أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء عدنان عاشور - أردوغان من إمام المستضعفين إلى رهينة المصالح ، غزة تكشف زيف الخطاب














المزيد.....

أردوغان من إمام المستضعفين إلى رهينة المصالح ، غزة تكشف زيف الخطاب


علاء عدنان عاشور
محامي وكاتب وباحث في السياسة والأدب والفلسفة والإقتصاد والقانون .

(Alaa Adnan Ashour)


الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ بدأت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، تهاوت الأقنعة، وتراجعت الشعارات، وسقطت الكثير من الصور الدعائية التي لطالما التصقت ببعض الزعماء في المنطقة، وفي مقدمتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي صدّر نفسه طويلاً كزعيم المسلمين ووصيّ الإسلام السياسي وحامي المستضعفين في الأرض.

ففي الوقت الذي كانت غزة تحت القصف، وأهلها تحت الركام، كانت الدبلوماسية التركية تزن كلماتها بميزان الذهب، وتتفادى الاصطدام الحقيقي مع الدولة العبرية، رغم أن أنقرة – حسب ما يزعم الخطاب الرسمي – تتبنى "قضية فلسطين" بوصفها رمزًا للضمير الإسلامي الحي. غير أن المشهد الواقعي يشي بعكس ذلك تمامًا.

أردوغان... خطيب القضايا ومهندس الصفقات

منذ سنوات، رسم أردوغان لنفسه صورة القائد الإسلامي الذي يواجه "المنظومة الغربية الظالمة"، ويقف في وجه "الاستعمار الجديد" ممثلاً بإسرائيل والولايات المتحدة. ولعل ذروة هذه الصورة كانت أثناء عدوان 2008–2009 على غزة، حين انسحب غاضبًا من منتدى دافوس بعد مشادة مع شمعون بيريز، معلنًا: "أنتم تعرفون جيدًا كيف تقتلون الأطفال".

هذا المشهد الرمزي رسّخ في الوعي العربي والإسلامي صورة "البطل"، وخصوصًا في ظل أنظمة عربية هرمت وتكلّست في خطابها أو طبّعت علنًا وسرًا مع تل أبيب. ولم يكن غريبًا أن يتعاطف الفلسطينيون، والعرب عمومًا، مع أردوغان في محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، وخرجت المساجد بالدعاء له، وتم رفع صوره في غزة والضفة، حتى بدا وكأنه "صلاح الدين الجديد" الذي سيحرر القدس.

لكن التاريخ أثبت أن الشعارات شيء، والسياسة الواقعية شيء آخر تمامًا.

المصالح قبل المبادئ: الوجه الحقيقي للسياسة التركية

حين اندلعت الحرب على غزة في أكتوبر 2023، ثم تجددت بوحشية غير مسبوقة في 2024 و2025، كانت الأنظار تتجه إلى أنقرة... ماذا ستفعل؟ هل ستسحب سفيرها؟ هل ستجمّد العلاقات التجارية مع إسرائيل؟ هل ستقود تحالفًا إسلاميًا فعليًا للدفاع عن الفلسطينيين؟ لكن ما حدث كان صادمًا.

تركيا لم تقطع العلاقات. استمرت الرحلات الجوية، ونشط التبادل التجاري، حتى وصل التبادل بين تركيا وإسرائيل إلى قرابة 9 مليار دولار في 2024، وفق تقارير اقتصادية. بل إن تركيا أعادت التمثيل الدبلوماسي الكامل مع تل أبيب، فيما كانت غزة تحترق تحت القنابل الفسفورية.

أي تناقض أكبر من هذا؟ كيف يستقيم خطاب "نصرة المسلمين" مع الوقوف على الحياد، إن لم يكن التواطؤ؟

فلسطين ليست ورقة دعائية

المشكلة أن أنقرة باتت تتعامل مع فلسطين كـ"كارت" في لعبة الجغرافيا السياسية. فحين تريد تركيا الضغط على أوروبا، تلوّح باللاجئين؛ وحين تريد الضغط على واشنطن، تلوّح بالعلاقة مع تل أبيب؛ وحين تريد إرضاء الشعوب الإسلامية، تلوّح بصور القدس وحماس والشيخ جراح.

لكن فلسطين ليست ورقة مساومة، ولا تصلح لأن تكون "مادة خام" في دعايات الانتخابات التركية. إنها قضية أمة، وجرح مفتوح منذ أكثر من سبعة عقود، ومن يزعم قيادتها عليه أن يدفع الثمن، سياسيًا واستراتيجيًا، لا أن يربح من آلامها.

