أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض سعد - في زمن العبث والانكسار... حين يغدو الزيف قانوناً














المزيد.....

في زمن العبث والانكسار... حين يغدو الزيف قانوناً


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 10:09
المحور: قضايا ثقافية
    


في عالمٍ مشبَّعٍ بالضباب والتشويش، مَجبولٍ على التناقض والازدواج، يصبح الفرز بين النور والظلمة ضربًا من المغامرة العقلية، ومخاطرةً في قلب المتاهة... ؛ فحين تتكاثر الأصوات، وتتشابه الأقنعة، وتهترئ المعايير، تنقلب الحقائقُ على رؤوسها، ويتحوّل الباطلُ إلى قاعدة ذهبية، بينما يُداس الحق تحت أقدام المصلحة والجهل والتبعية.
في هذا العالم، لا يكفي أن تكون نبيهاً أو متعلماً لتنجو؛ إذ إن الأبالسة الجدد لا يخرجون من كهوف الظلام، بل يأتونك بأسماء براقة، وعناوين أنيقة، ويحملون شعاراتٍ تُرَصّع بالوطنية أو الدين أو القيم العليا...؛ لكنها في العمق ليست سوى طُعومٍ لاصطياد العقول، وسلاسل ناعمة لتقييد الوعي.
فالعقل الحرّ في بيئةٍ ملوثةٍ بالتضليل، والمُخدَّرة بالدعاية، يصبح كالشجرة الوحيدة في صحراء من الملح... ؛ لا تجد ماءً يسقيها، ولا ظلًّا يحميها، بل ريحًا ساخنةً تحاول اقتلاعها من جذورها... ؛ وهكذا، يُنتَج الجهل على هيئة عقيدة، وتُزرع الخرافة كأنها علم، ويُروّج للباطل تحت رايات الحُرية والتقدم.
إنّ الوعي الحقيقي لا يُمنح، ولا يُورَث، بل يُنتزع انتزاعًا من بين أنياب الخوف، ويُغرس في أرضٍ لا تقبل إلا الحقيقة. والمرء، إن أراد أن يرى، عليه أولاً أن يزيل الغشاوة التي صُبَّت على عينيه منذ الطفولة، وأن يشكّ، لا من باب الهدم، بل من باب الفحص والتنقيب.
إنهم – أبالسة الظل – لا يظهرون على هيئة شياطين، بل كأنصاف ملائكة... ؛ و يهمسون في أذان الجماهير، ويروّجون بينهم السرديات الكاذبة، ويعيدون صياغة التاريخ بأدوات الخداع البصري والسمعي والمعرفي... ؛ و يصنعون “الزيف الكامل” كما يصنع الفنّان تحفته: يصقِلونه، يجمّلونه، يضعونه في إطار من نور مزيف، ثم يعرضونه في صالات العقول الجاهزة للاستسلام.
وفي مثل هذه اللحظة الحضارية الحرجة، تصبح مسؤولية التفكير أشبه بالجهاد... ؛ ليس بالسيف، بل بالفكرة؛ ليس بالهدم، بل بالبناء؛ ليس بالثورة العنيفة، بل بالثورة العقلية الصامتة، التي تعيد ترتيب المفاهيم، وتكسر الأصنام الرمزية، وتوقظ العقل من غفوته الطويلة.
هكذا تتبدّى لنا مهمة الإنسان المفكر في عالمٍ يعجُّ بالتزييف: أن يكون صوتًا صغيرًا في وجه الصخب، شعلةً ضئيلة في غابةٍ من الظلمة، عينا فاحصة وسط بحرٍ من العمى الجماعي... فلا ييأس، ولا يساوم، ولا يتنازل عن حقيقتِه، حتى لو بُحَّ صوته وتكسّرت أقلامه.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصابات الجولاني في خدمة الاستكبار : من تواطؤ معلن إلى عدوان ...
- تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على ايران
- بين سحر الجماعة وكآبة الهُوة الفردانية
- الحرب الاقتصادية : سلاح صامت دمّر العراق بصمت أشد من دوي الم ...
- عينٌ في كفّ الشرطي... والعراق أعمى ؟!
- حين تُصبح الجماعة عبئًا... عُزلة الإنسان كخلاص
- إبراهيم الناجي الكوفي.. درويش الدعوة وصوفي المنافي
- لأنك عراقي .. انتخب
- هدايا صدام للرئيس المصري حسني وزمرته : كرمٌ مشبوه على حساب ا ...
- كارثة التجنيس في العراق: حين تُهدَر الهوية وتُمنح الأرض للغر ...
- إشكالية رواتب المكونات العراقية بين الاستحقاقات الفعلية والم ...
- الطفولة: بذور الصراع النفسي وأثرها في تشكيل الهوية الشخصية
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- عقد في جَوْفِ الجحيم البيروقراطي والدهاليز الورقية المتعفنة
- الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقا ...


المزيد.....




- الأردن.. ميلاد ولي العهد الأمير حسين وكم بلغ عمره يثير تفاعل ...
- -صفقة معادن-.. ترامب يرعى اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الد ...
- الولايات المتحدة: المحكمة العليا تحد من صلاحيات القضاة في تع ...
- فجوة -صارخة- في توزيع الملاجئ في القدس
- احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة
- الاحتلال يواصل اقتحام مدن الضفة ويدمر منازل بجنين
- هل انتهى حلم إيران النووي بضربة واحدة؟
- ماذا أرادت إسرائيل من الغارات على جنوب لبنان؟
- في حال التطبيع مع سوريا.. ساعر يتحدث عن -شرط الجولان-
- بينها الكركم.. أفضل 5 أطعمة لتخفيف آلام التهاب المفاصل


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض سعد - في زمن العبث والانكسار... حين يغدو الزيف قانوناً