أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - إزالة التجاوزات... حين تتقن الدولة قهر شعبها !














المزيد.....

إزالة التجاوزات... حين تتقن الدولة قهر شعبها !


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 08:40
المحور: الصحافة والاعلام
    


في كل موسم انتخابي، تتجدد المسرحية السوداء ذاتها :تنهض أمانة بغداد والدوائر البلدية في المحافظات ، مدعومةً بفيالق من الجرافات والقوى الأمنية ... ؛ لتشنّ حملات "إزالة تجاوزات" تبدو ـ في مشهدها البصري والإعلامي ـ وكأنها معركة تحرير من عدو خارجي، لا عملية خدمية يفترض أن تُدار بروح القانون والرحمة.
الغريب بل والمخزي أن هذه الحملات لا تكتفي بالقسوة، بل يُروَّج لها عبر صفحات رسمية ومنصات إعلامية حكومية أو موالية، ترافقها أناشيد شعبوية، ومقاطع كوميدية، وتعليقات تهكمية، تُصور الفقراء وكأنهم "غزاة" أو "عملاء"، وتُظهر مشهد إزالة بيوت الطين والبلوك والخشب والسكراب وكأنها "نصر وطني" ضد احتلال اجنبي !
***مشاهد البؤس بلا مخرج
لا يمكن لعقل سليم أن يرى مشهد عجوز يتوسل باكياً أمام ( شفلات ) البلدية كي لا يُهدم سقف عمره، أو طفل يبحث في ركام بيتهم عن حقيبة مدرسته، ثم يعتبر ذلك "انتصاراً للمؤسسات الحكومية ".
مشاهد أليمة تتكرر: هذا ينهار بيته على رأس أطفاله ،وذاك يفقد دكانه الذي بناه قرشاً فوق قرش، وثالث يرى سنوات عمره تتحطم تحت عجلات الرافعات الحكومية... ؛ فيما المسؤول يُدخن سيجاره، ويصرّح بفخر: "أزلنا تجاوزاً جديداً"!
***أسئلة موجعة... بلا إجابة
ولعل السائل يسأل، والسؤال مشروع:
لماذا سمحت الحكومات العراقية طوال السنوات الماضية بالتجاوزات من الأصل؟
لماذا تم التساهل بل والتشجيع الضمني، بل والعلني أحياناً، عبر وعود انتخابية بتملّك هذه الأراضي والتجاوزات او غض الطرف عنها ؟
لماذا سمحت بعض الأحزاب والتيارات والفصائل ببيع الأراضي الزراعية أو المشاعات الحكومية للفقراء، بل وقبضت أموالاً طائلة لقاء ذلك؟
الأدهى أن المواطن، وبعد أن يبني ويؤثث ويستقر وينفق كل ما يملك، تأتيه الحكومة بنفسها لتهدم كل شيء دون سابق إنذار ولا تعويض، بل بزفّة إعلامية!
***الدولة التي تدفعك للجريمة ثم تعاقبك
نعم، الحكومة هي من دفعت المواطن دفعاً نحو "التجاوز"... ؛ عندما غابت مشاريع الإسكان، وعجزت الدولة عن تأمين السكن والعمل والرعاية... ؛ اضطر الناس للبحث عن أي مساحة يضعون عليها رأسهم، حتى لو كانت أرضاً زراعية أو مشاعة ...
لماذا لا تبدأ الدولة من رأس المشكلة لا من ذيلها؟
لماذا لا تُبادر بحل أزمة السكن الخانقة، عبر بناء مجمعات سكنية واطئة الكلفة، وهي قادرة على ذلك؟
فلو بنت الدولة مليون وحدة سكنية بتكلفة 30 ألف دولار للوحدة السكنية ، لما تجاوزت الكلفة الإجمالية 30 مليار دولار — أي أقل مما يُهدر في عام واحد على الفساد والموازنات الكاذبة!
***البديل موجود... لكن الإرادة غائبة
كان يمكن للحكومات العراقية، لو أرادت، أن توزّع أراضي مخدومة للمتجاوزين، بدل تركهم ضحايا للابتزاز والمضاربات والتشريد... ؛ كان يمكن أن تُقرّ برامج تقسيط طويلة الأمد لبناء الوحدات السكنية للفقراء، بدل الزحف على أحيائهم كأنهم حشرات يجب إبادتها.
ولكن يبدو أن في الأمر "ما وراءه"... ؛ فهل هي فقط عشوائية في القرارات وارتجالية في الاجراءات واعتباطية في السياسات ؟
أم أن الأمر أعمق من ذلك — أجندة خارجية واستكبارية لزعزعة ما تبقى من الطبقات الفقيرة، وتجريدها من آخر ما تملك، كي تبقى طيعة ذليلة تحت قبضة الطائفة والحزب ؟
***من التجاوز إلى الانفجار
إن الدولة التي تُجبر المواطن على أن "يتجاوز" كي يعيش، ثم تعاقبه على تجاوزه، لا تبني شرعية، بل تصنع قنبلة اجتماعية... ؛ فالفقراء الذين خسروا كل شيء — أرضهم، بيتهم، مالهم، كرامتهم , دكانهم , محل رزقهم — سيتحولون عاجلاً أم آجلاً إلى طوفان غضب... ؛ فلا شيء أكثر خطورة من إنسان مسحوق، منكوب، بلا بيت، بلا أمل، بلا عمل , بلا وطن...؛ تجاوز بيته فهدمته الدولة...؛ تجاوز صمته، فانتقم منه الإعلام...؛ فمتى سيتجاوز صبره؟
*** وأخيراً...؛ هل هذه هي الدولة؟
هل هذا هو "الوعي الحكومي" الذي طالما تشدق به الساسة؟
أم أن القوم مأمورون، كما قال محمود المشهداني، بـ"التفليش والتدمير والتخريب"؟
وهل ما يحدث هو فعلاً تطبيق للقانون، أم نوع آخر من الهندسة الاجتماعية العكسية التي تهدف إلى سحق ما تبقى من الإنسان العراقي؟



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلول الطائفية والدونية والبعث: خيانةٌ متجددة ومواجهةٌ لا بدّ ...
- الضفاف لا تُغوي... لكن السفن لا تُقاوم
- النكبة المستدامة : التغول التكفيري و الطائفية السنيّة كأداة ...
- مقولة وتعليق / 60 / علة الحب و نبض القلب
- أطياف اللقاء في مملكة الظل
- دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الج ...
- الفلول الارهابية والعصابات الاجنبية على الأبواب: مخاطر الزحف ...
- دونية الاغلبية العراقية: خيانة الذات وتغذية مشاريع الأعداء
- الكتابة الملتزمة: بين ضريبة الكلمة والجهر بالحق وبناء الهوية ...
- الاحتلال الناعم ونهب الثروات بواجهات محلية .. العراق نموذجًا
- صرخة العقل العراقي : بين وجع الهوية والضياع وشرف المكاشفة وا ...
- تموز الحارق والكهرباء الغائبة: العراقي بين لهيب الصيف وغياب ...
- أحمد الجولاني: الوجه المحلّي لمشروع تكفيري اقليمي
- -الدوني... وين وجهك؟!- .. وجهك في قعر الخيانة، وذيلك في كف ا ...
- سياحة الموت.. التعتيم الحكومي وضحايا الارهاب السوري
- الضمير: الملاك الساقط أم الجلاد الخفي ؟ .. قراءة فلسفية ونفس ...
- الزمنُ حين يختبئ في جيب المعنى
- لا تطرق أبواب الماضي.. فإنها لا تفتح
- ندوب القدر وثارات الغدر
- فلسفة البساطة في زمن الازدحام النفسي


المزيد.....




- كاميرا توثق لحظات درامية لإنقاذ نزلاء فندق تلتهمه النيران في ...
- زين قطامي تنشر صورًا برفقة والدها من زفافها على سيليو صعب
- وفد سعودي يصل دمشق تمهيدًا لصفقات متوقعة بقيمة 4 مليارات دول ...
- وسط جدل واسع.. الأزهر يرجع حذف بيانه عن غزة لهذا السبب
- -يوم بدأت مصر رحلة السقوط-.. ساويرس يثير جدلًا بتعليق عن -23 ...
- مهرجان طعام وآخر فني يثيران الجدل في الأردن لتزامنهما مع -ال ...
- ألمانيا تفرج عن واحدة من أكبر صفقات التسليح لتركيا
- -أوقفوا الإبادة الجماعية-..محتجون يمنعون نزول سياح إسرائيليي ...
- هل تسلم قوات سوريا الديمقراطية سلاحها لسلطات دمشق؟
- دراسة تثير الفزع.. شباب أوروبا يميلون نحو الحكم المستبد


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - إزالة التجاوزات... حين تتقن الدولة قهر شعبها !