أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض سعد - الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواطنة الجامعة














المزيد.....

الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواطنة الجامعة


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 21:30
المحور: قضايا ثقافية
    


في خضم فوضى الطوائف وتناحر القوميات، ووسط الضجيج الممنهج الذي يُراد له أن يُغطي على جوهر الهوية العراقية الاصيلة ، يبرز مشروع "الأمة العراقية" ليس كشعارٍ يتردد في المحافل، ولا كحالة حنين طوباوي للماضي، بل كضرورة وجودية لإنقاذ العراقي من مستنقعات التبعثر وفخاخ التمزيق الممنهج ودياجير التناحر الطائفي والعرقي والقومي ... ؛ إنه نداء العقل والضمير معًا، في زمنٍ يعيش فيه العراقي حائرًا بين ماضٍ محرّف، وواقعٍ محترق، ومستقبلٍ مغيّب عمداً.
العراق اليوم لا يعاني من أزمة موارد، بل من أزمة وعي، أزمة في تعريف الذات وفي تأصيل الانتماء الوطني ... ؛ فالهويات الفرعية بل والثقافات الهجينة والدخيلة قد تحولت إلى أديان بديلة: الطائفة، القومية، العشيرة، المنطقة، واللهجة ... الخ ؛ والتي لم تكن يوماً سوى هويات فرعية تنصهر في بوتقة العراق العظيم .
من هنا، لا يمكن لأي مشروع وطني حقيقي أن يُبنى دون إعادة تعريف الانتماء الوطني وفرز الدخيل عن الاصيل ... ؛ وهذا ليس دور الساسة وحدهم، بل هي مسؤولية النخب المثقفة : الكتاب، المفكرين، الباحثين، الناشطين، وكل من لا يزال في صدره نفس عراقي ينبض... ؛ فالوطنية ليست نزهة فكرية، ولا خطابًا عاطفيًا، بل موقف تاريخي وأخلاقي لا يقبل الحياد ولا التسويف.
علينا أن نُقرّ، بشجاعة لا مواربة فيها، أن هناك من يسعى جاهدًا لإعادة إنتاج الماضي الأسود، وتلميع الطغاة، وتبرير المجازر، وتسويق الرموز الخائنة بلباس "أكاديمي"، تحت عنوان "إعادة القراءة" أو "الحياد التاريخي"... ؛ لكن القراءة الحقيقية للتاريخ لا تعني تبرئة السفاحين، بل مساءلتهم... ؛ و لا تعني التغني بخطبهم، بل كشف جرائمهم... ؛ و لا تعني اجترار أناشيدهم، بل إنصاف ضحاياهم.
الحياد في قضايا الحق والباطل، ليس عدالة، بل خيانة... ؛ والتاريخ الذي لا يُسائل الجلاد، يتحول إلى منصة لإعادة تسويقه... ؛ وهنا، يكمن دور الكاتب والمثقف الوطني الحقيقي: أن يكتب لا ليمجّد، بل ليُحاسب، لا ليُنافق، بل ليُحرر الوعي من أسر الزيف.
من هذا المنطلق، أطلقت مشروع "الهوية العراقية" كما تبناه قبلي البعض كالأستاذ سليم مطر وغيره ، لا كترف لغوي، بل كفلسفة بديلة، ومصالحة حضارية مع الذات، تقوم على منطق "أنا عراقي، إذن أنا موجود"... ؛ لا هوية ضد أحد، ولا إلغاء لأحد، بل هوية عابرة للطائفة، متجاوزة للقومية، متعالية على المنطقة والفئة واللهجة والانتماء الحزبي... ؛ هوية لا تبدأ من الكراهية، بل من الإيمان بأن الإنسان العراقي، أيًّا كان، يستحق الكرامة والعدالة والحرية.
لا يمكن للوطن أن ينهض ما لم نُعد تصفية الحساب مع أنفسنا أولاً، لا مع الآخر... ؛ فالاعتراف بالذنب الوطني، سواء كان خيانة أو تواطؤًا أو صمتًا، هو أول أبواب التوبة الجماعية... ؛ فمن لا يُكرم وطنه، لا يُكرم نفسه، ومن يسخر من ماضي بلاده، يسخر من وجوده هو، ويصير ضحية للاغتراب عن الذات والتاريخ.
لقد آن أوان تفكيك منظومة التخلف التي حكمتنا لعقود بل قرون طويلة ، وأولها منظومة الفكر الطائفي والقبلي والانفعالي... ؛ ولا يتم هذا التفكيك إلا ببناء بديل فكري ــ أخلاقي ــ معرفي، يقوم على:
*العقل بدل العاطفة
*العلم بدل الخرافة
*العدالة بدل الثأر
*المواطنة بدل المحاصصة
*الهوية العراقية بدل الانتماءات المستعارة
