أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رياض سعد - عينٌ في كفّ الشرطي... والعراق أعمى ؟!














المزيد.....

عينٌ في كفّ الشرطي... والعراق أعمى ؟!


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 14:58
المحور: حقوق الانسان
    


في بلادٍ تلبس الوجع كوشاح، لا يُستغرب أن تضيع العدالة في زحمة التواقيع والمخاطبات، وأن يتحول الشرطي من حارسٍ للأمن إلى ذئبٍ يرتع في حقول الجراح... ؛ هنا، في عراق ما بعد الخراب، كل شيء قابل للكسر... ؛ حتى كرامة المواطن.
قصة ليست غريبة... لكنها موجعة أكثر ؛ ففي محافظة الديوانية، حيث الحياة تمشي على رؤوس أصابعها، وقعت جريمة ليست غريبة على من يعرف سيرة بعض رجال الشرطة هناك... ؛ شرطيٌ يرتدي بزّته كقناع، يصفع طالبًا صغيرًا على عينه، في الشارع العام، دونما ذنبٍ يُذكر او لا أقل يستحق انزال هذا الوجع بحق الضحية ... ؛ ضربة واحدة كانت كافية لإطفاء ضوء تلك العين، إلى الأبد. اسمه "ذو الفقار"، مراهق يقرأ مع زملائه، لا يحمل سلاحًا ولا يهتف بشعار، مجرد طالب يسكنه الحلم، فاستيقظ على كابوسٍ صنعته يد الدولة.
انتشر فيديو والد الضحية كالنار في هشيم مواقع التواصل الاجتماعي... ؛ رجلٌ بسيط، يصرخ متوسلًا إلى رئيس الوزراء: "أنقذوا ابني!"
لكن الصوت ضاع، كما ضاعت عيون كثيرة قبله... ؛ اذ لم تكتفِ الشرطة بالاعتداء، بل احتجزوا الأب والابن، صادروا هوياتهم، وكأنهم يقولون: "نحن فوق القانون، وفوق الإنسان."
ليلة في التوقيف... وعينٌ تنزف حتى العمى
الضابطان "سجاد" و"أحمد"، كما سمّاهما الأب، رفضا إسعاف الشاب بعد الضرب المبرح بـ"الدونكي"... ؛ ذو الفقار نُقل إلى التوقيف، كأن جريمته أنه نُظر إليه خطأً او تفوه بكلمة اعتباطية بريئة ... ؛ والد ذو الفقار وشقيقه الأصغر حاولوا زيارته في مركز الشرطة ، فكان مصيرهم السجن أيضًا... ؛ و لم يكن ذلك توقيفًا، بل عملية مساومة قذرة: "تنازلوا عن الشكوى... أو نمضي الليل سويًّا خلف القضبان."
رفض الأب هذا العرض ، وكان ثمن الشرف باهظًا... ؛ حتى الصباح، ظلت العين تنزف، والوجع يتضخم... ؛ و في اليوم التالي، وبعد إطلاق سراحهم، حملوا ابنهم إلى مستشفى "ابن الهيثم" في بغداد، لكن الوقت كان قد تأخر، والعين كانت قد سلّمت أمرها للظلام.
الدولة تبرر... والناس تلجأ للعشيرة
ما إن خرجت القصة للعلن، حتى بدأت ماكينة التبرير تدور... ؛ اذ قال بعض أفراد الشرطة - في الديوانية - إنهم نقلوا الشاب للمستشفى فورًا، وأنه "أساء" للشرطي بألفاظٍ نابية... ؛ هكذا، ببساطة، يتم تبرير قلع العين بكلمة!
لكن، ألم يكن من الأجدر أن يكون الرد قانونيًا لا همجيًا؟
أليس هذا شابًا ضعيف البنية، لا حول له ولا قوة؟
أحيانًا، يكون العذر أقبح من الجريمة، بل هو الجريمة ذاتها.
حين يسقط القانون، يعلو صوت العشيرة، وتصبح الميليشيا ملاذًا، والحزب بابًا للإنصاف... ؛ ومع هذا، يلوم البعض العراقيين حين يبحثون عن العدل خارج مؤسسات الدولة، متناسين أن الدولة هي أول من خانهم.
من يرد البصر... ومن يرد الكرامة؟
الحادثة ليست معزولة... ؛ إنها نقطة في بحر من الانتهاكات التي لا تُحصى... ؛ من المسؤول؟ : الشرطي؟ الضابط؟ الوزارة؟ أم نحن، الصامتون ، الذين نحترف التعايش مع الذل كأنه قدَرأ ؟
أين قوانين منع التعذيب؟
أين الأجهزة الرقابية؟ أين البرلمان؟
ألا يستحق ذو الفقار جلسة عاجلة، تحقيقًا شفافًا، محاكمة عادلة؟
أم أن العدالة في العراق حبر على ورق، لا يُقرأ إلا على قبور الضحايا؟
نحن بحاجة لا إلى لجان تحقيق باردة، بل إلى قوانين حاسمة تمنع رجال الأمن من أن يتحولوا إلى جلادين... ؛ نحتاج إلى تربية أمنية على حقوق الإنسان، إلى دورات أخلاقية لا عسكرية، إلى شرطةٍ ترى في المواطن إنسانًا لا مشتبَهًا به.
ختامًا...
ذو الفقار خسر عينه، لكننا خسرنا أكثر: خسرنا وهم الأمان، وسقف العدالة، وخيوط الثقة بين المواطن والدولة... ؛ في عراق اليوم، لا يكفي أن تكون بريئًا، بل عليك أن تكون محظوظًا كي تبقى سليمًا... ؛ أما الشرطة، فلا تزال تضرب، وتسجن، وتكذب... والناس تنتظر "رجل دولة" يعيد لها البصر.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تُصبح الجماعة عبئًا... عُزلة الإنسان كخلاص
- إبراهيم الناجي الكوفي.. درويش الدعوة وصوفي المنافي
- لأنك عراقي .. انتخب
- هدايا صدام للرئيس المصري حسني وزمرته : كرمٌ مشبوه على حساب ا ...
- كارثة التجنيس في العراق: حين تُهدَر الهوية وتُمنح الأرض للغر ...
- إشكالية رواتب المكونات العراقية بين الاستحقاقات الفعلية والم ...
- الطفولة: بذور الصراع النفسي وأثرها في تشكيل الهوية الشخصية
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتب ...
- عقد في جَوْفِ الجحيم البيروقراطي والدهاليز الورقية المتعفنة
- الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقا ...
- حَفْريَّاتُ الوَهْمِ في صَحْراءِ الوَعْي المُعَلَّب: سُريالي ...
- اعداد ضحايا الارهاب والعمليات العسكرية بين المبالغة والتضليل
- طفولة تحت الأنقاض.. جراح الطفولة تُلقي بظلالها على مراحل الع ...
- تحليل ظاهرة -الزَّعْل- في المجتمع العراقي: جذورها، تجلياتها، ...
- لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر وا ...


المزيد.....




- الأونروا: تشخيص أكثر من 2700 طفل دون سن الخامسة في غزة بسوء ...
- حالة طوارئ وحظر تجول على وقع احتجاجات المهاجرين ضد ترامب
- -الأونروا-: أكثر من 2700 طفل في غزة أصيبوا بسوء تغذية حاد
- رحلة العذاب للحصول على طرد المساعدات
- مظاهرات لوس أنجلوس.. بالصور اعتقالات واشتباكات وتشديد القبضة ...
- تدهور خطير في أوضاع الصحفيين الأسرى في سجون الاحتلال
- مؤسسة هند رجب تلاحق ضابطا إسرائيليا في هولندا بجرائم حرب في ...
- إعلان الطوارئ في لوس أنجلوس.. والشرطة تواصل اعتقال محتجين
- إدارة ترامب تخطط لترحيل آلاف المهاجرين إلى غوانتنامو
- شارع المهاجرين في مواجهة حاسمة مع شعبوية ترامب.. انتصار أم ح ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رياض سعد - عينٌ في كفّ الشرطي... والعراق أعمى ؟!