رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 08:37
المحور:
الصحافة والاعلام
سطوة النصاب الثقافي: سلطة رئاسة التحرير بين التزييف وقمع الأصوات"
لا تكمن إشكالية سلطة رئيس التحرير في كونه حارسًا لبوابة النشر فحسب، بل في تَجَبُّره بوصفه قيِّمًا على إبداعات الكُتَّاب والباحثين، مُتوهِّمًا تفوُّقًا ثقافيًّا وفهمًا أعمق، رغم أن واقعَه لا يرقى إلى عتبة إبداعهم... ؛ غير أن التملُّق للجهات النافذة والدوائر المشبوهة ، والحصول على الأموال والامتيازات المادية، هو ما شق له طريقًا إلى المنصات الإعلامية والمراكز الثقافية ، فاستسهل تأسيس صحيفة هنا ومنصة هناك، حتى تتوالى مراكز الاعلام والنفوذ كحلقات مفرغة.
والاحرار يعلمون مقدار الذل والخنوع الذي يقدمه رئيس التحرير و زمرته لأصحاب النفوذ والمال والجهات العليا ؛ للحصول على السحت والمنصب الزائل ؛ وصدق الشاعر عندما قال :
فَلا تَرضى بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ *** وَتَقنَعْ بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَومًا *** وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
لكن رئيس التحرير المريض والطماع والرخيص والمتخشب هذا يختار العبودية لغير الفكر، والاتباع لغير الوعي ؛ فيبني شبكاته الواسعة عبر الأيام، مُستثمِرًا العلاقات والارتباطات التي تُحوِّله إلى ظاهرة طفيلية في المشهد الثقافي وخنجر مسموم في خاصرة الكتاب الاحرار .
ويا ليت الأمر يقف عند احتكار النشر!
بل يتعداه إلى إصدار أوامر لـ"أشباهه" من رؤساء التحرير واصحاب المراكز والمواقع الاعلامية والثقافية بحظر كتابات المختلفين ، فيتحالفون سويًّا لإسكات الأصوات الحرة، وكأنهم يُعيدون تمثيل مقولة الشاعر الساخرة: *"وكلٌّ يدَّعي وصلاً بليلى * وَليلى لا تُقِرُّ لَهُم بِذَاك"*... ؛ فبينما يدَّعي رئيس التحرير وصلاً بـ"ليلى" الثقافة والاعلام والصحافة ، فإنه يخنق كل صوت يهدد أوهامه ويتعارض مع رؤاه وتوجهات الجهات التي تموله ... ؛ وهكذا تُغلَق الأبواب أمام الرؤى الجديدة، ويُحصَر النقاش في زوايا ضيقة، تحت ذرائع واهية كـ"الحفاظ على اللحمة الوطنية" أو "محاربة التطرُّف"، فيتحول من مُنظِّر ثقافي إلى بوق إعلامي، فهو يثقل الأجواء بالمديح الزائف او العداء الجائر والبعيد كل البعد عن الحياد والموضوعية ، بينما يُثقِل النقدَ بحراب المنع ويحارب الكتاب بسيف الحضر .
ولا يُفلِت هذا الرئيس من تناقُضه الأكبر: فبينما يزعم الهروب من الانحياز، يقع في فخاخه، مُستخدِمًا خطابًا أخلاقيًّا لتمرير تسلُّطه، كمن يُغطّي عورته برداء الفضيلة... ؛ وهذا ما حذّر منه البعض قديمًا: *"الجاهلُ يَخْفَى جَهْلُهُ حَتَّى يَتَكَلَّم"*... ؛ فخطابُه المُزيَّف يُفضحه، ويُظهره كممثل في مسرحية هزيلة، حيث السلطةُ وهمٌ، والثقافةُ غطاءٌ، والحقيقةُ ضحيّةٌ.
وللحديث بقية ...
#رياض_سعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