|
منامات شاكر حسن ال سعيد
ميشيل الرائي
الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 11:00
المحور:
الادب والفن
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
١. أَيَّتُهَا الْمَادَّةُ، تَعَالَيْ وَأَخْبِرِينِي، هَلْ قُمْتِ بِتَقْسِيمِ الطَّبِيعَةِ بِشَكْلٍ كَافٍ؟ تَحَدَّثِي إِلَيَّ. ٢. كَأَنَّهَا شَبَكَةٌ مِنَ الْمَعَانِي، تُوهِمُ بِالثَّبَاتِ وَهِيَ فِي دَوَامِ التَّحَرُّكِ. ٣. الْمَعْنَى الْمُتَعَدِّدُ يَتَنَقَّلُ بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَاتِ. ٤. التَّوَاصُلُ يُفَجِّرُ الزَّوَايَا وَيُغَيِّرُ نَشَاطَ الْجَسَدِ. ٥. الطُّيُورُ وَمَنَاقِيرُهَا، الطُّيُورُ وَأَجْنِحَتُهَا، الطُّيُورُ وَرِيشُهَا وَسَمَاؤُهَا. ٦. الْكَلِمَاتُ تَصِيرُ كَائِنَاتٍ حَيَّةً، تَتَخَلَّى عَنْ سِيَاقَاتِهَا. ٧. الْأَجْسَامُ لَا تَبْقَى ثَابِتَةً، بَلْ تَتَحَوَّلُ إِلَى كَائِنَاتٍ قَابِلَةٍ لِلتَّفْسِيرِ. ٨. كَأَنَّ التَّحَوُّلَ الدَّائِمَ بَيْنَ الْكَوْنِ وَالرَّمْزِ، هُوَ نَفْسُهُ تَفْكِيرُنَا. ٩. لَقَدْ فَاتَ الْأَوَانُ! تَخْرُجُ الْأَعْرَاضُ مِنَ الْقَامُوسِ وَتَصِيرُ لَحْمًا. ١٠. فِي تَفَجُّرِ أَصْلٍ لَا يُوجَدُ فِي النَّقْدِ. ١١. التَّمَاثُلُ فِي رَحَى السَّمَاءِ يَفْقِدُ قُدْرَتَهُ عَلَى الْإِشَارَةِ. ١٢. تَفَجُّرٌ غَيْرُ مَفْهُومٍ فِي أَعْمَاقِ الْمَسَارَاتِ. ١٣. هُنَا يُصْبِحُ الْوَاقِعُ لُغْزًا، يُمْكِنُ اخْتِرَاقُهُ وَلَكِنَّهُ يَحْجُبُ الْمَعْنَى. ١٤. نَحْنُ نُعَانِي، وَالْقَاعِدَةُ تَجْتَازُ جِدَارَ الْكَلِمَاتِ. ١٥. فَهُمَا يُشَكِّلَانِ جِذْعًا وَاحِدًا، صَلْبًا وَمُتَعَرِّقًا كَالْأُرْخَامِ. ١٦. أَقْدَامُهُمَا نَمَتْ فِي الْأَرْضِ، وَأَذْرُعُهُمَا أَصْبَحَتْ أَغْصَانًا. ١٧. الْكِيَانُ يَتَحَوَّلُ إِلَى رَمْزٍ، وَالرَّمْزُ يَتَجَسَّدُ فِي كُتْلَةٍ. ١٨. يَا اِنْحِنَاءَةَ السَّمَاءِ الْبَيِّنَةِ، أَنْتِ تَسْتَجِيبِينَ لِمَسَارَاتِنَا. ١٩. لَا فَارِقَ فِي التَّنَاهِي، وَلَا فَارِقَ فِي التَّحَارُكِ، فِي التَّعَاقُبِ. ٢٠. أَنَا النُّقْطَةُ فَوْقَ فَاءِ الْحَرْفِ. ٢١. ت ∆ الْأَحَدُ الْأَخِيرُ مِنَ السَّيْفِ. ٢٢. ط ∆ الْأَرْضُ الَّتِي تَتَحَرَّكُ بَعِيدًا ∆ وَالْيَدُ الْمَفْتُوحَةُ بِكُلِّ خُطُوطِهَا. ٢٣. الْوُحُوشُ تَفِرُّ مِنْ مَلْجَئِهَا، وَالطُّيُورُ مِنْ أَغْصَانِهَا. ٢٤. امْتِدَادُ التَّفَجُّرِ قَابِلٌ لِلتَّعْقِيدِ النَّاشِئِ فِي التَّعَارُضِ. ٢٥. الْمَفَاهِيمُ تَتَشَابَكُ فِي فَجْوَةٍ لَا غَايَةَ لَهَا. ٢٦. وَأَصْدَاءٌ، وَوَمَضَاتٌ، وَشَظَايَا. ٢٧. الثْدِي الَّذِي يَرْضَعُنَا – وَبِعُيُونِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي نَأْكُلُهَا. ٢٨. هَلْ لَنَا سَبَبٌ لِمَسَارِحَ لَا تَكُونُ قَابِلَةً لِلتَّحَكُّمِ؟ هٰذَا الرُّعْبُ الَّذِي تَعَضُّهُ أَسْنَانُ الْمَوْتَى نِصْفُ الْمَفْتُوحَةِ 䒣 ثُمَّ يَبْتَلِعُونَهُ وَيَبْقَوْنَ فِي سَلَامٍ مَغْسُولِينَ 䒤 وَأَيْدِيهِمْ مُتَشَابِكَةٌ عَلَى بُطُونِهِمْ بَادِئِينَ الْإِنْزِلَاقَ الْعَكْسِيَّ بِتَفْكِيكِ الْكِيمْيَاءِ النَّشِطِ 䒥 مَقْلُوبًا كَالْثَّوْبِ فِي اللَّوْحَةِ مُثَبَّتِينَ فِي الْعَيْنِ الدَّائِرِيَّةِ الَّتِي تُرَاقِبُنَا 䒦 ن. فِي بَدْلَةٍ زَرْقَاءَ 䒧 يَكُونُ الْجَرَادُ نَادِرًا أَوِ الْمَاءُ مَالِحًا 䒨 وَمِنَ الرِّدَّةِ مِنْ ثَوْرٍ إِلَى ثَوْرٍ يُدَحْرِجُكُمْ فِي الْغُبَارِ 䒩 وَلَكِنْ دَائِمًا بِعَيْنٍ جَانِبِيَّةٍ نَحْوَ قَاعِدَةِ الْجَبَلِ 䒪 حَيْثُ يَظْهَرُ الرَّجُلُ الْعَجُوزُ ذُو الْقُرُونِ مَرَّةً أُخْرَى لِكَسْرِ الْأُرْدُوَازِ 䒫 وَبَصْقِ دُخَانِ الْعَاصِفَةِ مِنْ أُذُنَيْهِ 𪹞 قُلْتُ لَهُمْ وَيْلٌ 𪹟 أَنَّ خَيْطَ قَصَبِ مِصْرَ لَمْ يُقْطَعْ 𪹠 قَبْضَتَيْهِ الصَّغِيرَتَيْنِ عَلَى رُوحٍ مُضْطَرِبَةٍ بِالْفِعْلِ 𪹡 وَالْخُلُودُ الْمُسَطَّحُ لِلنَّهْرِ الْمُبْتَلَعِ 𪹢 الْخُطْوَةُ الْأُولَى مِنَ الزَّمَنِ أُعِيدَ فَتْحُهَا بِالْوَعْدِ 𪹣 لَكِنَّنِي غَالِبًا بَيْنَ حَفِيفِ الْحُلُمِ الَّذِي لَا يُحْصَى 𪹤 أَسْتَمِعُ إِلَى فُسْتَانِ أَمِيرَةٍ يَنْزَلِقُ نَحْوَ اللُّوتَسِ 𪹥 لَقَدْ حَوَّلَتْ تِلْكَ الْخُطُوَاتُ الَّتِي وَطَأَتْ بِالْفِعْلِ مُنْحَدَرَ الْخُرُوجِ 𪹦 الْإِبَادَةُ السَّوْدَاءُ وَالْعَلَامَاتُ الدَّمَوِيَّةُ عَلَى الْأَبْوَابِ 𪹧 وَخَنْدَقُ اللُّغَةِ فِي الْبَحْرِ مِثْلُ عَاصِفَةٍ مِنَ الرِّيحِ عَبْرَ الْفَخِّ 𪹨 على الرمال — والقرون؟ — الراعي الوحيد يدفعهم؟ أشفق... ولكن الخوف يتربص بي، أود أن أكون، أو أكون؟، على مقدمة سفينة — سوداء؟ مهجورة؟ — تستريح جبهتي إلى السماء السوداء، ترسم أصابعي إشارة — ما بين اللمس والغياب — ألمس خدك الرائع يا شمس، يا حزن الموتى. رفاقك في الاحتفال — يرسمون طقوسًا، أم يرسمون إنكار؟ — لإنكار فقر العالم، حياتك الضائعة — هل هي ضائعة؟ — بالقرب من السماء المتجمدة أفكر فيها، تنام في ظل حبك الأخرق، أرى الشجرة والمزرعة، وسعادة الطفولة الطويلة، وديان القرية — خلف السلاسل النائمة — والثلج، استمع إلى الطائر في قلبك، متشابكًا مع أغصان علامة الهاوية. هذا الرجل أمام البحر، الذي لم يعد يراه، هل ستسميه سعيدًا؟ هل سعيدًا هو؟ مثل رجل من زمن الآلهة، الذي سيتلاشى في ليله، شمس الدم تُقدّم قربانًا، مصيري يقول: الضحية طائر حي من سحر العالم الأبدي، فتات الوجود لا تكفي لإعمار الطائر، بصراخه، تحت الجدران البيضاء لطروادة، ينتظره منافسه، ما الذي يهم في الماضي؟ الآن. في خزائن حديدية — على عجلات صرير — يجلبون لكبار السن الحساء الذي تفوح منه رائحة الملفوف، يرفع الأبطال المثقلون أرجلهم الضعيفة واحدًا تلو الآخر، العالم مسرح حزين في أركان الريح الأربعة، من الفناء تسمع المطابخ ولعناتها، في الحديقة تنمو شجرة وحيدة، سرقنا منها الفاكهة ذات يوم. ننسى الشر — هل ننسى؟ — وهروبنا على الطريق حيث كدمت أقدامنا، نصرخ أحيانًا لأولئك الذين سبقونا، سئمنا الأكاديميات التكعيبية والمستقبلية، مختبرات الأفكار الشكلية، هل نصنع الفن لكسب المال ومداعبة البرجوازيين الطيبين؟ إلغاء الأنبياء، إلغاء المستقبل، إيمان مطلق لا يقبل الجدل بكل إله، تشتعل سماء الأنبياء بعرفك، يا براق الرغبة، أجنحتك المزرقة بالجرأة تعكس عين الموت. تسحب الريح جسد حزني الدموي في الغبار، دعوني أصبح بالكامل هذا الظل على اللمعان الباطل، ومن بين الانهيار للدروع على الحصى، أعيدوا صوتي إلى التفاعيل، من الرغوة إلى صرخات الطيور.
ديكورات الشعر الأخت التي تنام تحت جلدك الشعر الغضب على أحلى الأشياء الشعر الشغب في قاع الحنان الشعر رفضك للمملكة المرئية الشعر السم الذي يحقنك بالشك الشعر الحديقة حيث الأشجار مجنونة الشعر درسك لعدم تعلم أي شيء أكثر الشعر عودتك إلى المحيط الأصلي الشعر سعادتك في أن تكون شخصا آخر غير نفسك لقد قادت القصيدةُ السابقةُ سيّارتَها طوال الليل، مجنونةً بالدماء، ثملةً بالضجيج... هذه هي القصيدة. إنها إشارةُ ذراعي العملاق.
السماءُ الإسفنجيةُ الزرقاءُ تحتوي تماثيلَ نصفيةً، تمثالٌ جلده يُظلِّل عجلةً حجريةً لشجرةِ مصباحٍ لا يتغيّر، شجرةٌ تجددت آلافَ المرات في صواعقها. وجهٌ مُحطَّم، الوجهُ المحطم. أغمضت أزهارُ الليلكِ عيونَها، وتمدّدت أشجارُ البلوطِ بأذرعها السوداء نحو المساراتِ الغامضة.
رغبتُنا في جسدِك الضعيف، أخيرًا، دخلتَ إلى منزلِك المحترق، وكسرتَ الخبزَ الذي يتدفّق فيه الماءُ البعيد. اندلع الحريقُ، وأبحرت أعنفُ سفينةٍ إلى الميناء.
لمحو الوجهِ العاري الذي يرتفع في الرخام، لتحطيم كلِّ الأشكال، المكعّبِ في صِياغته النهائية، منحدرُ النسيان، ذلك الثقبُ الكبير الذي تولدُ منه النار، وترتفع، وتبدأ من جديد.
أبطئ خطواتِك قليلًا: كلبي، الذي تعب من الجري، لكي يُطفئ عطشَه، يبحث عن نبعِك الحي، وليس لكي يَقضم قدميك الهاربتين بسرعة. متقطع.
المنبوذون ممنوعون من النُّزُل والمطابخ والمكاتب، والغباءُ المتناقض هو ما يظلم الآلهةَ الجاهلةَ بالحسد، الآلهةُ التي صُوِّرت في المرايا الأخيرة. من نَدَّدَ بالقارض في رأس الأحمق، فصلَ المناظرَ الطبيعيةَ عنّي.
لكنّ أصداءهم السامة عادت مرةً أخرى، وقد مات الضجيجُ في الفضاء، "خيانةُ سلالاته من الآلهةِ المُحتضِرة". ذلك الذي يرسم جبينَ الآلهةِ بالغيرة.
هل كانت هذه البَلوطةُ الرماديةُ، ذاتُ الجبينِ الهندسيِّ المُنتفخ، تعلم ذلك؟ ماذا تعرف عن قيامةِ الأبله؟ خلف السياجِ المتقاطعِ من تجاعيدهِ القديمة، ماذا تعرف عن هذا المحتالِ الاحتيالي؟ من الذي سرق الجرارَ الجديدة من السماء؟
أُعلِّقُ مديحَك لأُغنِّي لمدينةٍ يتلاشى فيها الضبابُ كثوبٍ على ظهورِ المنازل. تعلَّق طيرانُ محاريثِكم، أيها الفلاحون، وتُجعل ثيرانُكم أكثرَ كسلًا، وهي التي تجعل بخارَ الوجباتِ العطريةِ يتصاعد في هدوءِ الشوارع، ويرتفع وضوحُه في عيونِ الأطفالِ والأمهات عندما يُلقى اسمُه على الطاولات. آباءُ التاريخِ، صراصيرُ الماضي، رجلُ التكاثرِ سأقتلُهُ، معلّقًا برحلةِ النورسِ المجنونِ الذي يقسمُ الثلجَ إلى ثمارِ السحبِ بسيوفِه الريشية.
في الحكايةِ، لم يعد الدبُّ سوى شخصيةٍ أبٍ.
أقدامٌ هل أهملت الشمعَ الإلهيَّ المخصصَ للمشاعلِ، وليست تلك القطعةَ الصغيرةَ من الخشبِ التي تقدّمُ نفسها كغذاءٍ للنارِ الوحيدة؟
لم أعد رسامًا استعراضيًا، ولكن هل كان من الضروري أن أصبح طباخًا للبلاغة، التي تسيء إلى الكلامِ بتزيين الصفحة بالزهور والتوابل؟
تشتعل نيرانُ الكيمياءِ الملتهمةُ، ضبابٌ دراسيّ، حيث تتخلص الأجسادُ من أشكالها الظاهرة،
العناصرُ التي شكّلتها وحدها هي التي تُخفى عن النارِ التي تُحرقها.
شقّت التجربةُ الفاعلة طريقًا طويلًا نحو العلم بفضل جهودها،
وعاد التفكيرُ مستنيرًا بالحقائق إلى السبب برؤية النتائج.
في كل مكان امتدت فيه إمبراطوريته الصارمة، نظّم حتى فنَّ التفكير والكتابة.
العقلُ، طفلُ السماواتِ، نفسٌ غامضٌ ومتحرك، نارٌ لامعةٌ وخفيفة، لهبٌ سريعٌ ودقيق،
تحت وطأة الأعمال الجليدية، أُجبر على التصلّب، ورأى أجمل تألّقٍ له ينطفئ ويظلم.
ومنذ ذلك الحين، جعل مواهبنا أكثر صعوبة، وأخضعها لبلغمه الهادئ،
وقد استبدل بطريقة التغيير السريع الغريزة والفنَّ بالشعور. لقد كنا نعيشُ حياةً جحيمية، ابتلعها الظلُّ الدمويُّ للمصفوفةِ الأولى. في المحيط السماوي، ستكونُ رقمًا من الحبِّ، بيضةً غير مخصَّبة. قطعَ الفأسُ الأبيضُ الأغلالَ، وارتفعت ذراعاه إلى السماء مثلَ العيون. أركلُ مصابيحَ الشوارع أمام بيوتِ الدعارة، كلما ظهرتْ لي سيّدتي في المنام.
لا يُقارنُ ذلك بالهذيان الكاملِ عندَ اختراقِ شعرةٍ من حلمةِ أيّ امرأةٍ قبيحةٍ لمسامي. أؤكّدُ لك: إنها الحقيقة، بكلِّ قسوتِها. وجدتُك مخيطًا على ظهرِ الفراغ، الذي بحثتُ عنه طويلًا في ذاكرتي. خرجتُ من الطفولة، مسلّحًا بنظرك ويديك، معك. لم نكنْ معًا أبدًا، ولم نفترقْ أبدًا.
في تجويفِ عينيك، جزيرةٌ من نارٍ تخلّيتُ فيها عن نفسي، وانزلقتُ إلى الظلّ السائل. انقضى الزمنُ كهسهسةٍ خفيفة، كسيفِ هواءٍ على الجلد، كوعدٍ نُسي قبل أن يُقال. تمرّ في الأعلى سفنٌ مظلمةٌ تائهة، دون أن تُلقي مرساها، دون أن تترك أثرًا على اللازورديّ الباهت. صمتتْ الأصوات، وارتفعَ الضباب، تاركًا وراءه منازلَ وأشجارًا وصخورًا.
كلّ الدخان أرضٌ غير موعودة. يتحوّلُ حليبك إلى مرٍّ للأفواه. يُخبرُ حمارٌ أخيرُ الملاكَ، ويتذكّرُ خيامَ يعقوب.
في مكانٍ آخر، الأيدي تفحصك، والعيونُ أيضًا، على مرّ القرون. في الحديقة، تُحصى الحجارة، تُعدّ السنوات. السماءُ محصورةٌ في بئرٍ، أو نافورة. ستارةٌ من النجوم لك.
ما هذا المسرح؟ من ماءٍ، من ضوءٍ، من رمال؟
لمن هذا المسرح؟ ليس للنظرةِ التي أخترعها، والتي تصلُ إليّ من سمتِ السماء أو ضواحيها. ليس للشمس، التي أحلمُ باستضافتِها.
عندما ندخلُ إلى المعبد المهجور، سنكون معًا مركزَ هذا المكان. لو كان من أجل هذا الذي في داخلي، يرفضني. من أجل هذا، الذي ستُدمّرني إهانتُه، القادمةُ مني.
بسمِ اللغةِ التي جعلتِ العالمَ ممكنًا. شكرًا للعالمِ الذي جعلَ اللغةَ ممكنة، وشكرًا متماثلًا للغةِ التي جعلتِ العالمَ ممكنًا. شكرًا للمحوِ الذي يمنحُ اللغةَ بطأَها، وتعقيدَها، ونورَها، وتردُّدَها، وصيرورتَها، وعرجَها، ورسوخَها في العالم، وبريقَها. شكرًا للنظرياتِ التي لن تتوقّفَ أبدًا عن إعادةِ تزيينِ الكون. شكرًا للمفاهيمِ التي تُقرأُ في السماءِ، شكرًا لعلمِ الفلكِ لدمجهِ الشعر، وشكرًا للشعرِ الذي يدمجُ علمَ الفلك. شكرًا للشعرِ المهتمِّ بكلِّ شيءٍ وباللاشيءِ، وحتى بالنملِ في حديقتي. شكرًا لعلمِ الفلك، حتى لو لم يكن مهتمًّا بمخلوقاتِ حديقتي. شكرًا لعقلي، حتى وإن تركني كثيرًا وحدي.
