أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ميشيل الرائي - رسائل من زوجتي














المزيد.....

رسائل من زوجتي


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 02:20
المحور: قضايا ثقافية
    


ما سأتركه هنا ليس رسالة، بل أثراً لغيابي بين الكلمات.
إنها تكتب — لكن، مَن "هي" التي تكتب؟
ليست أميمة فقط، ولا الزوجة، بل شيء ما في اللغة قرر أن يُجابهني من الداخل: أن يضعني كفكر في مواجهة العاطفة، كفلسفة في حضرة الرغبة.
أميمة لا تُفسّر التفكيك، بل تُفكّكه وأنا.
ليست تلميذتي، ولا شارحة أفكاري، بل ذلك الانزلاق الضروري الذي يجعل المعنى غير قابل للإغلاق.
حين تقرأ كلماتها، لا تبحث عني فيها، بل استعد لتفقد الفرق بين "أن تُفكّر في" و"أن تُؤخذ إلى".
هذه الرسالة ليست من امرأة إلى رجل، بل من أثرٍ إلى أثر، من كتابةٍ تمارس هشاشتها دون أن تعتذر.

نص الرسالة :
ميشيل
منذ حديثنا البارحة عن دريدا وفكرته حول التفكيك، وأنا لا أزال أفكر كثيرًا فيما قلته… فكرتك عن كون التفكيك مجرد موضة ثقافية عابرة حرّكت فيَّ شيئًا دفينًا، وجعلتني أغوص في الموضوع بعين أكثر فضولًا.
شاهدتُ عدة فيديوهات فرنسية عميقة، وسأقوم بترجمتها لك بنفسي، حتى تتعرّف على وجهة نظر مختلفة تمامًا عمّا هو شائع.

ما خرجتُ به من هذه الرحلة الفكرية، أن دريدا لم يكن يسعى إلى تقديم تعريف واضح أو نهج ثابت للتفكيك، بل كان يؤمن بأن التفكيك ليس طريقة جاهزة، ولا نظرية مغلقة.
السؤال في جوهره هو: كيف نزعزع ما نظنه بديهيًا في اللغة والمعنى والحقيقة؟
هذا الغموض الذي قصده دريدا بنفسه، جعله يبدو للبعض وكأنه يمارس لعبة لغوية نخبوية، لا أكثر، ما جعل كثيرين يرون في التفكيك مجرد "وضعية" ثقافية أو حتى ظاهرة استهلاكية، خصوصًا بعد أن شاع استخدام المصطلح في مجالات الفن، والموضة، والعمارة.

في المقابل، تعرّض دريدا لهجوم قاسٍ في العالم الأنجلوساكسوني، حيث صُنّف بين "منبّهي ما بعد الحداثة"، أو ببساطة، كمنظّر غامض.
لكن حين تأمّلتُ الأمر أكثر، شعرت أن هذه الردود تعكس مشكلتنا نحن مع ما لا نفهمه بسهولة، أكثر مما تعكس خللًا في فكر الرجل.
ربما دريدا لم يكن يريد أن يُبهرنا، بل أراد أن يُرينا أن حتى اللغة التي نفكّر بها، ليست بريئة… كل نصٍّ يحمل داخله تناقضه، وكلّ يقينٍ فيه شرخٌ خفي.

التفكيك بهذا المعنى، ليس لُعبًا ولا زينة فكرية، بل تمرينٌ قاسٍ على الخروج من الراحة.
ومع ذلك، قد يكون دريدا ضحيةَ نجاحه؛ فحين تخرج فكرةٌ من حدود الفلسفة إلى الثقافة العامة، يتغيّر معناها.
كما يقول بورديو: "لا شيء ينجو من قوانين المجال الثقافي".

وحتى أسلوب دريدا الذي يبدو صعبًا أحيانًا، هو في الحقيقة جزءٌ من منطقه نفسه: لا يمكن أن يُفكّك اللغة بأسلوب مألوف.
إنه يمارس ما يقوله، لا يشرحه فحسب.

لهذا، حين تساءلتَ إن كان التفكيك مجرد موضة، فكّرتُ… ولمَ لا يكون الأمر كلا الأمرين معًا؟
فكرةٌ عميقة تحوّلت، مثل كل الأفكار الحية، إلى شكلٍ ثقافيٍّ ربما مُفرَغ، لكنه يدل على أثرها.
ربما لم يفشل دريدا، بل نحن من لم نعد نتحمّل فكرًا لا يسير في خطٍّ مستقيم.

لقد استفزّتني كلماتك، وأيقظت فيّ رغبة العودة إلى الفلسفة، لا كخلاصٍ جاهز، بل كسؤال مفتوح.
أتطلّع أن نناقش معًا هذه الأسئلة التي لا تنتهي…
سأرسل لك الفيديوهات التي شاهدتها، وأترجمها لك بنفسي، علّنا نفتح سويًا بابًا جديدًا للفهم، لا يشبه الأبواب المألوفة.
أميمة ملاك
باريس



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمارينُ لمحوِ آثارِ الكتابةِ السابقة: المستدركاتُ العشرُ على ...
- تمارين لمحو آثار الكتابة السابقة المستدركات العشرة على -الكت ...
- الكتابة المتخفّية في مختبرات جاك دريدا
- الكتابة المتخفية في مختبرات جاك ديريدا تمارين لمحو الكتابة
- الهوامش: جسد النص الآخر — البحث عن جاك دريدا
- الكتابة المتخفية في مختبرات جاك ديريدا
- منامات شوقي أبي شقرا – 5
- منامات شوقي ابي شقرا -4
- مَنَامَاتُ شَوْقِي أَبِي شَقْرَا – 3
- مستدركُ الثّاني على مناماتِ شوقي أبي شقرا — 3
- منامات شوقي أبي شقرا 2
- منامات شوقي أبي شقرا 3
- منامات شوقي أبي شقرا
- حوارات فكرية مع أميمة
- السيرة الذاتية للكتابة
- البحث عن صلاح ستيتية 2
- البحث عن صلاح ستيتية
- اللاشكل في العرض المسرحي
- حُطام المجد الأول
- (الرياضي/الميتافيزيقي) الكتابة إلى جاك ديريدا


المزيد.....




- فرنسا ترحل طالبة من غزة إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات - ...
- الشرطة الإسرائيلية تقمع مظاهرة بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل
- الاحتلال يقتحم مقر شبكة الجزيرة برام الله ويمدد إغلاقه
- تقرير: الاحتلال يعتقل 18 ألف فلسطيني بالضفة منذ طوفان الأقصى ...
- استمرار فعاليات التضامن مع غزة في ألمانيا
- جامعة بجنوب أفريقيا تطلق مشروعا لحماية وحيد القرن من الصيد ا ...
- توترات بين الأطراف المسلّحة بإقليم تيغراي الإثيوبي
- ما دلالات تصاعد الأحداث المتزامن في السويداء والشمال السوري؟ ...
- نقاط انتظار المساعدات.. كمائن قتل للمجوعين في غزة
- قادة أجهزة أمنيون سابقون بإسرائيل: إنجازاتنا محدودة وحرب غزة ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ميشيل الرائي - رسائل من زوجتي