أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - ندوب القدر وثارات الغدر














المزيد.....

ندوب القدر وثارات الغدر


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


في متاهات الحياة القاسية، حيث تُخيّم الظلمات على كل منعطف، وفي خضم مطاردة عدوٍّ لئيمٍ وغريم قديم طالما هرب من خنجري و قبضة العدالة، وجدتُ نفسي أخوض غمار مواجهةٍ مع أقدارٍ معلَّقةٍ وحسابات مؤجلة منذ عقدٍ من الزمان... .
كنتُ أعدو خلف ظله الشيطاني، أتتبَّع خطواته الغادرة التي تنضح خيانة ونذالة ، حتى استبدَّ بي التعبُ وأنا عند مفترق طرقٍ حائر، لا أدري أيَّ سبيلٍ أسلك : أأواصل المطاردة او أخذ قسطا من الراحة أم أتخلى عن ثأرٍ يأكل قلبي وضيق يعتري صدري ؟
قرَّرتُ أن ألجأ إلى أحد مطاعم السوق الشعبي، حيث رائحة الخبز الطازج تُذكِّرني بأنني لم أذق طعامًا منذ يومين سوى لقيماتٍ بالكاد تُمسك رمقًا.
جلستُ إلى طاولةٍ خشبيةٍ بالية، وإذا بوجهٍ تجاعيدُه تحكي قصصًا عن ثمانين عامًا من الألم يطلُّ عليَّ ... ؛ عرفتُهُ معرفةً عابرةً من سنوات مضت ... ؛ شيخٌ من عشيرةٍ ثأرٌ قديمٌ مزَّقها : فقد قتل الشيخ ابنَ عمه يوماً ما بدافع الغضب والحمية القبلية ، فانتقم الأبناءُ لوالدهم المغدور عندما كبروا ؛ اذ قتلوا ابن الشيخ الوحيد، تاركين إياه وحيدًا كشجرةٍ جرداء تُنْذِرها السنون بالتساقط... ؛ كانت عيناه كبئرين مُظلمتين، تلمع فيهما دموعٌ كالندى على زهرةٍ ذابلة... ؛ وقد تتبَّعتُ ندوب وجهه المتعب فقرأتُ فيها سفرًا من الندم : خطٌّ عميقٌ خلفته جريمةُ القتل الأولى، وآخرٌ متشعِّبٌ من خوفٍ طويلٍ من انتقام القدر، وأخيرًا كدماتٌ سوداء من يوم فقد ولده، كأنها نارٌ التهمت كبده وتركته رمادًا أشيبَ.
لم يتكلَّم الي ، لكنَّ نظراته كانت رسائلَ مُشفَّرةً تهمس بي قائلة : "إياك ثم اياك أن تلوث يديك بالدماء، فالنار إذا اشتعلت لن تُطفئها إلا دماءٌ أخرى، والثأر دوامةٌ لا نخرِج منها إلا أمواتًا"... ؛ أومضتْ كلماته في روحي كبرقٍ يقطع ظلام الليل : "دع العدل للسماء، فما أرحمَها حين تنتقم بلا ظلم!".
أغمضتُ عينيّ وأنا أتساءل: ماذا لو انتصرتُ عليه وارديته قتيلا ؟ سأهربُ كالهاربين، أتخفَّى في المنافي، فأيهما أولى : أن أبدأ رحلتي الآن طائعًا، أم أنتظر حتى تُجبرني يد القتل على الفرار مجبرا ؟
قرَّرتُ أن أتركه للقدر، وأمشي في طريقٍ آخرَ، طريقٍ يملؤه إيمانٌ بأن السماءَ كفيلةٌ بأن تردَّ الكيلَ بكيله والصاع بصاعين .
وبعد سنواتٍ، وبينما أنا أسير في زحام المدينة ، صادفتُ رجلًا من حيِّنا القديم... ؛ وقد دار الحديثُ حول من بقي من أهل الزمان، فقال مبتسمًا ساخرًا : "أتدري أن عدوكَ القديم مات تحت عجلات سيارةٍ طائشة؟
أما زوجته فأصبحت تتسوَّل عند أبواب المساجد، وأولاده تشردوا في الشوارع"... ؛ عندها انكمش قلبي لأجلهم: أطفالٌ بلا ذنبٍ سوى أنهم وُلِدوا في ظلِّ أبٍ ظالم... ؛ تذكرتُ يومها نظرة الشيخ المُتعب، فاختنقتُ بين أسىً على براءتهم الضائعة، ورضًا بأن السماءَ أعدلتْ، لكنها لم تُرحمْ... .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة البساطة في زمن الازدحام النفسي
- سطوة المال في عالم السياسة والانتخابات
- أعداء الداخل وتفكيك الخديعة: قراءة فكرية في الطائفية السياسي ...
- لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (5)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (3)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (2)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (1)
- العراق أولاً: الوطنية كميزان للعلاقات الخارجية والانتماء الح ...
- الهوية العراقية بين التعدد والتماسك
- الجولاني: عميل بصيغة -ثائر-.. من سجون الاحتلال إلى حضن الاست ...
- أنت لستَ فاهمًا، ولا أنا جاهلٌ
- معاداة الشيعة.. عقدة مستعصية و عداء بلا منطق و-إيران- مجرد ذ ...
- الهوية المستلبة : استغلال الاغلبية العراقية بين الطقوس الدين ...
- دور الأموال في تغيير القناعات وشراء الذمم : الانتخابات بين ا ...
- في زمن العبث والانكسار... حين يغدو الزيف قانوناً
- عصابات الجولاني في خدمة الاستكبار : من تواطؤ معلن إلى عدوان ...
- تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على ايران
- بين سحر الجماعة وكآبة الهُوة الفردانية


المزيد.....




- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - ندوب القدر وثارات الغدر