أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - لعبة الأقنعة: تشريح الصراع التركي بين الديمقراطية والاستبداد في مرآة التاريخ














المزيد.....

لعبة الأقنعة: تشريح الصراع التركي بين الديمقراطية والاستبداد في مرآة التاريخ


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 08:27
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في قلب المشهد التركي المعاصر، حيث تتداخل الأوراق السياسية كأحجيةٍ لا تكتمل، يطفو سؤالٌ مصيري: هل نحن أمام لحظة مخاض ديمقراطي، أم مجرد فصل جديد من فصول التمثيل السياسي المُتقن؟ الفيديو الذي أُنتج عام 2025 ليس سوى مرآة عاكسة لهذا التناقض الجوهري، حيث تُختزل تركيا بين مطرقة الفرص وسندان الكوارث. فالتوازن الهش بين أردوغان، بهتشلي، وأوجلان يشبه لعبةَ شدّ الحبل على حافة الهاوية، كلٌّ يجرّ "لحاف السلطة" نحو مربعه، بينما تُنسج خيوط المصير الوطني بخيوط من الشك والريبة.

تبدأ الرواية بمبادرةٍ أطلقها بهتشلي، لكنها تلبس أثوابًا مختلفة بحسب الراوي: فبين "الديمقراطية" في الخطاب الكوردي، و"تركيا بلا إرهاب" في سردية أردوغان، يضيع المعنى في متاهة التسميات. المفاوضات انطلقت بوفودٍ إلى إمرالي، ونداءاتٍ لوضع السلاح، لكن شرط النجاح الوحيد – تحسين المناخ الديمقراطي – تحوّل إلى سراب. بل على العكس، شهدنا انزياحًا نحو القمع: اعتقالاتٌ مثل إمام أوغلو، ووصايةٌ على البلديات، وضغوطٌ تذكّرنا بأيام الظلام. هنا، يصبح السؤال الفلسفي ملحًّا: هل يمكن بناء السلام فوق أنقاض الحريات؟ التاريخ يجيب بالنفي، لكن السياسة تُصرّ على تكرار السؤال.

ثم جاءت محاولة حزب الحركة القومية لتمرير "العفو" كشرطٍ للعملية، لكن أردوغان أوقفها فجأةً، وكشف – كما يرى أوجلان – عن وجه "المخرب" الخفي. في ندوة بألمانيا، كشف تونجر بكرهان كيف احتج أوجلان على مشروع وصاية نقابة المحامين، ووصفه بـ"التخريب المُسبق". وهنا تكمن المفارقة: الجميع يرفع شعار الدعم للعملية، لكن الخلفيات تنضح بتناقض الأهداف. بهتشلي وأوجلان يريدانها جسرًا للسلام، بينما يبدو أردوغان وكأنه يحيك نسيجَ الفشل بخيوطٍ غير مرئية.

وفي خضم هذا المسرح، تسرّبت محاضر لقاء 21 نيسان 2025 بين أوجلان والدولة، حاملةً آراءه حول إسرائيل، وسياق وفاة سري سريايا أوندر، وغيرها. رغم إنكار "ديم" صحتها، فإن ردودهم كانت أقرب إلى الاعتراف الضمني. لكنّ ظل التزوير يطارد رسائل أوجلان السابقة، مما يطرح إمكانية التلاعب مجددًا. والأخطر أن بعض التسريبات قد تُستخدم لعزل أوجلان شعبيًا، عبر تصويره كعدوٍ للأكراد أو حليفٍ لإسرائيل، في ما يشبه "التخريب الرقمي" الذي يحوّل الكلمة إلى سلاح.

ثم تفجّرت الموجة الثانية من التخريب عبر "قائمة إعدامات" مزعومة لـ102 كورديٍ معارضٍ لـPKK، مصنّفين بألوانٍ كـ"بايلوك"، وكأنها عودةٌ إلى سياسة الوصم القديمة. الرواية تقول إن شبابًا كوردًا داخل PKK هم من نشرها، لكنّ الظاهر يحمل بصمات اللعبة الكبرى: تفكيك الوحدة الكوردية من الداخل.

هنا، يصبح المشهد أشبه بلوحةٍ لبوشكين: القمع يتصاعد من اعتقال إمام أوغلو إلى خنق الأصوات الكوردية، لكنّ التفسير السطحي – كأنها مجرد وحشية سلطوية – يخفي حقيقةً أعمق. فالثمن الحقيقي هو انهيار المشهد السياسي برمته، وتحويل تركيا إلى سجنٍ كبير. لو نجحت العملية الديمقراطية، لَتحرّر إمام أوغلو وديمرتاش، ولَرفعت الوصاية عن البلديات، ولَعاد النقاش السياسي إلى مربع العقل. أما إذا فشلت، فسنشهد استبدادًا يدفع آلاف الأكراد إلى الهرب عبر البحر، في مشهدٍ يُذكّر بمآسي القرن الحادي والعشرين.

تونجر بكرهان يحذّر: أردوغان يسير نحو استبدادٍ مطلقٍ بدعمٍ من حزب الحركة القومي، وإمام أوغلو ليس سوى ضحية في حربٍ أوسع. إنها نفس الاستراتيجية القديمة: تحويل الأزمات إلى ذرائع لتعزيز الحكم الفردي، كما حدث بعد 2015 و2016، حين حوّلت حالة الطوارئ المؤسسات إلى ديكور. واليوم، يعيد الرئيس لعبة الثنائيات: قمع المعارضة عبر الاعتقالات، واستغلال القضايا الشعبوية كالأمن والاقتصاد لإطالة عمر النظام. حتى الاقتصاد – رغم تعيين شيمشك – لم يعد سوى ورقةً في يد اللاعب المحترف.

في النهاية، فإن هذا المسار ليس مجرد انحرافٍ ديمقراطي، بل انقلابٌ بطيءٌ يُخفي نفسه تحت مصطلحات برّاقة. المعارضة – خاصة حزب الشعب الجمهوري – تشارك في لعبة الانتحار عبر تسليم كراتٍ حاسمةٍ مثل إسقاط الحصانة. أما نداء تونجر بكرهان الأخير، فيتلخّص في ضرورة اختيار طريقٍ واضح: سلامٌ أم حرب؟ ديمقراطيةٌ أم استبداد؟ لأن الصمت اليوم يعني غدًا غرقًا في بحرٍ من الدماء والدمار. وكالعبرة التاريخية تقول: حين تسقط الكلمات، لا يبقى سوى صرخة الشعب – إن تجرّأ على الصراخ.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدنة والردع: أطياف القوة في لعبة المصالح المتشظية
- سلامٌ هشٌّ.. كالزجاج يلمع ويُخفي شظايا الحرب
- أطياف الصراع: قراءة فلسفية في تداعيات الضربة الإيرانية والرد ...
- ملحمة الصراع الإيراني-الإسرائيلي وتصدعات الشرق المكسور
- صراع الوجود وأسئلة المصير: الهجوم الإسرائيلي على إيران بين ا ...
- سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة
- تأملات في الخطاب والهوية بين السجال والوجود
- رياح التمرد والهشاشة: الكورد بين مطرقة الذات وسندان الجوار
- اللامركزية بين مطرقة السلطة وسندان الحرية: تأملات في فلسفة ا ...
- صراع الجبابرة: إيران وسوريا في دوامة الشرق الأوسط الدامية
- الكوردايتي: سيمفونية تحوّلٍ من البقاء إلى الازدهار
- تأملات في الحرية والذات والهوية
- صوت المثقّف في مواجهة دوّامة التفاهة والانقياد
- حين ينهش القناع مَن يلبسه
- سوريا بين رُكام الشرق وحُمى الغرب: عن الأويغور، إسرائيل، وخر ...
- تركيا والكورد في مفترق الطرق
- انفصال المعنى عن الفعل الإنساني: المأساة الصامتة للمجتمع الح ...
- رحلة الكُرد نحو الذات السياسية
- بين سُحب التقسيم ووهج الاتفاق: رقصة الأضداد في ظل الشرق المض ...
- أقنعة الاستبداد: سوريا بين مطرقة التقديس وسندان التماثل الخف ...


المزيد.....




- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...
- إيران تُشيّع جثامين قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في المو ...
- السودان: البرهان يستجيب لهدنة إنسانية في الفاشر لمدة أسبوع
- تحوّل في خيارات التعليم بالصين: الشباب يصطفّون للانضمام إلى ...
- النمسا: عواصف قوية وبَرَد كثيف يشلّان مهرجانًا شهيرًا
- عراقجي يقول إن الإيرانيين -لم يستسلموا- والحوثيون يعلنون إطل ...
- صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إير ...
- إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يستوعبه عقل وجنودن ...


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - لعبة الأقنعة: تشريح الصراع التركي بين الديمقراطية والاستبداد في مرآة التاريخ