هامِشٌ عَلَى الصَّفَحَاتِ الَّتِي تَلِي هٰذَا النَّصَّ الكِتَابَةُ إِلَى عَزِّ الدِّينِ المَدَنِيِّ

ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 18:24
المحور: الادب والفن
    

أَنَا غَيْرُ مَوْجُودٍ
يَنْهَضُ حِصَانٌ ذُو ثَمَانِيَةِ أَرْجُلٍ وَيَخْتَطِفُ اسْمِي
سُهُولَةُ المُحِيطِ: حَافَتَانِ مَعَ كُرَاتِ شَطْرَنْجٍ سَوْدَاءِ فِي الغُرْفَةِ
مِنَ الثَّلْجِ تُسْحَبُ مِسَاحَةُ الخَطَإِ
ذَاتَ يَوْمٍ نَتْرُكُ الرِّيحَ الغَامِضَةَ لِهٰذَا المَمَرِّ
مَعَ المَطَرِ الَّذِي جَلَبَتْهُ أَوْرَاقٌ قَدِيمَةٌ لَا يَزَالُ بِإِمْكَانِهَا أَنْ تُخِيفَنَا
مَيْتٌ يَمُدُّ يَدَهُ مِنَ الدَّاخِلِ
لَوْ أَنَّنِي وَجَدْتُ هٰذَا الكِتَابَ بِالأَمْسِ فِي بَيْتِ دَعَارَةٍ
كَجُثَّةٍ تَسْبَحُ فِي الكُوكَايِينِ
لَتَسَلَّلَتْ إِلَى ذِهْنِي اسْتِعَارَةُ "كِتَابِ المَوْتَى"
أَرَأَيْتَ؟ مِنَ السَّهْلِ جِدًّا الرَّحِيلُ
عِنْدَمَا يَكُونُ جَسَدُكَ الَّذِي تُحِبُّهُ بَعِيدًا عَنْكَ
يَتَرَاجَعُ عَشْرَ خُطُوَاتٍ وَيَتَقَدَّمُ خُطْوَةً وَاحِدَةً

كَيْفَ أُخْرِجُ اللُّغَةَ مِنْ حَيَاتِي
إِذَا كَانَتِ الحَافِلَةُ هِيَ الكَوْنَ
وَقَدْ ثَبَّتُّ قَدَمَيَّ عَلَى مِتْرٍ مُرَبَّعٍ مِنَ الأَرْضِ؟
كَيْفَ يَتَحَوَّلُ الآخَرُونَ تِلْقَائِيًّا إِلَى مَالِكِيَّ؟
لَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرَانِي نِدًّا لَهُمْ
أَرَى غَلَيَانًا فِي بُؤْبُؤَيْهِمَا: النَّارَ، الغَضَبَ

أَطْلُبُ أَنْ يُسْمَعَ صَوْتِي كَسَائِرِ الوُحُوشِ
أَنْ يُمْنَحَ لِي فَضَاءٌ مِنَ العُزْلَةِ وَالفَرَاغِ كَسَائِرِ الوُحُوشِ
أَنْ يُسْمَحَ لِي بِاخْتِيَارِ
هَلْ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ وَحْشًا؟
هَلْ أُرِيدُ أَنْ أُقَيِّدَ نَفْسِي خَلْفَ الغَابَةِ كَوَحْشٍ؟
هَلْ أُرِيدُ أَنْ أَتَظَاهَرَ بِأَنَّنِي لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ
سِوَى أَوَامِرِهِمْ بِإِشْعَالِي لِآلَافِ السِّنِينَ
وَإِشْعَالِ النَّارِ بِي لِآلَافِ السِّنِينَ
وَإِحْرَاقِ نَفْسِي مِنَ الدَّاخِلِ بِقُوَّةٍ وَبِسُرْعَةٍ
وَتَحْوِيلِي إِلَى حَدِيدٍ
وَشَدِّي كَصَفِيحَةِ زِنْكٍ لِآلَافِ السِّنِينَ
وَثَنْيِي فِي آلَافِ الأَشْكَالِ وَالهَيْئَاتِ
وَتَجْفِيفِي مِنَ الدَّاخِلِ

بَعْدَ الظُّهْرِ
الفِئْرَانُ جُنُونُ العَظَمَةِ
البُومُ السِّينَمَا البَارُ
شِفَاهُنَا وَأَبُونَا يَبْحَثَانِ عَنْ شَوَارِعَ مُتَسَاوِيَةٍ

التَّارِيخُ المَأْسَاوِيُّ البَحْرِيُّ

أَنَا حِصَانٌ مَدَنِيٌّ أَرْكُضُ فِي الشَّوَارِعِ
أَشْرَبُ الجِعَةَ عَلَى المُدَرَّجَاتِ العَالِيَةِ
بَيْنَمَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ كَعِنَبٍ مُحْتَرِقٍ عِنْدَ سَفْحِ النَّهْرِ
أَنَا حِصَانٌ حَضَرِيٌّ مَخْلُوقٌ إِلَهِيٌّ
أَتَجَوَّلُ بِكَآبَةٍ بَيْنَ المَطْبَخِ وَغُرْفَةِ الطَّعَامِ
أُحَاوِلُ نِسْيَانَ اسْمِكَ
أُوَاجِهُ اللَّيْلَ كَمَا أَنَا
حِصَانٌ يَجْعَلُ دَمِي وَأَحْشَائِي تَغْلِي مَعَ كُلِّ حَرَكَةٍ

جَاءُوا لِيُحَذِّرُونَا
حِصَانٌ مَخْلُوقٌ جَمِيلٌ عَلَى أَرْبَعٍ بِقُرُونٍ كِرِسْتَالِيَّةٍ
آخِرُ مُسَافِرٍ فِي الكَوْنِ سَيَعِيشُ بَيْنَنَا

أُرِيدُ أَنْ أَتَذَكَّرَ
كَيْفَ كَانَ دَمِي يَتَدَفَّقُ قَبْلَ الحُبِّ؟
لِهٰذَا السَّبَبِ أُلَبِّي نِدَاءَ الزُّهُورِ
كُلُّ سَاقٍ مِنْ سَاقَيَّ عَرَفَتْ
أَنَّهُ صَحِيحٌ... أَنَّهُ مِنَ السَّمَاءِ
فِي اندِفَاعٍ سَتَخْتَرِقُ صَاعِقَةٌ جَسَدِي السَّمَاوِيَّ
حَيْثُ سَيَتَدَفَّقُ هٰذَا النَّهْرُ الحَيَوَانِيُّ

أَيْنَ؟
بَغْدَاد
٢٠٠٩

#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل