|
عقدة اللااتفاق العراقي: بين شتات الهوية العراقية وبوصلة الوطنية المؤجلة .. خور عبد الله نموذجا
رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 10:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وحتى يومنا هذا، لم يشهد العراق لحظة توافق وطني شامل تُجمع فيها مكوناته المتعددة – قوميًا ودينيًا ومذهبيًا وسياسيًا – على رؤية موحدة أو قضية جامعة بشكل دائم... ؛ فما زال العراقيون يعانون من أزمة مزمنة في بناء إجماع وطني حقيقي يتجاوز الحواجز الطائفية والقومية والمناطقية والسياسية ... ؛ اذ لم يشهد هذا الوطن إجماعاً وطنياً دائماً أو توافقاً مستقراً بين مكوناته... ؛ فعلى امتداد أكثر من قرن، بدا وكأن العراقيين اتفقوا على ألا يتفقوا ... ؛ فقلّما تجد مسألة، أياً كانت - سياسية أم ثقافية، اجتماعية أم إعلامية، وطنية أم إنسانية - ، تُجمِع عليها أطياف المجتمع العراقي كافة... ؛ وكأنَّ الشعب العراقي، بوعيه أو من دونه، قد اتفق على ألا يتفق ؛ وكأن العراق – على اتساعه وثرائه – لا يملك لغة موحّدة للهمّ الجمعي، ولا ذاكرة تتسع للجميع في آنٍ واحد... ! هذه المفارقة الحادة، التي تحولت مع الزمن إلى مكون بنيوي في الشخصية السياسية والاجتماعية العراقية، قد دفعت البعض إلى اتهام العراقيين بكونهم شعبًا "لا يُجمع على شيء"، أو وصفهم – ظلمًا أحيانًا وعدلاً أحيانًا أخرى – بأنهم أهل الشقاق والنفاق والانقسام... . هذه الظاهرة ليست خاصة بالعراقيين وحدهم؛ فثمة شعوب أخرى تتنازعها الانقسامات والتناقضات، إلا أن خصوصية الحالة العراقية تكمن في استمرارية هذه الانقسامات عبر العصور، وتحوّلها إلى بنية داخلية مستحكمة في النفس العراقية... ؛ فحدة تمظهرها واستمراريتها التاريخية تجعل من التجربة العراقية حالة فريدة ومقلقة في آن... ؛ ما جعل بعض الباحثين والمتابعين يصفون العراقيين بأنهم "قوم الشقاق والنفاق" كما اسلفنا ، وهي تهمة قد تكون قاسية لكنها تكشف حجم الانقسام لا أكثر... ؛ كما اسلفنا ... ؛ وهي صفات تنبع من خيبة تاريخية ممتدة وليست مجرد تعبيرات مزاجية أو تجنيات سطحية... ؛ ما يشير إلى وجود خلل أعمق يتجاوز الخلافات الطارئة إلى أزمة هوية وطنية متراكمة لم تُحل... . ومع ذلك، ورغم هذا الإرث المتشظي، لم تخلُ صفحات التاريخ العراقي والمسيرة الوطنية من لحظات استثنائية ونادرة وملهمة من التوحد والنهضة الجمعية... ؛ اجتمعت فيها الأمة العراقية على كلمة سواء... ؛ اذ يتجلى فيها إجماعٌ عراقي واسع النطاق، قد تصل نسبته إلى 80%، مما يسمح بوصفه - من بعض الوجوه - بـ "الاتفاق الوطني" ... ؛ فقد اجتمع فيها العراقيون – أو غالبيتهم – حول قضايا مصيرية... ؛ كثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني ومقارعة الانكليز في بدايات القرن العشرين والتي كانت أولى هذه اللحظات، ثم جاء الالتفاف الشعبي حول الزعيم عبد الكريم قاسم وثورته عام 1958، ثم الانتفاضة الشعبية العارمة عام 1991، التي اندلعت إثر اندحار الجيش العراقي وانسحابه من الكويت , والتي فجّرت روحًا وطنية مكبوتة ضد النظام البعثي ... ، وكادت أن تطيح بجدار الخوف وبرأس النظام العفن لو لم تُجهض بدموية نادرة مدعومة من قوى الشر العالمية والاقليمية ...