أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق














المزيد.....

لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


في الأزمنة الرمادية والامكنة الملوثة، حين تتلبد الأرواح بغيوم الحقد وتضيق الأزقة بالحسد والعجز، يغدو النقاء خطرًا، والتميز جريمة، والضياء فتنةً توقظ الوحوش من سباتها... ؛ ففي مثل هذه البيئات المنهكة بالفقر، والمثقلة بالجهل، والمغطاة بغبار الخيبة والعفن، لا تُظهر معدنك، لا تفتح قلبك، لا تكشف عن روحك البيضاء في محيط لا يرى في النور إلا عدوًا يجب إطفاؤه.
إن العيش بين المأزومين نفسيًا، والمتآكلين أخلاقيًا، يشبه السباحة في مستنقع آسن؛ لا يجديك صفاؤك، بل قد يغدو لعنتك... ؛ هنا، التفاهة قيمة، والانحطاط شجاعة، والمبادئ ضعف، والصدق حماقة... ؛ إنهم لا يريدون أن يروا فيك ما ينقصهم، ولا أن يشعروا من خلالك بما يفضح عجزهم... ؛ و في هذا الجوّ المكهرب بالسلبية ، يكون التفكير المستقل وقول الحقيقة بمثابة تمرّد يستوجب القصاص.
■ حين تكون الفضيلة تهمة
في المجتمعات المنهارة، لا يُكافأ الخير، بل يُرجم، ولا يُحتفى بالعقل، بل يُقصى، ولا تُرحّب الروح الحرة، بل تُحاصر وتُسجن... ؛ تلك البيئات — التي تشبه قاعات الانتظار الطويلة للموت البطيء — تعيد إنتاج نفسها على هيئة قطيع : يخشى كل فردٍ فيه من أن يرى أحدهم أفقًا أبعد، أو يحمل حلمًا أنقى... ؛ و كل بادرة ضوء تُقرأ كإهانة جماعية، وكل طموح يُفسر كخيانة للقطيع .
فكن على حذر، لا ترفع راية صدقك بينهم، ولا تنشد الجمال في خرابهم، لا تبنِ قصرك وسط خرابهم، لأنهم سيهدمونه لا حسدًا فحسب، بل ليطمئنوا أنهم ليسوا وحدهم في القاع.
■ حيلة البقاء: الذكاء المقنّع
إذا كُتب عليك أن تمر عبر هذا الجحيم، فسر بينهم كأنك لا تبصر، تحدث كأنك لا تفهم، واصمت كأنك لا تملك ما يُقال... ؛ و تظاهر بالبلادة والسذاجة ، ولكن لا تنسَ أن تفكر بذكاء... ؛ فكن ثعلبا في التخطيط، وطفلاً في الواجهة... ؛ اخفِ قوتك، وابنِ استراتيجيتك بصمت.
اجعل تواضعك درعًا، لا ضعفًا، وصمتك دهاءً لا استسلامًا... ؛و كن كمن يزحف تحت الأرض، لا خوفًا بل ليصل إلى بر الأمان... ؛ نعم حافظ على نظافة قلبك، ولكن لا تتركه مكشوفًا... ؛ و قوي جسدك، عقلك، مواردك، ثم — حين يحين الوقت — ارحل عنهم دون التفات، وارفع علمك في أرض لا تجرّم الحلم ولا تجهض النجاح.
■ في المجتمع الحي: تُحتَرم لا تُستَهدف
هناك، حيث الأبواب تُفتح لمن يستحق، لا لمن ينافق؛ حيث تُقاس القيمة بالعقل والموهبة لا بالخضوع والسطحية؛ حيث القوة تُحترم لا تُخشى، هناك تزهر الأرواح وتتنفس الأحلام... ؛ ففي مثل هذا الوسط، تصبح جاذبيتك قوة، وذكاؤك رأس مال، وإنجازك سببًا للشراكة لا للعداء.
■ الختام: لا تُضيء في الظلام... إلا إن كنت نارًا لا تُطفأ
إن لم تكن مستعدًا للقتال، لا تُضيء... ؛ و لا ترفع رأسك في أرض تُقطع فيها الأعناق وترفع على الرماح بدلًا من رفع الرايات... ؛ و لا تُشعل شمعتك في العتمة ما لم تكن قادرًا على حمايتها من الريح، ولا تبنِ أحلامك فوق رماد الآخرين.
إذا أردت أن ترتقي، فابحث عن أرض لا تُغتال فيها الأحلام، ولا يُذبح فيها النبل على موائد الكراهية... ؛ فبعض البيئات لا تستحق النور، وبعض المعارك لا تخوضها إلا إذا كنت مستعدًا للنجاة من الحريق.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (5)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (3)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (2)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (1)
- العراق أولاً: الوطنية كميزان للعلاقات الخارجية والانتماء الح ...
- الهوية العراقية بين التعدد والتماسك
- الجولاني: عميل بصيغة -ثائر-.. من سجون الاحتلال إلى حضن الاست ...
- أنت لستَ فاهمًا، ولا أنا جاهلٌ
- معاداة الشيعة.. عقدة مستعصية و عداء بلا منطق و-إيران- مجرد ذ ...
- الهوية المستلبة : استغلال الاغلبية العراقية بين الطقوس الدين ...
- دور الأموال في تغيير القناعات وشراء الذمم : الانتخابات بين ا ...
- في زمن العبث والانكسار... حين يغدو الزيف قانوناً
- عصابات الجولاني في خدمة الاستكبار : من تواطؤ معلن إلى عدوان ...
- تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على ايران
- بين سحر الجماعة وكآبة الهُوة الفردانية
- الحرب الاقتصادية : سلاح صامت دمّر العراق بصمت أشد من دوي الم ...
- عينٌ في كفّ الشرطي... والعراق أعمى ؟!
- حين تُصبح الجماعة عبئًا... عُزلة الإنسان كخلاص
- إبراهيم الناجي الكوفي.. درويش الدعوة وصوفي المنافي


المزيد.....




- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق