أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الجرح














المزيد.....

دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الجرح


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 18:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يوجد إنسانٌ سويٌّ على وجه المعمورة لا يحب وطنه وأهله وبيته وأبناء جلدته، إلا من كان مريض النفس، منحرف الفكر، معوجَّ السيرة، ملوَّث الفطرة.
وفي تراثنا العربي، يُوصَف من ينسلخ عن قومه ويهجر أهله ويلتحق بجماعاتٍ غريبة أو يعلن الولاء لقبائل لا صلة له بها، بأوصاف مهينة كـ"الدعي"، و"اللصيق"، و"الهجين"، و"المولى"، و"الجراش"، و"الدخيل"، و"عديم الأصل والفصل"... ؛ وهو ما عبّر عنه المثل الشعبي المصري ببلاغة: "اللي يخرج من داره، يقل مقداره".
فما بالك بمن يهجر أهله وإخوانه وقومه، أو ينسلخ عن وطنه وهويته بكل ما فيها من انتماءٍ وجذور؟
نعم، التحوُّل الفكري المشروع شيء، أما الانسلاخ والخيانة بدافع الطمع أو الخوف أو الانتقام، فشيء آخر تمامًا.
إن معشر "الدونية" – أولئك الذين سلكوا درب الخيانة والعمالة والارتزاق والتملق للعدو والتبعية للغريب – تدفعهم إلى ذلك ثلاثة دوافع رئيسية:
1. الطمع والارتزاق:
يبيع هؤلاء ضمائرهم وأهلهم لقاء مال أو منصب أو مصلحة ، فيصيرون أدوات طيّعة بأيدي الطغاة والمستعمرين والأجانب والدخلاء والاعداء ... ؛ وهؤلاء لا يُؤمن جانبهم، حتى لو عادوا مؤقتًا إلى صفوف الأغلبية أو إلى حضن الوطن، لأن دينهم هو الدينار والدرهم، ولا مبدأ لهم سواه... ؛ فمتى ما توقفت مكافأة الأعداء، عادوا لأهلهم، وحين يُستأنف الدفع، انقلبوا عليهم ثانية... ؛ وتحت ذرائع جديدة، يظنون أنها تنطلي على السذج والبسطاء.
2. الخوف والجبن:
يفرّون من المواجهة، ويبحثون عن حماية الأقوياء – حتى لو كانوا أعداءً – فيذلون أنفسهم طلبًا لأمانٍ وهمي... ؛ وقد يصبحون سيوفًا بيد أعدائهم ضد إخوتهم، ويتحوّلون إلى سياط تعذيب تُلهب ظهور أهلهم... ؛ فالخوف أعمى بصيرتهم، والرهبة أماتت ضمائرهم.
إنهم يعلمون يقينًا أن الأغلبية العراقية الأصيلة ترحم ولا تعذّب، ولا تقتل لمجرد الاختلاف، بينما يعلمون في الوقت ذاته أن بعض الجماعات الهجينة، والطائفيين والتكفيريين من ابناء الطائفة السنّية الكريمة ، و شراذم القوميين ، والبعثيين، والصداميين ومن لفّ لفّهم لا يرحمون صغيرًا أو كبيرًا، وإذا بطشوا بطشوا بطشة جبار منتقم.
لذا ترى شراذم "الدونية" يرتجفون من هؤلاء الأوغاد، بينما يتظاهرون بالبطولات المزيفة والعنتريات الفارغة على أبناء جلدتهم وفي القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي .
كلابٌ للأجانب هم، ولكن... على أهلهم أسود!

