رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 00:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا يقتصر مفهوم العائلة على روابط الدم فحسب، بل يتجاوزه ليشمل شلة الأصدقاء الذين يصبحون مرآةً تعكس أعمق مشاعرنا، وملاذًا نلجأ إليه حين تضيق بنا الدنيا... ؛ فهم قد يكونون أقرب إلينا من بعض الأقارب؛ لانعدام التكلُّف في تعاملاتهم، وغياب الرسميات التي تُثقِل العلاقات الأسرية أحيانًا... ؛ فطول الصحبة وصدق المودّة يخلقان مساحةً من الألفة تُتيح للصراحة أن تتدفّق بلا قيود، مما يجعلهم يلمسون حقيقة مشاعرك قبل أن تُعبّر عنها، كما تكتشف أنت جوهر أخلاقهم دون حاجةٍ إلى ادعاء.
هُم السند الذي تُسرع نحوهم في المنعطفات الحلوة والمرّة، تشاركهم تفاصيلَ فرحك كما تبوح لهم بهمومك، فتجد في أحاديثهم بُغيتك، وفي ضحكاتهم سلوتك... ؛ قد تتبادل مع أحدهم الدعابةَ فتضحك من أعماق روحك، أو تُطلق العنان لتصرفات عفوية لا تجرؤ على فعلها أمام الآخرين، لأنهم ببساطةٍ "الرداء" الذي يستر عيوبك، والغطاء الذي يحمي أحلامك... ؛ والأجمل أن خلافًا عابرًا قد يقع بين اثنين منهم، فلا يترك الثالثُ الحبلَ يَنقطع، بل ينسج بخيوط الودّ جسرًا للإصلاح، حتى تعود المياه إلى مجاريها، وتذوب جمرة الغضب تحت أمطار المودة.
فالصداقة الحقيقية لا تُبنى على الكمال، بل على تقبُّل النقائص، والاعتذار بروحٍ طيّبة حين نخطئ... ؛ فكما لا يتردد المرء في مصارحة أخيه بالاعتذار إن أخطأ بحقه، يبادل الصديقُ صديقَه ذاتَ المشاعر؛ لأن الرابطة بينهما ليست أقلّ قداسةً من روابط القرابة، بل هي اختيارٌ متجدّدٌ كل يوم، يُثبته الإخلاص ويُكرّسه التضامن. فالأصدقاء ليسوا مجرد رفاق درب، بل هم أمناء السرّ، وحُماة القلب، وعائلة الروح التي نصنعها بأيدينا.
#رياض_سعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