أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني واستمرارية الاستبداد في العراق














المزيد.....

التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني واستمرارية الاستبداد في العراق


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 01:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحليل نقدي:
مثَّل الاحتلال العثماني لبلاد الرافدين مرحلةً مفصليةً في تشكيل هوية العراق الحديثة، لكنه حمل في طياته مشروعاً استعمارياً مُمنهجاً لتفكيك النسيج الاجتماعي العراقي وإعادة هندسته وفقاً لمصالح الإمبراطورية العثمانية... ؛ فمنذ اللحظة الأولى، سعى العثمانيون إلى ترسيخ هيمنتهم عبر سياساتٍ وتغييرات ديموغرافية وطائفية خبيثة، هدفت إلى إضعاف الأغلبية العراقية الأصيلة المتمثلة بالعشائر العربية والقبائل العراقية المترابطة، والتي شكلت تاريخياً حاجزاً أمام المشاريع الخارجية... ؛ إلا أن الخطر الأعمق تمثَّل في تحالف بعض المكونات المحلية مع المحتل تحت مبررات مذهبية أو مصلحية، مما عمَّق الانقسام وأفرز واقعاً هجيناً يخدم الأجندة العثمانية.
السياسات العثمانية : تفكيك الهوية عبر التغيير الديموغرافي
اتبعت السلطات العثمانية إستراتيجيةً مزدوجةً لضمان السيطرة:
1. التطهير العرقي والمذهبي :
- تنازلت عن الأهواز (التي كانت جزءاً من العراق) لإيران لتفكيك التوازن المذهبي، واقتطعت أراضي شمال العراق لصالح تركيا، ثم استبدلت سكانها المسيحيين الأصليين بموجاتٍ من الأكراد القادمين من خارج الحدود.
- تحالفت مع الحركات الوهابية لقمع الشيعة وتدنيس مقدساتهم، بينما شجعت هجرة جماعاتٍ من المماليك والعثمانيين والأعراب (البدو) لتوطينهم في مناطق الشيعة، رغم اختلافهم عرقياً ومذهبياً عن السكان الأصليين.

