاريخ: سردية الكورد بين المذابح والانتفاضات


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 08:18
المحور: القضية الكردية
    


إذا قيل لك "ليس لدينا مشاكل مع الكورد"، فاعلم أن خلف هذه الجملة البسيطة، سطورًا من الدم والنار، وصفحات لا تُنسى من الألم والتشريد. إنها ليست مجرد أحداث تاريخية عابرة، بل جراح غائرة في جسد الكورد، تتسع كلما حاولوا النهوض، وتتفاقم كلما حاولوا التشبث بأرضهم وثقافتهم وهويتهم.

بدأ المشهد الدامي عام 1920، حين اندلعت أولى الثورات ضد الاحتلال التركي، ولم تكن تلك الانتفاضات إلا صرخة وجود، لكن الرد جاء بقسوة دموية، حيث سقط آلاف الشهداء، وشردت مدن بأكملها، وكان ذلك مجرد بداية لسلسلة طويلة من المآسي. لم تقف الأمور عند حدود السلاح فقط، بل تحولت إلى سياسة منهجية لإبادة الأمل نفسه، وإجهاض أي محاولة للتمسك بالأرض أو الهوية.

في عام 1922، كانت مذبحة موتكي التي راح ضحيتها أكثر من ألف كوردي، ثم تبعها عام 1930 مجزرة وادي زيلان، حيث تم إبادتهم دون رحمة، من الأطفال إلى الشيوخ، وقتل حوالي أربعين ألف كوردي في مجزرة واحدة، كان الموت فيها يحمل وجهًا بشريًا، وجهًا ملوثًا بالدم والعنصرية. وفي نفس العام، شهدت منطقة آگري مجزرة أخرى، استشهد فيها الآلاف من عشائر جلاليان، وشارك الجيش الأحمر السوفيتي في هذا الفعل الذي لم يُكتب له العار كما يستحق.

بين عامي 1923 و1925، كانت ثورة شيخ سعيد التي خلفت ما بين ثلاثين وأربعين ألف شهيد، وكان الطيران البريطاني شريكًا مباشرًا في القتل عبر الغارات الجوية على مدن كوردستان. وفي عام 1933، كانت مذبحة شمزينان، حيث قتل ثلاثة آلاف كوردي، لتكون واحدة من أبشع صفحات القرن العشرين.

لكن السياسة التركية لم تكتفِ بالمذابح، بل انتقلت إلى سياسة التطهير العرقي المنظم، فخلال الفترة الممتدة من 1920 حتى 1940، تم ترحيل أكثر من خمسة ملايين كوردي إلى وسط الأناضول، وكأن الأرض نفسها يجب أن تُطهر من أصحابها الحقيقيين. واستمرت هذه الحملات حتى نهاية القرن العشرين، حيث تم تدمير أكثر من خمسة آلاف قرية كوردية خلال الفترة [1984–2000]، وتم ترحيل سكانها إلى أماكن بعيدة عن جذورهم و تاريخهم.

ومن بين الضباب الداكن، ظهرت منظمات سرية تمارس القتل تحت ستار الغموض، مثل "ذئاب الرمادية" و"لواء الثأر التركي" و"جيتام" و"لجنة مكافحة حرب الكريلا التابعة لحلف الناتو المعروفة بگلاديو"، حيث قُتل خلال سنوات [1988–2000] أكثر من عشرين ألف كوردي مدني، معظمهم من الطبقة المثقفة والمناضلة، وسُجلت جرائمهم تحت بند "مجهول"!.

ومع مرور الزمن، لم تتوقف الحرب، فمنذ أيار 1983 وحتى اليوم، شُنّت أكثر من ثلاثين حملة عسكرية على جنوب كوردستان، وقُصفت المئات من القرى، وشرد الآلاف، وتحولت المدن إلى أنقاض، والبشر إلى لاجئين .ومذبحة ساسون كانت واحدة من هذه المجازر، حيث قُتل الآلاف، ودُمرت عشرات القرى، وتم تهجير الباقية إلى وسط الأناضول .وعام 1930 أيضًا، شهدت قرقلي إبادةً لسكان 33 قرية من جبال زاغروس، وبقي ذكرها في أغنية الفنان جوان حاجو التي تجسدت فيها المأساة بصوتٍ يحمل الحزن والصمود.

