أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / 60 / علة الحب و نبض القلب














المزيد.....

مقولة وتعليق / 60 / علة الحب و نبض القلب


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 09:05
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في هذه المقالة سنعرج على قصيدة ( دعوا لي اطباء العراق ) للشريف الرضي – شاعر العراق وشريفه - , و لقد شاع في المشارق والمغارب أن الشريف الرضي كان من المغرمين، فقد كان القدماء يضربون الأمثال بقصائده الحجازيات، فيقولون ما معناه: لا تصقل نفس المتأدب إلا إن حفظ هاشميات الكميت، وخمريات أبي نواس، و زهديات أبي العتاهية، وتشبيهات ابن المعتز، ومدائح البحتري، وحجازيات الشريف الرضي ... ؛ فالشريف كان معروفًا عند القدماء بصدق اللوعة والصبابة، وكانت أشعاره في الحب كؤوسًا يعاقرها المتيمون... ؛ وقد انشد قائلا :
دَعوا لي أَطِبّاءَ العِراقِ لِيَنظُروا *** سَقامي وَما يُغني الأَطِبّاءُ في الحُبِّ
أَشاروا بِريحِ المَندَلِ اللُدنِ وَالشَذا *** وَرَدِّ ذَماءِ النَفسِ بِالبارِدِ العَذبِ
يُطيلونَ جَسَّ النابِضينِ ضَلالَةً *** وَلَو عَلِموا جَسّوا النَوابِضَ مِن قَلبي
في هذه الأبيات، يعبّر الشريف الرضي عن عجزه أمام آلام الحب التي لا يستطيع الأطباء علاجها، رغم مهارتهم في تشخيص الأمراض الجسدية ... ؛ فها هو يدعو أطباء العراق لفحصه، لكنه يسخر من قدرتهم على علاج سقمه، لأن داء الحب لا دواء له... ؛ فمرض العشق يصيب الروح ويؤذي النفس ولا علاقة له بالأمراض الجسدية ؛ كي يصف الاطباء لشاعرنا الشريف علاجات مادية (كالعطور الباردة أو المشروبات المنعشة) لأنها عديمة الجدوى... ؛ وكذلك سخر شاعرنا من الاطباء لأنهم يضيعون الوقت في فحص النبض الجسدي، بينما لو عرفوا حقيقة مرضه، لفحصوا "نوّابض قلبه" .
نعم هو دعا الاطباء العراقيين لفحص جسده ؛ فلعلهم يجدون تفسيرًا لهذا السقم الذي أنهكه ... ؛ لكنه يعلم أنهم عاجزون، لأنهم خبراء في أمراض الجسد فحسب ، لا في جراح الروح والنفس ... ؛ واقصى ما يقومون به وصف العطور الفواحة، والمشروبات الباردة وغيرهما من الادوية المادية ، ويتفحصون نبضه باهتمام، كأنهم يقرأون أسرار الحياة في عروقه ... ؛ لكن كل هذا لا يفيد... ؛ فلو كانوا يعرفون الحقيقة، لَما أضاعوا وقتهم في النبض الواهن، ولأدركوا أن النبض الحقيقي يكمن في قلبه المكلوم، الذي يخفق بحبٍّ لا يُشفى بوصفة طبية.
فكأنه يقول للأطباء : إن مرض الجسد يُقاس باليد والعين ، لكن مرض القلب يُقاس بالدموع والأنين. فدعوكم من ضجيج العِلَل الظاهرة، فما أصابني ليس بجرحٍ ينزف دماً، بل بحريقٍ يذيبني من الداخل... وكيف لكم أن تطفئوا نارًا لا ترونها؟!
الحب علة والعشق مرض من نوع اخر مختلف ؛ والفحص الطبي والعلاجات التقليدية لا تجدي نفعا مع مرض الحب ؛ فهو يتطلب علاجا خاصا , وهذه العلاجات لا يمكنها أن تفيد في علاج مرض الحب، لأنها لا تتعامل مع الأسباب الجذرية للمرض والاسباب الحقيقة للعلة ... ؛ وهذه الابيات الشعرية عبرت تعبيرا صادقا عن حالة العاشق والمصاب بداء الحب , والاشواق والآلام التي يمر بها العاشق، والتي يعجز الطب والاطباء عن علاجها .

هذه الأبيات نموذجٌ للشعر العباسي الذي يُمزج بين العاطفة الصادقة والسخرية الذكية، ويعكس فلسفةً تأثير الروح على المادة ( الجسد ) .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطياف اللقاء في مملكة الظل
- دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الج ...
- الفلول الارهابية والعصابات الاجنبية على الأبواب: مخاطر الزحف ...
- دونية الاغلبية العراقية: خيانة الذات وتغذية مشاريع الأعداء
- الكتابة الملتزمة: بين ضريبة الكلمة والجهر بالحق وبناء الهوية ...
- الاحتلال الناعم ونهب الثروات بواجهات محلية .. العراق نموذجًا
- صرخة العقل العراقي : بين وجع الهوية والضياع وشرف المكاشفة وا ...
- تموز الحارق والكهرباء الغائبة: العراقي بين لهيب الصيف وغياب ...
- أحمد الجولاني: الوجه المحلّي لمشروع تكفيري اقليمي
- -الدوني... وين وجهك؟!- .. وجهك في قعر الخيانة، وذيلك في كف ا ...
- سياحة الموت.. التعتيم الحكومي وضحايا الارهاب السوري
- الضمير: الملاك الساقط أم الجلاد الخفي ؟ .. قراءة فلسفية ونفس ...
- الزمنُ حين يختبئ في جيب المعنى
- لا تطرق أبواب الماضي.. فإنها لا تفتح
- ندوب القدر وثارات الغدر
- فلسفة البساطة في زمن الازدحام النفسي
- سطوة المال في عالم السياسة والانتخابات
- أعداء الداخل وتفكيك الخديعة: قراءة فكرية في الطائفية السياسي ...
- لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (5)


المزيد.....




- أمريكا: هبوط اضطراري لطائرة بملعب غولف.. ومصادرة كوكايين بقي ...
- سوريا.. عشائر الجنوب تعلق على بيان الرئيس أحمد الشرع
- سوريا.. أحمد الشرع يعلق على أفعال بعض الدروز في السويداء وال ...
- سوريا: الرئاسة تعلن وقف إطلاق نار -فوري- في السويداء وتدعو ك ...
- الشرع: سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال
- فريدريش ميرتس ..لماذا يشكر إسرائيل على قيامها بـ-أعمال قذرة- ...
- الاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة ويجبر فلسطينيين على هدم منازل ...
- لماذا لا تُصنّع هواتف -آيفون- في أميركا؟
- قوات العشائر السورية تدخل عددا من البلدات في محافظة السويداء ...
- القنبلة التي قد تعيد تفجير الصراع بإقليم تيغراي الإثيوبي


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / 60 / علة الحب و نبض القلب