؛ فهذه المحطات التاريخية والمواقف الجماهيرية كانت جميعها تجليات وطنية عابرة للطوائف والإثنيات... ؛ لحظات شعر فيها العراقي بأنه "ينتمي لوطن" وليس فقط لطائفة أو عشيرة أو حزب ... ؛ لكن هذه اللحظات كانت، في الغالب، انفعالات جماهيرية غاضبة أكثر منها بناءات مؤسساتية راسخة، مما جعلها تتبدد سريعًا أمام أول موجة مضادة أو اختراق خارجي... . وبعد 2003، رغم تفجر الفوضى الطائفية والسياسية ... ؛ اذ لم تُشيد الدولة الجديدة على أسس الوحدة أو المصالحة أو العدالة الانتقالية، بل جاءت وليدة المحاصصة والارتهان للأجندات الخارجية، ما عمّق الانقسامات وأفرغ فكرة الوطن من محتواها ... ؛ ومع ذلك , لم تخلُ هذه الحقبة من لحظات وميض وطني، أهمها المعركة المصيرية ضد تنظيم "داعش"، حيث أعاد الشعب إنتاج مفهوم "الهوية العراقية" من خلال التضحية الجماعية والمقاومة المدنية والعسكرية ؛ فقد أعاد العراقيون إنتاج انتمائهم الوطني من خلال تشكيلات الحشد الشعبي، والقتال المشترك بين مكونات مختلفة، رغم ما رافق ذلك من تشويش إعلامي ومحاولات تدويل للدم ... ؛ وكذلك انتفاضة تشرين 2019، رغم ما شابها من اختراقات ومحاولات تسويق مشبوهة، أعادت تعريف الوطنية العراقية على أساس مدني، شبابي، عابر للطوائف، وكشفت عمق التوق الشعبي إلى دولة ذات معنى، لا مجرد كيان مسلوب الإرادة... ؛ فقد عبّرت عن رفض شعبي واسع للطبقة السياسية الحاكمة بكل تلويناتها، وأسست لحس وطني جديد لا يستند إلى الطائفة أو القومية، بل إلى فكرة "المواطن الغاضب من سرقة الوطن"... ؛ و أعادت إلى الساحة مفردات "الوطن" و"الكرامة" و"العدالة" بعيداً عن الطائفية، رغم ما شابها من اختراقات وتوظيفات... ؛ فقد تعرّضت لاختراقات داخلية وخارجية، وتم تشويه أهدافها وتحريف مساراتها، لتبقى الوطنية العراقية لحظة احتجاج أكثر منها مشروعًا مستدامًا... . *قضية خور عبد الله: نموذج الإجماع الوطني المشوب بالاختراق واليوم، تتجدد لحظة "الاتفاق الوطني الاستثنائي" في ملف خور عبد الله، الاتفاقية المذلة التي فجّرت في العراقيين شعوراً جماعياً بالإهانة والغضب، واستعادت ذاكرتهم المثقلة بالخيانة والتفريط... ؛ فقد اجتمع العراقيون – من كل مشاربهم وطوائفهم وأقاليمهم – على رفض هذه الاتفاقية، التي اعتُبرت امتداداً لنهج البعث في التنازل عن السيادة، وتكريساً لزمن النكوص الوطني... ؛ لقد سلط العراقيون الضوء، لا على الاتفاقية فحسب، بل على رموز الخيانة في النظام البائد، وعلى بعض الساسة الجدد الذين واصلوا مسلسل التنازلات مقابل الرشى والولاءات الخارجية... ؛ لقد شعر المواطن البسيط والمثقف، الشيعي والسني، العربي والكردي، الجنوبي والشمالي، أن كرامته كعراقي قد أُهينت مرة أخرى، وأن خيانة جديدة تضاف إلى سلسلة من التنازلات المتراكمة منذ عهد البعث وحتى اليوم... ؛ نعم قد تجلت هذه الديناميكيات المعقدة بوضوح في الإجماع الحالي حول رفض اتفاقية خور عبد الله...؛ فقد اتحد العراقيون، من مختلف مشاربهم، في رفض هذه الاتفاقية، وسلطوا الضوء على ما اعتبروه خيانةً تاريخيةً بدءًا من نظام صدام وحتى بعض سياسيي المرحلة الحالية، متهمين إياهم بالتنازل عن حقوق وطنية لقاء رشى أو مصالح ضيقة... ؛ هذا الإجماع الشعبي العريض يعكس توقًا حقيقيًّا للدفاع عن السيادة والكرامة الوطنية... , كما اسلفنا . غير أن هذا الحراك، برغم صدقه الشعبي، لم يسلم من الاستغلال السياسي والإعلامي، كما حصل في العديد من القضايا الكبرى السابقة... ؛ فثمة من ركب الموجة بحثاً عن مكاسب انتخابية أو لتصفية حسابات مع خصومه، وثمة من حاول تحويل الغضب الشعبي إلى أداة ابتزاز سياسي وإقليمي، بل هناك من استخدم هذه القضية لإلهاء الناس عن مؤامرات أخطر تُطبخ في الخفاء، ولإشغالهم عن الأزمات الاقتصادية والأمنية الحقيقية، أو حتى لتهيئة الأجواء لتغييرات جيوسياسية في الخليج تخدم مصالح قوى إقليمية لا علاقة لها بمصلحة العراق... ؛ فبعض من تصدروا المشهد اليوم باسم "الرفض الوطني" هم ذاتهم من صمتوا بالأمس، أو ساهموا بشكل مباشر في تمرير التفريط، أو قبضوا ثمن السكوت... ؛ فثمة من ارتدى قناع الوطنية وهو في الأصل متهم بالتفريط ذاته، وثمة من حوّلها إلى منصة للانتخابات، وثمة من أراد بها صرف الأنظار عن "طبخة أمنية أو صفقة سياسية" يجري تحضيرها خلف الكواليس كما اسلفنا ... ؛ بل ثمة من يُلمّح إلى استخدام هذه القضية كورقة ضغط إقليمية لابتلاع الكويت في مشروع أكبر ؛ فالأطماع السعودية في ابتلاع الكويت لا تزال قائمة ... . ومع ذلك، تبقى الروح الوطنية المتفجرة في وجدان العراقيين أقوى من محاولات التحريف والتشويه... ؛ فمهما تنوعت دوافع المتكلمين والمنخرطين، يبقى الجوهر الحقيقي لهذا الإجماع تعبيراً عن حاجة العراقيين العميقة إلى وطن يوحدهم، وكرامة تحفظهم، وقرار سيادي يعيد إليهم الثقة بأنفسهم وببلدهم... ؛ ورغم كل الاشكاليات السابقة والاستخدامات المشبوهة ، فإن الإرادة الجمعية للشعب العراقي في هذه اللحظة تحديداً لا يمكن اختزالها أو تسفيهها... ؛ فقد اتضح بشكل لا لبس فيه أن الغالبية الساحقة من العراقيين ترفض هذا التفريط، وتطالب بمراجعة الاتفاقيات المشبوهة، وتؤمن بأن من لا يقف في صف الوطن في هذه القضية، هو خائن، أياً كانت ذرائعه أو انتماءاته... . إن العراقي، رغم الجراح والخذلان، ما زال يبحث عن لحظة إجماع وطنية صادقة يصرخ فيها: "أنا عراقي أنا عراقي أنا عراقي "، بعيداً عن الميليشيا والطائفة والحزب والدولة الجارة والشعارات القومية والمذهبية والفئوية والمناطقية ... الخ ؛ فهو لا يزال يحمل في داخله بركانًا من الانتماء الصادق، لكنه يبحث عن فرصة، عن رمز، عن لحظة تجتمع فيها إرادته على هدف نبيل، من دون أن تُسرق تلك الإرادة كما سُرقت مرات عديدة ... ؛ وإن قضية خور عبد الله ليست مجرد نزاع حدودي، بل اختبار جديد لمدى نضوج الوعي الوطني الجمعي، وفرصة قد تتحول إلى نقطة انطلاق لبناء ثقافة سيادية حقيقية قوامها الثقة بالنفس ورفض التبعية والذل... ؛ إن ما نراه اليوم هو حاجة ملحة لدى العراقي إلى لحظة شرف وطني يعبّر فيها عن انتمائه الحقيقي، حاجة لتكذيب الصورة النمطية عنه بأنه لا يتفق، ولا يغضب من اجل وطنه ، ولا ينتفض لحقوقه ... ؛ العراقي اليوم متعب، خائب، لكنه يقظ في أعماقه... ؛ ينتظر "قضيته الكبرى" ليثبت أنه يستحق وطناً، لا مجرد دولة تُدار بالوكالة... . العراقي لا يفتقر إلى الوطنية، بل إلى من يحترم وطنيته ويصونها... ؛ وكلما أتيحت له فرصة حقيقية للتعبير عن هذه الوطنية، انطلق بعمق وشراسة، معلناً أن العراق ما زال حياً في وجدان أبنائه، وإن تكالب عليه القريب والبعيد، وسرقوا منه الأرض والماء والهواء... ؛ فالعراق كما يثبت تاريخه لا يموت... , لكنه ينتظر من ينهض به , ويمنحه المعنى الذي يستحق , لا من يسرق منه حتى الحلم. *التحليل السياسي: صراع الهويات وتفتيت الإرادة تتجذر صعوبة الإجماع العراقي في البنية السياسية الهشة التي تعاقبت على الحكم... ؛ فغياب دولة المواطنة المتساوية، واستبدالها بنظمٍ قمعية أو محاصصاتية طائفية وإثنية وعميلة ... ؛ غذى الانقسامات وأضعف فكرة "المصلحة الوطنية العليا"... ؛ فقد تحولت السياسة إلى ساحة تنافسٍ ضيقة على السلطة والموارد، يصعب معها توحيد الصفوف إلا تحت تهديد وجودي مباشر... ؛ كما أسهم التدخل الخارجي المتكرر، وتوظيف الدول المجاورة للانقسامات الداخلية، في تعميق الهُوَّة وإعاقة تشكل إرادة وطنية موحدة تجاه القضايا المصيرية، خلافًا لما نراه في دول أخرى تستطيع توحيد جهودها بسرعة نسبية تحت راية الوطن عند الأزمات. ففي الوقت الذي نجد فيه شعوبًا عديدة - أقل ثراءً وأبسط تاريخاً - تتوحد بسهولة للدفاع عن قضاياها المصيرية وتوحد صفوفها عند أي تهديد خارجي أو تحدٍ داخلي ...؛ يواجه العراقي صعوبة كبيرة في الاتفاق على أدنى درجات المشترك الوطني، سواء في مواجهة التهديدات الخارجية، أو في بناء منظومة قيم داخلية... ؛ فقد غابت الدولة كراعية للهوية الجامعة، وحلت محلها الولاءات الطائفية والعرقية والحزبية والمناطقية، فصار كل مكوّن ينظر إلى العراق من نافذته الضيقة، لا من أفقه الواسع... ؛ وكأن هناك "عقدة وطنية" عميقة تمنع الاندماج النفسي والجمعي، وتؤجل الحلم الوطني كل مرة...!! ولعل أخطر ما في المشهد الحالي، هو أن هذه اللحظة – مثل سابقاتها – قد تُفرغ من محتواها إن لم تُصان وتُبنى عليها رؤية استراتيجية وطنية... ؛ إذ لا يكفي الغضب وحده، بل يحتاج إلى قيادة نزيهة، ومشروع وطني جامع، وآليات صلبة لصناعة القرار السيادي. والمفارقة أن هذا الشعب النبيل – الذي يُتّهم بعدم الاتفاق – ينفجر اتحادًا في كل لحظة خيانة، كأن الوطنية العراقية لا تظهر إلا في الرد على الخذلان، لا في البناء ولا في المشاريع المستقبلية. ولذا فإن أخطر ما قد يحصل هو أن تتحول هذه اللحظة – كما حصل سابقًا – إلى زوبعة تنتهي بلا نتيجة، أو تفرغ من محتواها، إن لم تتحول إلى مشروع وطني مؤسسي يعيد بناء العلاقة بين المواطن والدولة على أساس الكرامة والسيادة. فالعراق لا يحتاج فقط إلى لحظات اتفاق عابرة، بل إلى ثقافة اتفاق دائمة، تُبنى على أساس المصلحة العليا، لا المكاسب الحزبية، وعلى احترام الوعي الشعبي، لا استغبائه أو استغلاله. لقد آن للعراق أن يُتفق عليه... لا أن يُتاجر به. *التحليل الاجتماعي : تراث الانقسام وغياب الثقة يرتكز العجز عن الإجماع على بنية اجتماعية مُثقلة بتراث عميق من الانقسامات الطائفية والإثنية والمناطقية... ؛ فالمجتمع العراقي، رغم عراقته، لم يخضع لعملية اندماج وطني قوية ومستدامة تكسر حواجز العزلة والريبة المتبادلة... ؛ وقد أدى القمع الممنهج الذي مارسته أنظمة طائفية وعنصرية هجينة سابقة، ولا سيما نظام السفاح صدام ، ضد مكونات بعينها إلى ترسيخ الإحساس بالمظلومية والهوية الفرعية على حساب الهوية الجامعة... ؛ هذا، إضافة إلى غياب الثقة العميق بين مكونات الشعب وبين المواطن ومؤسسات الدولة، فضلا عن فرض ثقافة الفئة الهجينة على العراق ؛ مما يجعل أي دعوة للوحدة تواجه شكوكًا مسبقة حول نوايا الداعين إليها ومآربهم. *التحليل النفسي: الحلم الوطني المكبوت والبحث عن التجسيد أنتجت هذه الحالة النفسية الاجتماعية ظاهرةً ملفتة: توقٌ جامحٌ لدى العراقي إلى "حدث جامع" يُطلق العنان لمشاعره الوطنية المكبوتة ويوحد الصفوف. إنه حلمٌ بـ "وطن متخيل" يتجاوز الانقسامات الواقعية... ؛ اذ ينتظر العراقيون بفارغ الصبر لحظةً تُشعل فيهم جذوة الانتماء المشترك والاعتزاز بالعراق، سواء أكانت مواجهةً لوحشٍ كداعش (وما ولَّده من ظاهرة الحشد الشعبي)، أو احتجاجًا جامعًا كـ حراك