أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوتان زيباري - سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة














المزيد.....

سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 23:49
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في زمنٍ تتحول فيه الجغرافيا إلى ساحة حربٍ بالوكالة، وتتحول الدول إلى مسارح لمآسٍ تبدأ بالسياسة وتنتهي بالشعوب، تبرز إيران كدرعٍ مثقوب، وتركيا كقلبٍ ينزف بين المطرقة والسندان. "عملية الأسد الصاعد" لم تكن مجرد هجوم عسكري، بل كانت كشفاً مدوياً لهشاشة الأنظمة التي تظن أن القبضة الحديدية يمكن أن تحميها من رياح التغيير. ثمانية أشهر من التسلل الاستخباري كشفت أن أعتى الحصون تنهار من الداخل، حين تتحول المؤسسات إلى أسواقٍ للولاءات والبيانات، وحين يصبح الفساد لغةً مشتركة بين الحاكم والمحكوم. ثلاثمائة هدف تدمرت في طرفة عين، ليس لأن الصواريخ الإسرائيلية كانت أقوى، بل لأن الجدران الإيرانية كانت أضعف.

وتركيا، التي تتأرجح بين أحلام العثمانيين الجدد وكوابيس العزلة الدولية، تسير على نفس الحبل المشدود. فهل يعقل أن تكون طائرات الجيش التركي من جيل الأمس، بينما جارتها اليونان تتسلح بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الغربية؟ أليس غريباً أن تُباع أسرار الدولة في السوق السوداء، بينما يُسجن الصحفيون لأنهم فضحوا بيع الوهم؟ الفساد هنا ليس رشوةً تأخذها يد، بل هو ثقب أسود يبتلع مستقبل أمة. أردوغان، الذي راهن على تحالفه مع الشرق والغرب، وجد نفسه في النهاية وحيداً كشجرةٍ بلا ظل. صفقات "إس-400" لم تكن سوى ورقة خاسرة في لعبةٍ كبرى، تركيا فيها مجرد حجر على رقعة الشطرنج الإقليمي.

إسرائيل، من جانبها، لم تنتظر طويلاً. لقد فهمت أن الفراغ لا يتحمله التاريخ، فملأته بقوةٍ لا تعرف التردد. من السماء، أصبحت سيدة الموقف، تحرك قطع الشطرنج كما تشاء. ومن الأرض، رأت كيف أن القمع والفساد يصنعان لها حلفاءً دون أن تدري. فمن يحتاج إلى جاسوسٍ حين تكون المؤسسات نفسها جاسوسة؟ ومن يحتاج إلى حربٍ شاملة حين تكون الأنظمة تقتل نفسها بنفسها؟ إيران، التي أمضت أربعين عاماً تبني إمبراطورية الميليشيات، رأت كيف تتهاوى أحلامها في عامٍ ونصف. وتركيا، إن لم تستفق من سباتها، قد تكون الفصل التالي في سقوطٍ لم يعد مستغرباً.

لكن التاريخ لا يكرر نفسه بحذافيره، بل يعيد إنتاج المأساة بأشكالٍ جديدة. الأكراد، الذين ظلوا لعقودٍ ورقة ضغطٍ في يد الجميع، قد يجدون في الفوضى القادمة فرصتهم الأخيرة. واللاجئون، الذين حوّلتهم السياسة إلى أرقامٍ في معادلاتٍ قذرة، قد يصبحون جيشاً بلا وطن يبحث عن أرضٍ تأويه. الاقتصاد التركي، الذي بدأ يترنح تحت وطأة الفساد والمشاريع الوهمية، قد ينقلب إلى كابوسٍ لا يوقظ منه إلا الصرخات.

في النهاية، السؤال ليس عمن سينتصر في هذه المعركة، بل عمن سيبقى بعد أن تنتهي اللعبة. إسرائيل تدرك جيداً أن القوة لا تُقاس بعدد الصواريخ، بل بقدرة النظام على الصمود. وإيران تتعلم بالدم أن القمع لا يصنع أمناً، بل يصنع قنبلة موقوتة. أما تركيا، فما زال لديها خيارٌ واحد: أن تستيقظ قبل أن يصبح الإصلاح مستحيلاً، أو أن تنضم إلى قائمة الدول التي دمرها حكامها أكثر مما دمرها أعداؤها.

الدرس واضحٌ كالشمس: لا وطن بلا عدالة، ولا عدالة بلا حرية، ولا حرية بلا شعبٍ يرفض أن يكون ضحيةً لفسادٍ قاتل. فهل من مستمع؟



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الخطاب والهوية بين السجال والوجود
- رياح التمرد والهشاشة: الكورد بين مطرقة الذات وسندان الجوار
- اللامركزية بين مطرقة السلطة وسندان الحرية: تأملات في فلسفة ا ...
- صراع الجبابرة: إيران وسوريا في دوامة الشرق الأوسط الدامية
- الكوردايتي: سيمفونية تحوّلٍ من البقاء إلى الازدهار
- تأملات في الحرية والذات والهوية
- صوت المثقّف في مواجهة دوّامة التفاهة والانقياد
- حين ينهش القناع مَن يلبسه
- سوريا بين رُكام الشرق وحُمى الغرب: عن الأويغور، إسرائيل، وخر ...
- تركيا والكورد في مفترق الطرق
- انفصال المعنى عن الفعل الإنساني: المأساة الصامتة للمجتمع الح ...
- رحلة الكُرد نحو الذات السياسية
- بين سُحب التقسيم ووهج الاتفاق: رقصة الأضداد في ظل الشرق المض ...
- أقنعة الاستبداد: سوريا بين مطرقة التقديس وسندان التماثل الخف ...
- لعبة التوازن بين الحوار والقمع في الملف الكوردي التركي
- انفتاح الغرب... نافذة خلاص أم قيد ناعم؟
- شاطئ الخوف: تأملات في ظل صمت البنادق
- حين تتكلم الجبال ويسكت العالم
- على درب السلام، أين تقف الوعود؟
- رمادٌ لم يُدفن: كيف يُعاد تدوير الجريمة في ذاكرة الأمم؟


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوتان زيباري - سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة