ميشيل الرائي
الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 14:47
المحور:
الادب والفن
الكتابة إلى فوزي كريم
تتدفّق سحابة مثل دمِ ثورٍ مذبوح.
البحار ترتفع، والرفوف الجليدية تتكسّر،
وسيل الأعاصير يحاصر الطرق المهجورة.
هيكلٌ عظميّ للصيف تتكسّر مفاصله،
والشوارع تعجّ بالحقائق المضطهدة،
مكهربة، متوترة، تحت عاصفةٍ من القمل.
على دروبٍ لم تعد موجودة،
البغال تتعفّن، والكنائس تتقشّر،
والله — نظافة الشق — يخدش نفسه في العواصف.
الفلاحون السائلون يخلّدون أفكارَ ثيرانهم،
في منازلَ مملةٍ لا تفهم أرضَها،
وكل فرصةٍ تولَد يتردد صداها في الحواس،
وكل حادثةٍ تمسّ الجسد،
بين أسنانها نصبح فريسةً لمغناطيسها،
يا شعراءَها، يا كذّابيها.
أنيابٌ مغروسةٌ في أجساد عمّال الموانئ،
والسخريةُ مستعرة، والنظريات تغرق كالسفن.
بنفسجيةُ رأسِ الموت وملابسُ مجازر،
وكل بوليسِ العادات يصيبنا بالعدوى،
بينما يأكل البرجوازيون جنّتَهم.
هنا، الحياة رميةُ نرد،
جنةُ متشردٍ يحلم بالأبيض والأسود،
يُنقّط أحاديثَه القصيرةَ بشعاراته،
ويُبهرنا بالتاريخ كحكاية، أو نكتة، أو تحذير.
محطّمًا من الداخل،
أثرثر مع صديقه سرعان ما يتحول إلى حبيب.
أي جوقةٍ تُبشّر بعودتنا إلى الوطن؟
ومن سيغنّي لنا عن الحاضر؟
إذا قرّر الأعمى في داخلي أن يتحدث،
إمّا أن أفتح فمي أو أضرب لوحة المفاتيح،
ولا أقول شيئًا عمّا يجب قوله.
اللغةُ المكتوبة ليست مسؤولة،
لكنّني أدّعي العكس وأنا أكتب هذا.
فلنكرر حتى نشعر بالعطش:
الاسمُ المقدّس لإله الأنا العليا في داخلي.
لقد قرّرنا تجاوز السياق الخالد،
واللغةُ تعمل بشكلٍ مفرط،
ومع ذلك فإن الذاتَ وحدَها تصنع طريقًا ملموسًا ومميتًا،
وأنا لا أرى كيف أخرج من هناك.
أيضًا صامت، أيضًا صامت،
محورُ هذه العجلةِ المحجّبة في داخلي، أيضًا صامت، أيضًا صامت،
في البرميلِ الصامت الذي يتدحرج من حجرٍ إلى حجرٍ حتى أعالي البحار.
تحوّل الإنسانُ إلى أشياء ودفنه.
حتى الموتُ لديه أيدٍ، يمدّها ويسحبها.
الأرض هي البطاقة التي صنعها الإنسانُ منها — والتي يلعب بها.
في الظلّ الغامض النازل على الرمال،
أرى، عند الشفق، مجتمعي ينهض.
تشاؤمُ شمسِ منتصف الليل قد خسر اللعبة.
شتاء ٢٠١٢
بغداد
#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