إن كل هذه الأحداث ليست سوى مجرد لمحة من بحر طويل، ما قامت به الطورانية التركية من انتهاكات لا تعد ولا تحصى، فالحديث يطول إذا أضفنا جرائم العرب والفرس في تطهيرهم العرقي وإبادتهم للكورد. إنها حلقات مستمرة من مأساة لا تنتهي، حيث يُستباح الدم الكوردي دون رحمة، وتغرق الأرض في مائه حتى آخر قطرة. فهل يُعقل، بعد كل هذا، أن يُقال إنهم لا يعانون من صراعات مع الكورد؟ التاريخ لا ينسى، والدماء تتكلم، والحقيقة لن تبقى مدفونة إلى الأبد.

إن هذه الصفحات المؤلمة من التاريخ، لا ينبغي أن تُكتب فقط في الكتب، بل يجب أن تُقال بصوتٍ مرتفع، وتُغنى في الأشعار، وتُرسم في اللوحات، وتُروى في الحكايات، ليعرف الأجيال القادمة أن الحرية لا تُعطى، بل تُنتزع من بين الأنياب والأظافر، وأن الحق لا يموت رغم طول الليل.
أبعد كل هذه الجرائم التي اقترفوها، ما زال هناك من يأمل في وعودهم الكاذبة؟!



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نحن أصحاب سردنا أم مجرد متلقين؟
- أزمنة النبع الكوردي: من أطلال التشتت إلى ضياء السياسة
- رسائل لم تُسلَّم... وذاكرة لا تموت
- كوردستان: الجرح النازف في جسد الشرق الأوسط الممزق
- الشرق الأوسط يُعيد تشكيل خارطته.. فهل من يقظة كوردية تُعيد ل ...
- التطبيع السوري الإسرائيلي.. صراع المصالح وتنافس الأدوار في ظ ...
- لعبة الأقنعة: تشريح الصراع التركي بين الديمقراطية والاستبداد ...
- الهدنة والردع: أطياف القوة في لعبة المصالح المتشظية
- سلامٌ هشٌّ.. كالزجاج يلمع ويُخفي شظايا الحرب
- أطياف الصراع: قراءة فلسفية في تداعيات الضربة الإيرانية والرد ...
- ملحمة الصراع الإيراني-الإسرائيلي وتصدعات الشرق المكسور
- صراع الوجود وأسئلة المصير: الهجوم الإسرائيلي على إيران بين ا ...
- سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة
- تأملات في الخطاب والهوية بين السجال والوجود
- رياح التمرد والهشاشة: الكورد بين مطرقة الذات وسندان الجوار
- اللامركزية بين مطرقة السلطة وسندان الحرية: تأملات في فلسفة ا ...
- صراع الجبابرة: إيران وسوريا في دوامة الشرق الأوسط الدامية
- الكوردايتي: سيمفونية تحوّلٍ من البقاء إلى الازدهار
- تأملات في الحرية والذات والهوية
- صوت المثقّف في مواجهة دوّامة التفاهة والانقياد


المزيد.....




- جيل يُمحى قبل أن يولد: الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ إبادة ...
- الشرطة الإسرائيلية تعلن اعتقال جندي في الجيش كان على اتصال م ...
- بن غفير يتفاخر بتجويع الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية ...
- اعتراف -بن غفير- بتجويع الأسرى جريمة الحرب تستوجب محاسبة دول ...
- -فجوة- في الدخل بين الألمان والمهاجرين خاصة من الشرق الأوسط ...
- انتقادات حادة لمايك والتز خلال مناقشة تعيينه سفيراً لدى الأم ...
- كوردستان تحت ارهاب الأسلحة المنفلتة لا خاسر فيها إلا الشعب
- الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر على حدود غزة.. والآلية ...
- حماس تناشد المؤسسات الإنسانية والحقوقية التحرك العاجل لوقف ج ...
- المرصد السومري لحقوق الإنسان يُعرب عن مشاطرته ضحايا حريق الك ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - دمٌ على جدران التاريخ: سردية الكورد بين المذابح والانتفاضات