أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(1)














المزيد.....

رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(1)


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 08:17
المحور: الصحافة والاعلام
    


في غابة الإعلام المُعاصرة، حيث تتحول الكلمات إلى كيانات هلامية تسبح في فضاءات افتراضية، يبرز "رئيس التحرير المريض والمعقد والمنتفخ بكافة الاورام السرطانية " ككائن هجين بين الحارس الأسطوري للبوابات المعرفية ومهرج البلاط والجهات المشبوهة الذي يلوّن الحقائق بألوان أيديولوجيته وعقده النفسية ومصالحه المادية وارتباطاته السياسية ... ؛ إنه ليس مجرد موظف يدير الصفحات، بل ساحرٌ يُعيد تشكيل الواقع عبر مرآة مشوّهة، يختزل فيها الكون إلى صدى لصوته وفكره ورؤاه وارتباطاته ... ؛ هنا، تتحول حرية التعبير إلى سرابٍ يطارده الكُتّاب الاحرار واللامنتمون عطشى، بينما يقف الحارس/الساحر عند مفترق الطرق، يوزع التراخيص للنشر كأنها أوراق لعب في مقهى عبثي ... .
رئيس التحرير المريض
المرضُ هنا ليس عضويّاً، بل هو انزياحٌ وجودي: رئيس التحرير "المُصاب بالانغلاق العقائدي والبرجماتية " يتحول إلى تمثال ملحِيٍّ يذوب كلما اقترب من ضجيج الآراء المُختلفة , ونار العصيان الفكري , والتمرد العقلي , والثورة الثقافية على كل ما هو موجود وعتيق ومكرر ... ؛ إنه يلبس عباءة "الحياد" بينما يحمل في جيبه قائمة سوداء بأسماء الكُتّاب الذين يهددون تماثيله الفكرية المقدسة ومصالحه المادية الضيقة ... ؛ والمفارقة السريالية تكمن في ادعائه حماية "الحقيقة" بينما يُشغّل آلة تشويهها عبر رقابة مُبطَّنة، كفنانٍ يُمسك بفرشاة الرقابة ليرسم فوق لوحة الحرية خطوطاً حمراء لا تُرى إلا بعينيه.
الكاتبُ، في هذا المسرح، ليس سوى دمية مارِيُونيت تُحاك خيوطها بأيدي "حراس المعبد"... ؛ يُرفض نصه ليس لأنه ضعيفٌ لغوياً أو فقيراً فكرياً، بل لأن ظله يُلقي بُقعة سوداء على جدار العقيدة المُطلقة لرئيس التحرير او يهدد ارتباطاته السياسية ومصالحه المادية ... ؛ وهنا يتحول النشر من فعلٍ إبداعي إلى طقسٍ شعوذي: يُحرق النص المُخالف في الميدان العام، بينما تُقدَّم نصوص "المُوالين والسطحيين والمكررين " كقرابين على مذبح الأيديولوجيا والبرجماتية والدوغمائية ... ؛ إنه نظامٌ هرمي مقلوب: الحقيقة تُختطف من قبل مَن يفترضون أنهم خدّامها.
الخطيئة الكبرى ليست في الانتماء الأيديولوجي لرئيس التحرير هذا او ذاك – فكل كائنٍ بشري هو نتاج تشابُهات ثقافية ورواسب فلسفية – بل في تحويل المنصة الإعلامية إلى "مُختبر لتجميد الأفكار"... ؛ حين يُعلن رئيس التحرير الحرب على التنوع تحت ذريعة "حماية القيم والمقدسات او محاربة الطائفية والعنصرية ... الخ "، فهو يشيِّد سجناً للعقل مُغطى بستائر الحرية... ؛ و الأكثر غرابةً هو استخدامه لغة "الوطنية" و"الأخلاق" كفخاخٍ لغوية : فكل مَن يعبر الخط الأحمر الوهمي يُوصم بـ"الطائفي" أو "الهدّام أو المشبوه أو الشاذ أو الخطير ... الخ "، بينما تُغتال أفكاره في دهاليز التحرير قبل أن تُولد.
السلطة هنا ليست في منع النشر، بل في تحويل الكاتب إلى شبحٍ يطوف حول المنصات المؤدلجة و المتحجرة والمرتبطة بالدوائر المشبوهة ، حاملاً نصوصه كرسائلَ في زجاجة تُلقى في بحرٍ من الصمت... ؛ وفي هذا المشهد الكافكوي، يصبح "رئيس التحرير" قاضياً وإلهاً وزبوناً في آن واحد : يمنح الشرعية لفكرٍ ويَسحبها من آخر، كأنه يلعب دور "الخالق" في عالمٍ موازٍ... ؛ لكنّ المرض الأعمق هو إيمانه بأن حصون الرقابة التي يبنيها تحميه، بينما هي في الحقيقة تُحوِّله إلى سجينٍ داخل متاهة أوهامه وتكشف عقده وارتباطاته .
البلاغة المُعَطَّلة في هذا النموذج تكمن في التناقض بين الخطاب والواقع : فبينما يُعلن رئيس التحرير أن "الصحافة سلطة رابعة"، يُمارس سلطته كحاكمٍ مطلق في إمبراطورية النصوص... ؛ واللغة هنا ليست أداة تواصل، بل سلاحٌ لفرض التبعية: فـ"الحرية" تُختزل إلى مجرد شعار يُزيّن العناوين، بينما تُفرغ من مضمونها كالهواء في بالون مثقوب.
اما الكاتبُ المتمرد، فيتحول إلى أورفيوس سريالي: ينزل إلى عالم تحت الأرض لاستعادة "يوريديسه" – نصه الممنوع – لكنه يفشل لأن "رئيس التحرير-هاديس" يرفض إطلاق السراح، متمسكاً بسلطته كحارسٍ للعالم السفلي... ؛ وفي النهاية، تبقى النصوص الممنوعة كطيورٍ مُقيَّدة بأسلاك الحدود، تُحلّق في أقفاص الخوف.
السؤال الفلسفي الأكبر: مَن يملك الحق في تعريف "الخط الأحمر"؟
إذا كانت الأفكارُ كائناتٍ حية تتكاثر بالتنوع، فلماذا يُصرّ البعض على تحويل الصحافة إلى متحفٍ للتحنيط الفكري؟
إن محاربة "الآخر" تحت شعارات الحرية أشبه باحتضان شبح: فكلما ضغطت عليه، تسرب من بين ذراعيك.
الخلاصة المُروّعة : ما دامت "المراكز الإعلامية والصحف والمنصات الالكترونية والفضائيات " تُدار كدكاكين أيديولوجية وحانات لاصطياد بائعات الهوى ومحطات للاستخبارات والمخابرات والدوائر المشبوهة والاحزاب السياسية ... ، سيظل الكُتّاب مُجبرين على البحث عن "جزيرة يوتوبيا" حيث تتحول الكلمات إلى جسورٍ بين العقول، لا إلى سكاكين تُغرز في خاصرة الفكر... ؛ لكن هل توجد مثل هذه الجزيرة أم هي مجرد سرابٍ في صحراء الرقابة الذاتية؟
الإجابة تكمن في المرآة المُشَطَرة التي يحملها كلُّ كاتبٍ بين جنبيه: نصفها يعكس الواقع، ونصفها الآخر يُخفي حلم الحرية.
وللحديث بقية ...