الجبن الإقليمي وسبات العالم الإسلامي

تركيا ليست وحدها في هذا المشهد المخزي. فمعظم الأنظمة العربية في حالة "تجميد"، وبعضها في حالة تطبيع رسمي، أو على الأقل تطبيع صامت. الغطرسة الإسرائيلية اليوم تضرب عمق المنطقة دون أي رادع، مدعومة بالكامل من الولايات المتحدة، في ظل صمت دولي وتواطؤ إقليمي وجبن جماعي.

الأنظمة تخشى "إغضاب واشنطن"، والشعوب مرهقة أو مقموعة، والمنظمات الإسلامية متفرجة أو منقسمة. العالم الإسلامي اليوم لا ينقصه المال ولا العتاد ولا القدرة على التأثير، بل تنقصه الإرادة السياسية والشجاعة الأخلاقية.

دروس للشارع العربي

إن ما يجري يجب ألا يمر دون مساءلة. الشعوب التي علّقت آمالها على زعماء "يتحدثون بإسم الدين" دون أفعال، عليها أن تعيد قراءة المشهد. فليس كل من يتلو آية في خطابه، هو نبي، وليس كل من يرفع صوته ضد الغرب، هو منقذ. السياسة تُقاس بالمواقف لا بالشعارات، وبالثمن الذي تدفعه لأجل المبادئ، لا بعدد اللايكات والتصفيق.

إن فلسطين اليوم تعيد فرز الأوراق، وتُسقط الأقنعة، وتكشف زيف من تاجر بها لسنوات، سواء من عرب أو عجم، من قوميين أو إسلاميين.

ختامًا...

الحرب على غزة ليست مجرد مأساة إنسانية، بل هي اختبار أخلاقي وسياسي للمنطقة بأسرها. وتركيا أردوغان، التي كانت تدّعي الوصاية على المظلومين، سقطت في هذا الاختبار. الآن بات واضحًا: لا إمام للمستضعفين إلا أفعالهم، ولا نصير لهم إلا أنفسهم، فالدجل السياسي لا يحرر أرضًا، ولا ينقذ شعبًا، ولا يكتب مجدًا.



#علاء_عدنان_عاشور (هاشتاغ)       Alaa_Adnan_Ashour#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لكتاب كن جريئا للكاتب المغمور همام طوباسي .
- ماذا أفعل في حياتي ؟؟؟
- الحب مدرسة ....
- رسالة إلى برجوازية فتية .
- تنظيم النسل ضرورة وطنية لا ترف فكري
- في حضرة الطغيان
- في غزة ....
- الإسلام السياسي ومعضلة الأمن القومي العربي .
- بين وهم الجهاد والانتحار الجماعي: من يسرق الحياة من الفلسطين ...
- ال ثقافة استعراض: عندما تصبح الكتابة زيًّا اجتماعيًا
- نعيق النوارس
- هل تحتاج فلسطين إلى عملة وطنية؟ المفاضلة بين السيادة النقدية ...
- السياسة أولا ولتذهب المحاماة للجحيم .
- من زمن العروبة إلى لحظة القُطرية: حين يغدو الاقتصاد هو المعب ...
- الساحر الأسمر
- ريال مدريد في القلب ...
- الزمن الجميل
- في محراب العقل: مرثية المعتزلة
- هنادي .....
- الأسرى في بلادنا... بين قدسية النضال وتجارة الوطنية .


المزيد.....




- إسرائيل..-الكابينت- يمنح نتنياهو -الضوء الأخضر- للسيطرة على ...
- الكابينت الإسرائيلي يوافق على خطة -السيطرة الكاملة على غزة-، ...
- البيت الأبيض يستضيف قمة سلام تاريخية بين أرمينيا وأذربيجان ب ...
- قمة ترامب وبوتين المرتقبة.. 5 سيناريوهات لإنهاء الحرب الروسي ...
- كيف تحولت المظلة في اليابان إلى منصة لجذب الأرواح؟
- نتانياهو يعلن نية إسرائيل فرض السيطرة العسكرية الكاملة على غ ...
- عاجل | أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي: المجلس السياسي والأمني وافق ...
- خبراء أمميون: إسرائيل تستخدم التجويع -كسلاح وحشي- لإبادة غزة ...
- واشنطن تعلن عن جائزة 50 مليون دولار مقابل معلومات للقبض على ...
- هل الموعد النهائي لفرض العقوبات على روسيا لا يزال قائما؟.. ت ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء عدنان عاشور - أردوغان من إمام المستضعفين إلى رهينة المصالح ، غزة تكشف زيف الخطاب