أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - هدايا صدام للرئيس المصري حسني وزمرته : كرمٌ مشبوه على حساب العراقيين














المزيد.....

هدايا صدام للرئيس المصري حسني وزمرته : كرمٌ مشبوه على حساب العراقيين


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 08:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الدول التي يحكمها قادة وطنيون، تُعتبر ثروات الشعب أمانة، وتُصرف الأموال العامة وفق سياسات مدروسة تُراعي المصلحة الوطنية العليا... ؛ و أما الهدايا بين الزعماء، فعادةً ما تُمنح في إطار دبلوماسي يخضع لضوابط البروتوكول والمصالح المتبادلة، لا للأهواء الشخصية أو مزاج الحاكم... ؛ إلا أن هذا المفهوم انقلب رأسًا على عقب في عراق "الفئة الهجينة"، حيث كانت الدولة تُدار كما لو كانت مزرعة خاصة، يُنفق من خيراتها على الاجانب و الغرباء ويُحرَم منها أهلها الاصلاء .
كان صدام ، الذي حكم العراق بالحديد والنار، بخيلًا حدّ اللعنة على أبناء الأغلبية والامة العراقية، بينما غارقًا في السخاء مع المرتزقة من الكتّاب والإعلاميين العرب وغيرهم ، ورؤساء دول كانوا أحيانًا لا يرونه أكثر من "بقرة حلوب"... ؛ وقد كانت عطاياه من الغرابة بمكان حتى غدت مضربًا للأمثال، بدءًا من ساعات الذهب إلى السيارات الفارهة وصولا الى بواخر النفط المجاني ... ؛ في الوقت الذي كان فيه العراقيون يتضورون جوعًا، ويُقتلون وحدانا وجماعات في السجون الرهيبة والحروب الخاسرة ، ويُعانون من الفقر، والجهل، والمرض، وانقطاع الكهرباء، وانعدام الخدمات الأساسية.
مصر وحصة الأسد من "كرم صدام"
حظيت مصر، تحديدًا نظام حسني مبارك، بنصيب كبير من هذا الكرم المشبوه... ؛ وقد كشفت وثائق رسمية عن سلسلة من الهدايا الثمينة التي قدّمها صدام للرئيس المصري، وكان من أبرزها بندقية وطبنجة مصنوعتان من الذهب الخالص، إضافة إلى 144 سيارة حديثة من نوع "تويوتا كريسيدا" قُدمت لمؤسسة الرئاسة المصرية، عقب معركة تحرير الفاو في أبريل 1988... ؛ و هذه السيارات أصبحت جزءًا من موكب مبارك لعدة أشهر قبل أن تُستبدل بالمرسيدس.
زوجة مبارك أيضًا نالت نصيبها من الهدايا، رغم أنها لم تزُر العراق بدافع الاحترام أو الود، بل طمعًا في الغنائم الصدامية ... .
والمفارقة أن المصريين أنفسهم – لاحقًا – فتحوا هذا الملف الحساس ، وتساءلوا عن مصير تلك الهدايا التي لم تُسجل في السجلات الرسمية للدولة المصرية ، كما يفرض القانون المصري.
تبادل اللصوص للهدايا :
منطق الأشياء يقول: السارق لا يُهدي إلا لسارق مثله... ؛ فما من هدية قدّمها صدام إلا كانت على حساب الشعب العراقي، وما من مستفيدٍ منها إلا وكان طفيليًا يعتاش على دماء العراقيين.
وفي أغلب دول العالم، توجد قوانين واضحة تنظم مسألة تقديم وتلقي الهدايا، وتلزم المسؤولين برد الهدايا إلى خزينة الدولة إذا تجاوزت قيمةً معينة، كما هو الحال في الولايات المتحدة حيث يجب تسليم الهدية إذا زاد ثمنها على 50 دولارًا... ؛ و بعض الدول تنشئ متاحف عامة لعرض هدايا المسؤولين التي تفوق القيمة المسموح بها.
لكن في العراق آنذاك، كانت الأمور تُدار بعبثية وهمجية ... ؛ ففي إحدى المرات، أهدى صدام عددًا من السيارات الحديثة لرؤساء تحرير الصحف القومية في مصر، في خطوة أثارت استغراب المصريين، فهذه النوعية من الهدايا كانت غير مألوفة وتُعد خرقًا أمنيًا، فضلًا عن كونها محاولة فاضحة لشراء الذمم... ؛ حينها تدخّل مبارك وطلب من رؤساء التحرير إعادة السيارات إلى خزينة الدولة لتهدئة الغضب الشعبي... ؛ هكذا كان ابن صبحة يوزع السيارات الحديثة - ومن ودن وجع قلب – في الوقت الذي كانت السيارة حلم بعيد المنال لأغلب رجال العراق فضلا عن شبابه .
الساعة أفضل من المسدس!
ومن الطرائف التي تكشف تفاهة تصرفات هذا "الكرم الصدامي"، ما رواه المفكر المصري الدكتور مصطفى الفقي... ؛ اذ قال إن صدام أهداه مسدسًا ذهبيًا، لكن مبارك، بسخرية، سأله: "ماذا ستفعل به؟ أنت تخاف أن تطلق على عصفور!"، ثم أمره بتسليمه لقائد الحرس، فأعطاه الفقي المسدس، وتبادل مع القائد ساعة ذهبية قال إنها "أنفع من المسدس".
مبارك... النكران بعد الكرم
رغم الهدايا والتسهيلات والعطايا والتبرعات التي أغدق بها صدام على مصر ومبارك ، فإن مبارك لم يبادله الوفاء... ؛ فحين غزا صدام الكويت عام 1990، كان مبارك من أوائل من حرض عليه، وشارك في التحالف الدولي بقيادة أمريكا الذي دمر العراق... ؛ و لم يكتفِ بذلك، بل ساند الحصار الجائر الذي امتد لسنوات، وعانى منه العراقيون الأبرياء.
من المثير أن الكويت، رغم ثرائها، لم تُقدم أية هدايا لمبارك قبل عام 1990... ؛ اذ وصف أحد العاملين في مؤسسة الرئاسة المصرية نظرة الكويتيين لمبارك بأنه "تليفون يعمل بالعملة"، في إشارة إلى أنه لا يتحرك ما لم يحصل على مقابل... ؛ ومن هكذا وضعه لا يؤتمن ولا يوثق به الا ان ابن صبحة والذي يدعي معرفة الخونة من عيونهم ؛ لم يدرك حقيقة مبارك ... ؛ اذ لم يقدر مبارك هدايا صدام السخية , ومساعداته وتسهيلاته للمصريين وتبرعاته لمصر وصفقاته التجارية معها ... ؛ فقد حرض العرب والعالم اجمع ضد العراق وادعى انه شاهد الاسلحة الكيمياوية وغيرها , و وقف ضد صدام في حرب الكويت , وارسل قواته العسكرية لمحاربة العراق كما اسلفنا ... ؛ وهكذا انقلبت الموازين، وصار صدام ضحية "سذاجته السياسية"، أو ربما طبيعته الانفعالية غير المحسوبة.
ما فعله صدام، من هدر لأموال العراقيين على شخصيات وأجهزة إعلامية عربية وأجنبية، كان امتدادًا لنهجه العبثي في الحكم، والذي أدى في النهاية إلى دمار العراق... ؛ أما أولئك الذين قَبِلوا هذه الهدايا، فهم شركاء في الجريمة، لأنهم صمتوا عن الظلم، واستفادوا من نظام لم يكن يرحم شعبه... ؛ ومثلما قيل: "الهدايا تُفضح عندما تأتي من اللصوص".



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارثة التجنيس في العراق: حين تُهدَر الهوية وتُمنح الأرض للغر ...
- إشكالية رواتب المكونات العراقية بين الاستحقاقات الفعلية والم ...
- الطفولة: بذور الصراع النفسي وأثرها في تشكيل الهوية الشخصية
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- عقد في جَوْفِ الجحيم البيروقراطي والدهاليز الورقية المتعفنة
- الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقا ...
- حَفْريَّاتُ الوَهْمِ في صَحْراءِ الوَعْي المُعَلَّب: سُريالي ...
- اعداد ضحايا الارهاب والعمليات العسكرية بين المبالغة والتضليل
- طفولة تحت الأنقاض.. جراح الطفولة تُلقي بظلالها على مراحل الع ...
- تحليل ظاهرة -الزَّعْل- في المجتمع العراقي: جذورها، تجلياتها، ...
- لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر وا ...
- التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية
- الأصدقاء: عائلة الروح ومرآة الذات
- الابتسامة المزيَّفة: قناعٌ من ذهب وحقدٌ من نار
- التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني وا ...


المزيد.....




- اكتظاظ السجون في تونس يتجاوز الطاقة الاستيعابية
- -في غزة، حرب بلا نهاية تقود إلى انهيار إنساني- - واشنطن بوست ...
- بعد -إقامة استثنائية- مطوّلة في الهند.. المقاتلة البريطانية ...
- مقتل 27 شخصاً بينهم 25 طفلاً إثر تحطّم مقاتلة في بنغلاديش.. ...
- نهاية قانون 1973 في الولايات المتحدة؟ طائرة إكس-59 تكسر حاجز ...
- ?? الولايات المتحدة تعلن انسحابها من منظمة اليونسكو
- الباحث في الشأن السوري سيدريك لابروس: -من الصعب جدا- أن تعود ...
- بالصور.. الجوع يفتك بأطفال غزة والعالم يتفرّج
- 50 شهيدا من طواقم الهلال الأحمر بغزة ونصف المستشفيات خارج ال ...
- مصدر أمني: وقف إطلاق النار في السويداء يطبق بلا خروقات


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - هدايا صدام للرئيس المصري حسني وزمرته : كرمٌ مشبوه على حساب العراقيين