3. العُقَد النفسية والجروح الاجتماعية:
هنا تكمن الدراما الإنسانية الأشد مرارة... ؛ فمن تعرّض لظلم قاسٍ أو خيانة من بني جلدته، يُصاب أحيانًا بما يشبه "عقدة الخيانة المعكوسة"، فينقلب حبه المنكسر إلى حقدٍ أعمى على الجميع بلا تمييز... ؛ويهرب إلى أحضان الغرباء – الذين قد يكونون أشد كرهًا له من قومه – طلبًا للاعتراف أو الانتقام... ؛ لكنه يسقط في فخّ الاستغلال، وتُعمي "غشاوة الإسقاط النفسي" عينيه، فلا يرى أنه في نظرهم مجرد أداة رخيصة، أو كلب عقور، يُستخدم ضد أهله، ثم يُلقى في القمامة متى ما انتهت الحاجة إليه.
ولذا كنت وما زلت ضد كل أشكال الانتقام والثأر والتصفيات الجسدية داخل صفوف المكوِّن الأكبر، لأني أعلم جيدًا تداعياتها الكارثية... ؛ فمن قُتل له أب أو أم أو أخ أو صديق أو قريب، لن يغفر للقاتل فعلته، حتى لو انتمى لجيش الإمام علي ، فضلًا عن انتماءه لهذه الأحزاب والشخصيات السياسية والحركات والفصائل الإسلامية والعشائر والقبائل العراقية .
لقد تعامل الساسة الأكراد – رغم كل المآخذ – بذكاء مع البعثيين الكرد، فلم يطاردوهم أو يقصوهم أو يقتلوهم، رغم الفوارق الشاسعة بينهم وبين بعثية الاغلبية ، بينما وصل الأمر ببعض التيارات الشيعية إلى تصفية رجال الشرطة والجيش من أبناء جلدتهم , والذين انخرطوا في الحكومات الجديدة بعد عام 2003 ؛ فضلا عن عمليات اقامة الحدود الدينية بحق الزاني والزانية وشارب الخمر وغيرهم !
النتيجة المأساوية : بيوت امتلأت بالنوائح والفواجع ، وأزقة عجّت بالثكالى، ومدن اختنقت بالأرامل والأيتام... ؛ اذ لا يكاد بيت يخلو من شهيد أو قتيل... ؛ فانتشر الحقد والاحتقان الاجتماعي ، وتعاظم طلب الثأر، حتى ولو بعد حين... ؛ ولعل انتفاضة او حراك او ثورة تشرين مثال صارخ على ما نقول... ؛ لهذا ترى الحكماء والساسة الوطنيين والقادة الدينيين والاجتماعيين وشيوخ العشائر، يتفادون سفك الدم، ويسعون لحل النزاعات بالحكمة والموعظة الحسنة، لما علموا أن الدم لا يولد إلا الدم.
وقد تتبعت طروحات العديد من المدونين والنشطاء والكتاب من أبناء الأغلبية المحسوبين على "الدونية"، فوجدت أن أغلبهم يحمل جرحًا قديمًا :إما تعرض للإهانة في محيطه، أو أُهمل من قِبل حكومته وأحزابه ومؤسساته والمحسوبة على الاغلبية ، أو جُرِح من بيئته، فلجأ إلى المكونات الأخرى طلبًا للشعور بالأهمية والانتصار الذاتي.
ومهما اختلفت الدوافع والاسباب ...؛ فإن النتيجة واحدة: هجر الأهل، والتنكر للأصل، والبراءة من التاريخ، والانخراط في صفوف الأعداء ضد الوطن... ؛ فتراه يسفّه منجزات الأغلبية، ويحقّر رموزها، ويمتدح الآخرين، بل ويبرر أخطاءهم ويغضّ الطرف عن جرائمهم!
والمفارقة المؤلمة أن الخائن قد يصبح أشدَّ بغضًا لأهله من العدو نفسه...!!
ومع كل الدروس التاريخية التي سجلت سقوط الخونة والمتملقين والمرتزقة سقوطًا مدويًا...؛ يبقى "الدوني" أسيرَ جرحه أو طمعه أو وهمه، لا يعتبر ولا يتّعظ...؛ فمهما تملّق للأعداء، ومهما تشبّث بأهدابهم ... ؛ يبقى في أعينهم مجرد "كلب أجرب"، أو "أداة مستهلكة"... ؛ يُرمى بها إلى الهامش متى ما انتهت مهمتها .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلول الارهابية والعصابات الاجنبية على الأبواب: مخاطر الزحف ...
- دونية الاغلبية العراقية: خيانة الذات وتغذية مشاريع الأعداء
- الكتابة الملتزمة: بين ضريبة الكلمة والجهر بالحق وبناء الهوية ...
- الاحتلال الناعم ونهب الثروات بواجهات محلية .. العراق نموذجًا
- صرخة العقل العراقي : بين وجع الهوية والضياع وشرف المكاشفة وا ...
- تموز الحارق والكهرباء الغائبة: العراقي بين لهيب الصيف وغياب ...
- أحمد الجولاني: الوجه المحلّي لمشروع تكفيري اقليمي
- -الدوني... وين وجهك؟!- .. وجهك في قعر الخيانة، وذيلك في كف ا ...
- سياحة الموت.. التعتيم الحكومي وضحايا الارهاب السوري
- الضمير: الملاك الساقط أم الجلاد الخفي ؟ .. قراءة فلسفية ونفس ...
- الزمنُ حين يختبئ في جيب المعنى
- لا تطرق أبواب الماضي.. فإنها لا تفتح
- ندوب القدر وثارات الغدر
- فلسفة البساطة في زمن الازدحام النفسي
- سطوة المال في عالم السياسة والانتخابات
- أعداء الداخل وتفكيك الخديعة: قراءة فكرية في الطائفية السياسي ...
- لا تُضيء في الظلام... ما لم تكن مستعدًا للنجاة من الحريق
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (5)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)
- الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (3)


المزيد.....




- ما هي خلفية الأزمة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر؟
- المرصد السوري: السويداء أفرغت من سكانها
- من هم العشائر في السويداء؟
- سفير أميركا بتركيا: إسرائيل وسوريا تتوصلان لوقف إطلاق النار ...
- سوريا وإسرائيل تتوصلان لوقف لإطلاق النار بدعم أردني تركي
- استطلاع: غالبية الإسرائيليين يؤيدون صفقة تبادل شاملة وإنهاء ...
- رويترز: الكونغو ستوقع بالدوحة اتفاق لإنهاء القتال مع المتمرد ...
- أنغام تفتتح مهرجان العلمين بعد تجاوز أزمتها الصحية
- صاروخ يمني يربك إسرائيل: تعليق الملاحة في مطار -بن غوريون- و ...
- الأمين العام لحزب الله يُحذّر من -ثلاث مخاطر- ويؤكد: جاهزون ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الجرح