أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - لا تطرق أبواب الماضي.. فإنها لا تفتح














المزيد.....

لا تطرق أبواب الماضي.. فإنها لا تفتح


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


إياك أن تعود إلى مواطن الفرح القديم، إلى تلك الزوايا التي خبأت فيها ضحكاتك الأولى، أو الأرصفة التي شهدت ارتباكك الأول أمام الحياة، أو البيوت التي تركت فيها بعضاً من دفء قلبك... ؛ فثمة خدعة ماهرة اسمها الحنين، تتواطأ فيها النفس مع الخيال، وتخونك بها الذاكرة، لتصوّر لك أن كل ما مضى كان أجمل، وأن العودة إليه ستحييك من جديد... ؛ لكن الحقيقة أكثر قسوة، وأكثر صدقاً أيضاً: ما غادرته لن يعود كما كان، ولا أنت الذي كنت.
إن الزمن لا يرحم؛ بل هو أشد الامور فتكا بالثوابت... ؛ فهو يعيد تشكيل الوجوه، ويعيد هندسة الأمكنة، ويقلب القلوب ويبدل الطباع ويغير ترتيب الأولويات... ؛ بالأمس كنت ذلك الصبي المفعم بالحياة، تضحك في حضن المدرسة، أو تتأمل أول حب من بعيد... ؛ أو تشارك الجنود في الجيش فتات الخبز والسهر، أما اليوم، فأنت تعود إلى نفس الدروب بعين مختلفة، بروح متعبة، محمّلة بالانتظارات والعقد والازمات لا الذكريات فحسب .
لا تنخدع ببريق الذكريات، فليس كل ما تتذكره حقيقة، وليس كل ما تشتهيه قابلاً للاستعادة... ؛ اذ إن المشاعر ذاتها تتغير كالأمواج، وما كان يثير فيك الحنين قد يوقظ فيك اليوم الخيبة أو الفقد أو الفتور... ؛ حتى الحجر قد يتآكل بفعل الريح والمطر بمرور الزمن ، فكيف بالأرواح والقلوب والوجوه؟
والأسوأ من ذلك أن الزمن قد يعقد حلفاً خفياً مع الأمكنة ضدك، فيحوّل ما كان لك ملاذاً إلى مصدر ألم، وما كنت تظنه مرفأ حنان إلى مكان لا يعرفك فيه أحد، ولا يحتفل بك أحد، ولا يشبهك فيه شيء... ؛ وقد تعود إلى البيت الذي ضحكت فيه كثيراً، فتجده خاوياً من الحياة، وقد تمرُّ بصديق قديم، فلا يذكرك إلا باسم مشوش أو ملامح منسية.
لا تلتفت إلى الوراء... ؛ و لا تعانق أطلالك، فالوقوف على أنقاض الماضي لا يعيد بناءه... ؛ والحنين الى الماضي أشبه بعطر قديم... , يشبه الذاكرة، لكنه لا يعيد الزمان ؛ فاحتفظ بعبق الذكرى الجميلة واللحظات السعيدة داخل قلبك، نعم، دعه وردةً في دفتر العمر، لكن لا تحاول قطافها من جديد؛ فإنك لن تجد إلا أشواك الغياب والتغير والتبدل ... ؛ فأجمل الذكريات هي تلك التي نحبسها في الذاكرة... , لا تلك التي نلاحقها في الخراب .
ثمة لذة خفية في المجهول، في التجدد، في خوض مغامرات لم تعشها بعد... ؛ فالعالم لا يزال يخفي عنك أماكن لم تدُسْها قدماك، ووجوها لم تصادفها عيناك، وأحاديث لم تولد بعد في شفاه الغرباء الذين سيصبحون أحبّاء.
اعلم أن سر السعادة الحقيقي لا يكمن في ترميم ما تكسّر، بل في بناء ما لم يُشيَّد بعد... ؛ فالسعادة ليست في الركض خلف صورة قديمة، بل في التقاط لحظة جديدة بروح حرة... ؛ فلا تجعل قلبك أسيراً لزمن مضى، بل اجعل من كل لحظة قادمة مشروع فرح جديد.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندوب القدر وثارات الغدر
- فلسفة البساطة في زمن الازدحام النفسي
- سطوة المال في عالم السياسة والانتخابات
- أعداء الداخل وتفكيك الخديعة: قراءة فكرية في الطائفية السياسي ...
- لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (5)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (3)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (2)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (1)
- العراق أولاً: الوطنية كميزان للعلاقات الخارجية والانتماء الح ...
- الهوية العراقية بين التعدد والتماسك
- الجولاني: عميل بصيغة -ثائر-.. من سجون الاحتلال إلى حضن الاست ...
- أنت لستَ فاهمًا، ولا أنا جاهلٌ
- معاداة الشيعة.. عقدة مستعصية و عداء بلا منطق و-إيران- مجرد ذ ...
- الهوية المستلبة : استغلال الاغلبية العراقية بين الطقوس الدين ...
- دور الأموال في تغيير القناعات وشراء الذمم : الانتخابات بين ا ...
- في زمن العبث والانكسار... حين يغدو الزيف قانوناً
- عصابات الجولاني في خدمة الاستكبار : من تواطؤ معلن إلى عدوان ...
- تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على ايران


المزيد.....




- سقوط الرواية الطائفية في جريمة زيدل بحمص.. ما الحقيقة؟
- منى زكي تعلّق على الآراء المتباينة حول الإعلان الترويجي لفيل ...
- ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
- المغرب : مهرجان مراكش الدولي للسينما يستهل فعالياته في نسخته ...
- تكريم مستحق لراوية المغربية في خامس أيام مهرجان مراكش
- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...
- النجمات يتألقن في حفل جوائز -جوثام- السينمائية بنيويورك
- الأدب الإريتري المكتوب بالعربية.. صوت منفي لاستعادة الوطن إب ...
- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - لا تطرق أبواب الماضي.. فإنها لا تفتح