أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(6)














المزيد.....

رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(6)


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 15:34
المحور: الصحافة والاعلام
    


"أوهام السُّلطة الثقافية: رئاسة التحرير بين الوَهْمِ وقَمْعِ الاخر"
لا تنحصر إشكالية رئيس التحرير في ادِّعائه وصايةً على إبداع الكُتَّاب والنُّقاد، بل في تَجَسُّدِه كـ"أبٍ روحي" مُتسلِّطٍ يَزعم تفوُّقًا معرفيًّا وثقافيًّا وفهما استثنائيا ، بينما يَكشف الواقعُ عن فجوةٍ بين ادِّعائه وحقيقةِ عجزه عن مُجاراة إبداع مَن يَحكُم عليهم.
غير أنَّ تملُّقه للسلطات المالية والسياسية، واستناده إلى "شبكات المصالح"، هو مَن أَلبَسَهُ ثوبَ الرئاسة الزائف، فبات يَنسج خيوط نفوذه عبر صحيفةٍ تُشبه المرآة المُشوَّهة، ومنصَّةٍ تُعيد إنتاجَ الأوهام... ؛ فالسُّلطة هنا لا تُبنى على الجدارة، بل على "الغِشِّ" المُتمثِّل في شراء الذمم واختزال الثقافة في صفقات وتحالفات وارتباطات ... ؛ ليُحوِّل الصحافةَ مِن فضاءٍ للتَّنوير إلى أداةٍ للتضليل، مُثبتًا أنَّ السُّلطةَ المُزيَّفة لا تُبني إلّا على أطلالِ المبادئ.
لَيسَ التملُّقُ للجهات النافذة، ولا الأموالُ المُعبَّدةُ طريقَ السُّلطة، سوى أَدواتٍ نَقَشَت لَه اسمَه على عَرشِ مَجلَّةٍ أو مَنصَّة، فَتَتَكاثر مَراكزُ نُفوذه كالفِطْرِ في أَرْضٍ مُوبوءة.
وَلَوْ تَوَقَّفَ الأمرُ عند حُدودِ احتِكارِ النَّشر لَكانَ السَّوْءُ أَهْوَن، لكنَّه يَتخطَّى ذَلكَ إلى تَنسِيقِ "مُؤامرة صَمْتٍ" مع أَشباهِه، فيُحَذِّرُهُم مِن كُتَّابٍ يَهددونَ عُروشَهُم الواهية، بل يوصي بعض الكتاب المتملقين والاقلام المأجورة بالتصدي للكتاب المختلفين وتسفيه اراء الاحرار ومقالات الباحثين الموضوعيين ؛ وبهذا يَسُدُّ رئيسُ التحريرِ وزمرته مَنافِذَ الحِوار، ويَحجُبُ الرُّؤى الجَديدةَ بِحُجَّةِ حِمايةِ "السَّلامة الفِكريَّة او الوطنية " او بذريعة "الإصلاح والتصدي للتطرف "... ؛ اذ لا يَكتفي بِقَمْعِ الأصوات، بل يَلجأُ إلى تَلطيفِ وَجهِ القَمْعِ بِشَعاراتٍ بَرَّاقةٍ كـ"مُحاربة التَّطرُّف والغلو والبدعة " أو "تَعزيز الوَحدة الوطنية او القومية او الدينية "، مُستعيرًا قناعَ المُصلِحِ الوطني او المرشد الموضوعي او رئيس التحرير المهني والذي يراعي الضوابط القانونية والمهنية والانسانية... ؛ فَتَحتَ غِطاءِ "المَصلحة العامَّة"، يَسرُقُ حَقَّ الاختلاف، ويُحوِّلُ الصَّحافةَ إلى خَشبةِ عَرْضٍ لِأوهامِه وتوجيهات اسياده واولياء نعمته ... .
أَمَّا المُفارقةُ الأَدبيَّةُ الأَكثَرُ إِيلامًا، فَتَكمُنُ في أَنَّهُ يَقعُ في الفَخِّ ذَاتِه الذي نَصبَهُ لِغَيرِه: فَبَينما يَدَّعي الهُروبَ مِن الانحِياز والتزام الحياد والمهنية والموضوعية ، يَتَحَوَّلُ إلى أَدَاةٍ لِتَكريسِها، مُحَقِّقًا مقولة الشاعر : *"وَكمْ مِن عائِبٍ قَولًا صَحيحًا *** وَآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقِيمِ"*.
فَالفَهمُ السَّقيمُ لِدَورِ الصَّحافةِ يَجعلُهُ سَجنَانًا لِلفِكرِ، بَدَلًا مِن أَن يَكونَ نافذَةً لِلتَّنوير، مُثبِتًا أَنَّ السُّلطةَ المُطلَقَةَ لَا تُنتِجُ سِوى أَساطيرَ وَاهية... ؛ اذ إنَّ رئيس التحرير يُحاربُ مَنْ يُنازعُه وَهْمَ السُّلطة، مُتوهِّمًا أنَّ امتلاكَهُ مِفتاحَ النشر يَجعلهُ وَريثًا لِسُلطة المُفكِّرين، رغم أنَّه لا يَحمِلُ سوى أَدواتِ القَهرِ المُقَنَّع... ؛ وتُلبِسُهُ رِداءَ "القِيَميِّ المُنصِف"، بينما تَكشِفُ مَمارساتُه عن نَقْضِ هذا الرِّداءِ خُطوةً خُطوة.
وَما إنْ يَستقِرَّ في مَقعَدِه حَتَّى يَشرعَ في نَسْجِ شَبَكَةٍ مِنَ التَّحالُفاتِ الوَسِخة والارتباطات المشبوهة والصفقات الفاسدة ، فَتَتَكاثرُ صُحُفُهُ كالفِطْرِ السَّامّ، وتَتَحوَّلُ المَنصَّاتُ إلى أَدواتٍ لِتَكريسِ الوَهْم والانغلاق والتحجر ... ؛ فهو يَصنعُ قُيودًا مِن حُروفٍ زائفة، يُقيِّدُ بها حُرِّيَّةَ الكلمة، ويَسحبُ البِساطَ مِن تَحْتِ الرُّؤى الجَريئة.
وَفي النِّهاية، يَغرقُ رئيسُ التحريرِ في تَناقُضٍ مَأساوِيٍّ: فَكُلَّما ادَّعى الهُروبَ مِنَ الانحياز، ازدادَ تَوغُّلًا في تَزييفِ الواقع، وهكذا تَتحوَّلُ رِئاسةُ التحريرِ مِن مِهْنَةٍ تَحمي الحُرِّيَّةَ إلى سِلاحٍ يَقْتُلُها، مُثبِتةً أنَّ الوَهْمَ لَا يَبْقَى إلَّا مَتى اقْتُبِسَ مِنْ ضَوْءِ الحَقِيقَةِ نُورُهُ!