نحن لسنا أبناء الطارئين على الجغرافيا والتاريخ، بل أبناء حضارة وادي الرافدين، أحفاد سومر وبابل وآشور والوركاء وأور وممالك ميسان والحضر والحيرة... ؛ نحن أبناء علي بن أبي طالب، وأبي حنيفة النعمان النبطي، وأحمد الرفاعي الجنوبي ، لا عبيد مشاريع الطغيان الطائفي ولا اذناب التبعية الخارجية ولا بيادق لعبة الأمم.
فكيف نقبل، نحن أحفاد سبعة آلاف عام من الكتابة والفقه والقانون والحكمة، أن نُساق مثل قطعان تتقاتل على حدود العشيرة أو المذهب أو القومية؟!
كيف نرضى أن تتحول الذاكرة العراقية من سجل حضاري إلى ساحة لتصفية الحسابات الطائفية والسياسية؟!
إن مشروع الأمة العراقية هو الكفاح الأكبر في عصر ما بعد الاحتلال والطائفية؛ كفاح ضد التجهيل، ضد الاستلاب، ضد تصفية العقل، ضد إعادة تصنيع الجلاد بأسماء جديدة... ؛ وهو كفاح لا يربحه من يجيد الهتاف، بل من يملك الشجاعة أن يواجه نفسه، وأن يغيّر لغته، وأن يتحرر من انتماءاته الموروثة لصالح انتماءٍ اختياريٍّ وحر: الانتماء للعراق.
فليكن هذا المشروع نداءً مفتوحًا لكل من بقي عراقيًا رغم الطعنات: ضع قلبك قبل طائفتك، وضع ضميرك قبل أيديولوجيتك، وانهض بعراقك كما تنهض الأمم الكبرى من سباتها...
فلنكتب لا لكي نحيا فقط، بل لكي نحمي ذاكرة وهوية وطن تكالبت عليها الاعداء من كل حدب وصوب .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدوافع السياسية والأمنية وراء إصرار الولايات المتحدة وحلفائ ...
- الدوني العائد من خرائب الشام : التهديد السوري والخذلان العرا ...
- السلطات الحكومية والشخصيات السياسية العراقية بين الاقنعة وال ...
- الساكن في الغرفة السابعة و الاخيرة
- من يطارد الفقراء؟ دولة بلا بدائل و-شفل- بلا رحمة
- عقدة اللااتفاق العراقي: بين شتات الهوية العراقية وبوصلة الوط ...
- عقدة الدونية في الوعي الجمعي الشيعي العراقي: تحليل نفسي- اجت ...
- الإزاحة بدل الإعانة: قراءة نقدية في سياسة الهدم الحكومية دون ...
- مرآة الله المكسورة : ياسر بين الشهوة المتفجرة والتوبة المتكر ...
- الولاء الوطني: بين الانتماء الجوهري والانسلاخ المشبوه
- الاحتلال الناعم والهيمنة الغربية في العراق : من الاستعمار ال ...
- الاحتلال البريطاني وتأسيس منظومة النفوذ
- سائقٌ بالصدفة... ورفيقُ الغبن
- إزالة التجاوزات... حين تتقن الدولة قهر شعبها !
- فلول الطائفية والدونية والبعث: خيانةٌ متجددة ومواجهةٌ لا بدّ ...
- الضفاف لا تُغوي... لكن السفن لا تُقاوم
- النكبة المستدامة : التغول التكفيري و الطائفية السنيّة كأداة ...
- مقولة وتعليق / 60 / علة الحب و نبض القلب
- أطياف اللقاء في مملكة الظل
- دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الج ...


المزيد.....




- بأزياء مستوحاة من تايلور سويفت.. أمّ أمريكية توثّق مراحل نمو ...
- مصر.. ماذا نعلم عن كارثة حادث طريق الكريمات والضحايا وتعليق ...
- كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟
- قمة بين ترامب وبوتين في ألاسكا.. وموسكو تشترط اعترافًا بالمن ...
- ترامب يفرض غرامة بمليار دولار على جامعة كاليفورنيا على خلفية ...
- أيرلندا تعتزم حظر الاستيراد من المستوطنات الإسرائيلية
- الموسم الثاني من -وينزداي-.. مغامرات جديدة وشرير أقل خطورة
- قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يعارضون خطة احتلال غزة ويحذ ...
- اندلاع حريق بمسجد قرطبة التاريخي في إسبانيا
- استشهاد 7 فلسطينيين باستهداف الاحتلال وسط قطاع غزة


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض سعد - الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواطنة الجامعة