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقد في جَوْفِ الجحيم البيروقراطي والدهاليز الورقية المتعفنة
- الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقا ...
- حَفْريَّاتُ الوَهْمِ في صَحْراءِ الوَعْي المُعَلَّب: سُريالي ...
- اعداد ضحايا الارهاب والعمليات العسكرية بين المبالغة والتضليل
- طفولة تحت الأنقاض.. جراح الطفولة تُلقي بظلالها على مراحل الع ...
- تحليل ظاهرة -الزَّعْل- في المجتمع العراقي: جذورها، تجلياتها، ...
- لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر وا ...
- التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية
- الأصدقاء: عائلة الروح ومرآة الذات
- الابتسامة المزيَّفة: قناعٌ من ذهب وحقدٌ من نار
- التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني وا ...
- النزاعات العائلية والعشائرية في العراق: جذور التمزق الاجتماع ...
- العراق العلوي يدفع الجزية للحكومة الاموية في سوريا ؟!
- العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...
- السياسة بين فن الممكن وواجب الدفاع عن الأرض: خور عبد الله ال ...
- التيه القيادي: أزمة الهوية والتبعية في الواقع الشيعي العراقي
- مليشيا حرس نينوى والتآمر التركي القديم المتجدد
- ظاهرة الجُعْصُ : حين تتحوَّلُ السجونُ من مراكزَ إصلاحٍ إلى و ...
- سوريا : من الربيع المزيف إلى مملكة الإرهاب


المزيد.....




- شاهد كيف يحدد ترامب الجدول الزمني لكل شيء تقريبًا بـ-خلال أس ...
- ماذا نعلم عنه؟.. مقتل ضابط روسي بارز بانفجار داخل روسيا
- مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إط ...
- كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟
- في تحد للسلطة.. نساء إيران تحملن -نعش الحجاب- إلى مثواه الأخ ...
- الخارجية الروسية: نأمل أن تحذو كييف حذو موسكو في جدية التفاو ...
- موسكو: فريق ترامب يتعامل مع روسيا بعقلانية وبراغماتية أكثر
- العليمي يروي لـRT قصة أربع طائرات دمرتها إسرائيل في مطار صنع ...
- -مبعوث الرب-.. منشور غامض من الرئيس الأمريكي يثير الجدل
- -الاعتراف بدولة فلسطين مطلب سياسي-.. ماكرون يدعو لتشديد المو ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(1)