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- عقد في جَوْفِ الجحيم البيروقراطي والدهاليز الورقية المتعفنة
- الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقا ...
- حَفْريَّاتُ الوَهْمِ في صَحْراءِ الوَعْي المُعَلَّب: سُريالي ...
- اعداد ضحايا الارهاب والعمليات العسكرية بين المبالغة والتضليل
- طفولة تحت الأنقاض.. جراح الطفولة تُلقي بظلالها على مراحل الع ...
- تحليل ظاهرة -الزَّعْل- في المجتمع العراقي: جذورها، تجلياتها، ...
- لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر وا ...
- التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية
- الأصدقاء: عائلة الروح ومرآة الذات
- الابتسامة المزيَّفة: قناعٌ من ذهب وحقدٌ من نار
- التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني وا ...
- النزاعات العائلية والعشائرية في العراق: جذور التمزق الاجتماع ...
- العراق العلوي يدفع الجزية للحكومة الاموية في سوريا ؟!
- العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...


المزيد.....




- زلزال بقوة 6 درجات يهز منطقة حدودية في تركيا يتسبب بهزة أرضي ...
- زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب تركيا ويشعر به سكان مصر
- الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق يعلن اندلاع اشتباكات أمس عن ...
- مراسل RT: هزة أرضية تضرب محافظة الجيزة في مصر
- بريطانيا: الصين تشكل تحديا -صعبا ومستمرا-
- ترامب يعلنها: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران
- ماذا قال ترامب عن إمكانية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم؟
- المبعوث الأمريكي الخاص إلى دمشق: هناك رغبة في إنهاء التمدد ا ...
- وصف بـ -الحدث الأمني الصعب-.. مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإص ...
- الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً من اليمن ويُفعّل صافرات الإنذ ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(6)