تشرين، أو حتى انتصارًا رياضيًّا في مباريات كرة القدم... ؛ هذه اللحظات تقدم جرعةً نفسيةً مكثفةً من الوحدة والانتماء، تعوض الحرمان التاريخي منها، حتى لو كانت مؤقتة... . *الخاتمة: بين الاستثناء والحلم المستحيل ظاهرة العجز عن الإجماع في العراق ليست نقصًا في الوطنية، بل هي نتاج تراكمي لسياسات القمع والتفتيت وغياب دولة المواطنة الحقيقية، تعززها بنية اجتماعية مُثقلة بالانقسامات وغياب الثقة... ؛ و الإجماعات الشعبية والنخبوية العراقية المؤقتة، كالتي شهدتها ثورات وانتفاضات تاريخية أو كما يظهر في قضية خور عبد الله، تثبت وجود مشاعر وطنية جياشة وحلمًا عراقيًّا جامعًا... ؛ لكن استمرار استغلال هذه اللحظات الجامعة وتوظيفها من قبل النخب السياسية لأغراض ضيقة، أو اختراقها من قبل أجندات خارجية، يحول دون تحويل هذا الحلم إلى واقع دائم... ؛ و يبقى التحدي الأكبر هو بناء نظام سياسي عادل وشامل، ومجتمعٍ مواطنيٍّ قائم على الثقة والمساواة، يمكنه تحويل لحظات "الوطن المتخيل" الاستثنائية إلى حياة وطنية يومية مستقرة ومتفقة على الحد الأدنى من المبادئ والأهداف الجامعة... ؛ فالإجماع المستحيل اليوم قد يصبح ممكنًا غدًا ببناء أسس دولة تستحق ولاء جميع أبنائها.
#رياض_سعد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقدة الدونية في الوعي الجمعي الشيعي العراقي: تحليل نفسي- اجت
...
-
الإزاحة بدل الإعانة: قراءة نقدية في سياسة الهدم الحكومية دون
...
-
مرآة الله المكسورة : ياسر بين الشهوة المتفجرة والتوبة المتكر
...
-
الولاء الوطني: بين الانتماء الجوهري والانسلاخ المشبوه
-
الاحتلال الناعم والهيمنة الغربية في العراق : من الاستعمار ال
...
-
الاحتلال البريطاني وتأسيس منظومة النفوذ
-
سائقٌ بالصدفة... ورفيقُ الغبن
-
إزالة التجاوزات... حين تتقن الدولة قهر شعبها !
-
فلول الطائفية والدونية والبعث: خيانةٌ متجددة ومواجهةٌ لا بدّ
...
-
الضفاف لا تُغوي... لكن السفن لا تُقاوم
-
النكبة المستدامة : التغول التكفيري و الطائفية السنيّة كأداة
...
-
مقولة وتعليق / 60 / علة الحب و نبض القلب
-
أطياف اللقاء في مملكة الظل
-
دوافعُ الانسلاخ عن الهوية والذات الجمعية... من الطمع إلى الج
...
-
الفلول الارهابية والعصابات الاجنبية على الأبواب: مخاطر الزحف
...
-
دونية الاغلبية العراقية: خيانة الذات وتغذية مشاريع الأعداء
-
الكتابة الملتزمة: بين ضريبة الكلمة والجهر بالحق وبناء الهوية
...
-
الاحتلال الناعم ونهب الثروات بواجهات محلية .. العراق نموذجًا
-
صرخة العقل العراقي : بين وجع الهوية والضياع وشرف المكاشفة وا
...
-
تموز الحارق والكهرباء الغائبة: العراقي بين لهيب الصيف وغياب
...
المزيد.....
-
الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
-
ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين
...
-
أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي
...
-
فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم
...
-
ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو
...
-
مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي
...
-
ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال
...
-
من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
-
كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
-
حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|