في مدنِ أوروبا، صرخَ المختلّون عقليًّا، وجرَّ الصيّادون الصغارُ فرائسَهم بعيدًا. سقطَ ضوءُ القمرِ كالمسحوق، فغطّى المدن، أبيضَ كهمهمةِ الأنظمةِ الشمسيّة، كهمهمةِ الكلام.
يصبحُ الهيكلُ العظميُّ صخرًا زيتيًّا، يتحوّلُ إلى الظلام، يتحوّلُ إلى ضوء، ينمو إلى كُتلٍ وأنياب، إلى ذروةِ الإفراز، بألوانِ الحجرِ الرمليِّ، والتوتِ، والإيدز.
تصبحُ الأمواجُ الواردةُ، والصادرةُ، والعاليةُ جسدًا، تنمو النباتاتُ، والبكتيريا، والأحماض، والرملُ تحت الجلد. الشخصُ الذي يأتي هو الموتُ دائمًا.
ملابسُك الداخليّةُ ملطّخة، وأصابعُ قدميك متّسخة، لسانُك ثخينٌ كذراعِ امرأةٍ لا تحبُّها، خنزيرةٌ مسكينةٌ تحتضرُ في الفناء.
أغمضْ عينيك عن أزرارِ أكمامِها، أغمضْ عينيكَ يا حبيبي، لا تُصدّقني عندما أقولُ إنك قصيدةٌ جزيئيّة، قطرةٌ في البحر.
البحرُ لا يفرغُ أبدًا. إن أتيتَ فتعالَ، وإن ذهبتَ فاذهبْ، لا تذهبْ، تعالَ إلى هنا. أريدُ أن أسافرَ على مكواةٍ باردة، على مقعدٍ هشّ.
شكرًا للورقِ لانفتاحِه على الفضاء، وشكرًا للفضاءِ لدمجهِ الورق.
المغرب / الرباط 2009
#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسائل من زوجتي
-
تمارينُ لمحوِ آثارِ الكتابةِ السابقة: المستدركاتُ العشرُ على
...
-
تمارين لمحو آثار الكتابة السابقة المستدركات العشرة على -الكت
...
-
الكتابة المتخفّية في مختبرات جاك دريدا
-
الكتابة المتخفية في مختبرات جاك ديريدا تمارين لمحو الكتابة
-
الهوامش: جسد النص الآخر — البحث عن جاك دريدا
-
الكتابة المتخفية في مختبرات جاك ديريدا
-
منامات شوقي أبي شقرا – 5
-
منامات شوقي ابي شقرا -4
-
مَنَامَاتُ شَوْقِي أَبِي شَقْرَا – 3
-
مستدركُ الثّاني على مناماتِ شوقي أبي شقرا — 3
-
منامات شوقي أبي شقرا 2
-
منامات شوقي أبي شقرا 3
-
منامات شوقي أبي شقرا
-
حوارات فكرية مع أميمة
-
السيرة الذاتية للكتابة
-
البحث عن صلاح ستيتية 2
-
البحث عن صلاح ستيتية
-
اللاشكل في العرض المسرحي
-
حُطام المجد الأول
المزيد.....
-
أكثر 10 لغات انتشارا في العالم بعام 2025.. ما ترتيب اللغة ال
...
-
مشروع قانون فرنسي لتسريع إعادة منهوبات الحقبة الاستعمارية
-
خلال سطو مسلح على شقتها.. مقتل الفنانة ديالا الوادي بدمشق
-
فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا
...
-
مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا
-
فيلم -جمعة أغرب-.. محاولة ليندسي لوهان لإعادة تعريف ذاتها
-
جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط
...
-
عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل
...
-
الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة
...
-
رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت
...
المزيد.....
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
المزيد.....
|