2. خلق هوية هجينة:
- حوَّلت السياسة العثمانية "الدخيل" إلى "أصيل" عبر تجنيس الوافدين وتمكينهم إدارياً و وظيفيا واقتصاديا وعسكريا ، بينما جرى تهميش الأغلبية الشيعية العربية وتصويرها كتهديدٍ للدولة.
- استخدمت القمع الممنهج ضد انتفاضات الشيعة، بينما وظَّفت الخطاب الديني الإيراني (كمرجعيةٍ لبعض القيادات الشيعية) لدفعهم إلى الصدام مع القوى الدولية كبريطانيا دفاعا عن تركيا الطائفية الحاقدة فيما بعد ، مما أودى بحياة الآلاف منهم بينما حافظ الأتراك والإيرانيون على مصالحهم... !!
استمرارية التشويه: من العثمانيين إلى الأنظمة اللاحقة
لم تتوقف سياسات التغيير الديموغرافي بعد رحيل العثمانيين، بل تبنتها الأنظمة المتعاقبة كالاحتلال البريطاني ، وخصوصاً حكومات "الفئة الهجينة" التي هيمن عليها منتحلو الهوية العراقية:
- تحالف الأنظمة مع الخارج:
عملت حكومات ما بعد العثمانيين (بما فيها النظام الصدامي) على تصفية الوجود الشيعي عبر التهجير الجماعي والمقابر الجماعية، بينما منحت الجنسية العراقية لـ"شذاذ الآفاق" من مواطني الدول العربية وغيرها ، كتعويضٍ ديموغرافي عن تقلص أعداد السنة ومواجهة اعداد الاغلبية الكبيرة !
- استهداف الرموز الوطنية:
جسَّد إسقاط الجنسية عن الجواهري (شاعر العراق العظيم) مقابل منحها لآخرين تبعاً للانتماء الطائفي ذروةَ الازدواجية في تعامل الدولة مع الهوية.
الواقع المرير: أغلبية مُهمَّشة ورصيدٌ ديموغرافي مُهدَّد :
رغم كل المخططات، بقيت الأغلبية الشيعية تشكل العمود الفقري للحراك الاجتماعي والاقتصادي في العراق، وهو ما تجلى في تعطيل الحياة تماماً عند مقاطعتهم للحياة العامة في المدن والقرى خلال المناسبات الدينية... ؛ لكن الخطر الأكبر يكمن في استمرار الهجمة المنكوسة عبر:
- التطبيع مع التدخل الخارجي:
مطالبة بعض الأطراف (المرتبطة تاريخياً بالمشروع العثماني) بالتدخل التركي في الشؤون العراقية، بل وتمجيد قتلى الجيش التركي كـ"شهداء"!
- غزو الهويات الوافدة:
دخول أكثر من 83 جنسية أجنبية إلى العراق بدعوة من "المجنسين" من ابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية ايام الاحداث الطائفية والعمليات الارهابية ، مما يهدد بتحويل العراق إلى فسيفساء من الهويات المُستوردة... ؛ لاسيما بعد مطالبة البعض بتجنيس الاف اللقطاء من مجهولي الاصل بحجة ان امهاتهم عراقيات من اللاتي ذهبن للإرهابيين بمحض اراداتهن بذريعة جهاد النكاح او نصرة الاسلام ( الارهاب ) .
الحلول الجذرية: استعادة الهوية واسترداد الأرض
لا خلاص للعراق إلا بـ:
1. إعادة هندسة المشهد الديموغرافي:
- إسقاط الجنسية عن كل من حصل عليها بشكلٍ غير شرعي منذ بداية القرن العشرين، مع تعويضهم مادياً.
- استعادة الأراضي العراقية المغتصبة .
2. تعزيز الوعي بالهوية الجمعية:
- تثقيف الأجيال الجديدة على تاريخ التشويه العثماني ومخاطر التبعية للخارج.
3. مواجهة التطبيع مع المشاريع الاستعمارية التركية :
- محاكمة كل من يروج للتدخل الأجنبي أو يمجد قوى الاحتلال التاريخية.
خلاصة: العراق ليس أرضاً فضاءً تُوزَّع على الوافدين، بل هو هويةٌ متجذرةٌ في أعماق التاريخ، ولن يُستعاد إلا بقطع الحبل السري مع إرث التشويه العثماني ومَنْ خلفه من الانظمة الهجينة والحكومات العميلة .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزاعات العائلية والعشائرية في العراق: جذور التمزق الاجتماع ...
- العراق العلوي يدفع الجزية للحكومة الاموية في سوريا ؟!
- العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...
- السياسة بين فن الممكن وواجب الدفاع عن الأرض: خور عبد الله ال ...
- التيه القيادي: أزمة الهوية والتبعية في الواقع الشيعي العراقي
- مليشيا حرس نينوى والتآمر التركي القديم المتجدد
- ظاهرة الجُعْصُ : حين تتحوَّلُ السجونُ من مراكزَ إصلاحٍ إلى و ...
- سوريا : من الربيع المزيف إلى مملكة الإرهاب
- متى تتعلم ( دونية ) الاغلبية العراقية من تجربة الدرزي قاسم ا ...
- احذروا من السوريين المتطرفين في كل مكان
- بين شَفرتَيْ المَصلحةِ والشيطانِ: السِّيَاسَةُ حِينَ تَرْقُص ...
- الماضي الدموي والحاضر المُنتج : قراءة نقدية في خطاب الكراهية ...
- النبط: أسلافنا المؤسسون
- السيارات الهجينة الكهربائية في العراق: ميزاتها، تحدياتها، وآ ...
- حادثة المهندس بشير خالد: قراءة في الأبعاد المؤسسية والتداعيا ...
- الازدواجية الرقمية: بين المجاملة الاجتماعية والحقيقة الخفية ...
- الافسد يطالب بمحاسبة الفاسد ؟!
- الحبر تحت الحصار: حين تصير الكتابة جريمة ونقمة !!
- 9 نيسان يوم سقوط الصنم الاكبر والاخطر والاحقر


المزيد.....




- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...
- إصابة 3345 إسرائيليا بالحرب مع إيران و41 ألفا طالبوا بتعويض ...
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني واستمرارية الاستبداد في العراق