أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر والافتراق الدائم














المزيد.....

لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر والافتراق الدائم


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 22:42
المحور: الادب والفن
    


في يومٍ من أيام الزمن المهدور، حيث تذوب الساعات تحت وهج الهجير المُغلف بالغبار، التقيته فجأةً في فوضى السوق الذي وطئته قدماي لأول مرة ... ؛ تلامست الأعين قبل الأجساد، فَتَجَمَّد الزمن كساعة رملية محطمة، بينما غرقتُ في بحر عينيه النرجسيتين اللتين تشبهان مرآةً تُعيد تشكيل الذات المتكسرة ... ؛ كان يحدّق بي بتلك التركيبة الملائكية الغريبة: نظراتٌ تبتلع الفراغ من حولي ، وكأن الكون كله قد تقلص ليصبح مساحةً منيرة بين جفنيه الناعسين ... ؛ لم أعد أرى سواه، تماماً كما لم يرَ هو سواي... ؛ كنا مرآتين تتناسخان إلى ما لانهاية، حتى صارت الفوضى المحيطة خلفيةً مُبهَمة لمسرحية الأرواح هذه.
لم أدرِ متى انتهت "لحظة العيون" تلك، لكنني صحوتُ فجأةً من سُكْر البؤبؤين كمن يُقلع عن إدمانٍ قديم... ؛ اقتربتُ منه بخطواتٍ تشبه سقوطَ ورقةٍ في مهب الريح، بينما تقدّم هو نحوي كجاذبيةٍ لا تُقاوَم... ؛ تبادلنا سلاماً تحوّلَ إلى نشيدٍ ميثولوجي: "السلام عليكم والنفحات القدسية والانوار الجمالية " لم تكن مجرد تحية، بل طقساً صوفياً تتدفق منه "أنوار الجمال" و"نفحات القدس"، وكأن الألسنة حوّلت الكلمات إلى أطيافٍ ضوئية... ؛ لقد تحقق المعنى في المسمى للمرة الأولى في السوق : فالسلام كان سلاماً، والحب كان حُباً، دون أن ينقصَ الحرفُ ذرةً من مِلْئِه!
ثم تصافحنا... ؛ و كانت حرارة يديه تفوقُ لهيبَ شمسِ المغيب، وكأن جسدي التقطَ شرارةً كهرومغناطيسيةً من ذراعه، فاهتزَّ كياني كوترٍ عُزفَ عليه بعد صمتِ قرون... ؛ ثم جاءت القبلات : ومضاتٌ سريعةٌ كأحلام اليقظة، لكنها خلَّفتْ وراءها عطراً يُذكِّر بحدائق بابل المعلقة واريج جنات عدن ... ؛ لم تكن شفاهنا تلامس بعضها بقدر ما كانت أرواحنا تُعيد تشكيلَ جغرافيا الأجساد.
لم نتبادل الحديث، لكننا اتفقنا... !
كأننا نُتمُّ حواراً بدأه أسلافنا قبل ألف عام، أو كأننا جئنا من عالمٍ آخر لنُنهي مهمةً كونية: توقيعَ عقدٍ مكتوبٍ بلغة النجوم وقوانين المجرات ... ؛ حتى الزحامُ العشوائي للسوق بدا لنا نظاماً هندسياً دقيقاً قادنا إلى هذه اللحظة بالذات.
أمسكتُ بيده، فتحوّلتْ خطواتنا إلى رحلةٍ زمنيةٍ نحو "المحطة"... ؛ محطةٌ ليست هنا ولا هناك، بل مكانٌ يجمع المتناقضات: القريبَ البعيد، الراحةَ والعناء، الرحلةَ الأبديةَ واللحظةَ العابرة... ؛ وقد تركنا خلفنا أكواماً من الهموم كأنها أصدافٌ فارغة، ولم نترك أثراً إلا كخيال على جدار .
عندما ابتعدنا، انكسرتْ قيودُ الجاذبية الأرضية... ؛ و شعرتُ أنني أطيرُ في فضاءٍ لا يحوي سوى "هو" والنجوم ... ؛ لم يعد ثمة جمالٌ خارج نطاق ذاك اللقاء، ولا حبيبٌ سوى من حوّلَ الفوضى إلى قصيدة والمحنة الى اغنية ... ؛ لقد صرنا كلمتين في قصيدة الله المنسية، أو ربما كنا مجرد حلمٍ عابرٍ لزمنٍ متعبٍ... يبحث عن خلاصه في سريالية اللقاءات.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية
- الأصدقاء: عائلة الروح ومرآة الذات
- الابتسامة المزيَّفة: قناعٌ من ذهب وحقدٌ من نار
- التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني وا ...
- النزاعات العائلية والعشائرية في العراق: جذور التمزق الاجتماع ...
- العراق العلوي يدفع الجزية للحكومة الاموية في سوريا ؟!
- العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...
- السياسة بين فن الممكن وواجب الدفاع عن الأرض: خور عبد الله ال ...
- التيه القيادي: أزمة الهوية والتبعية في الواقع الشيعي العراقي
- مليشيا حرس نينوى والتآمر التركي القديم المتجدد
- ظاهرة الجُعْصُ : حين تتحوَّلُ السجونُ من مراكزَ إصلاحٍ إلى و ...
- سوريا : من الربيع المزيف إلى مملكة الإرهاب
- متى تتعلم ( دونية ) الاغلبية العراقية من تجربة الدرزي قاسم ا ...
- احذروا من السوريين المتطرفين في كل مكان
- بين شَفرتَيْ المَصلحةِ والشيطانِ: السِّيَاسَةُ حِينَ تَرْقُص ...
- الماضي الدموي والحاضر المُنتج : قراءة نقدية في خطاب الكراهية ...
- النبط: أسلافنا المؤسسون
- السيارات الهجينة الكهربائية في العراق: ميزاتها، تحدياتها، وآ ...
- حادثة المهندس بشير خالد: قراءة في الأبعاد المؤسسية والتداعيا ...


المزيد.....




- نزلت حالًا مترجمة على جميع القنوات “مسلسل المؤسس عثمان الحلق ...
- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر والافتراق الدائم