أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - في قلبِ النقب... صبرُ جواهر ودمعةُ أم أحمد














المزيد.....

في قلبِ النقب... صبرُ جواهر ودمعةُ أم أحمد


سامي ابراهيم فودة

الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 00:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


أحمد سعدي هديب صالح... ابنُ المخيم، وأسيرُ الحكاية

من رحم النكبة، ومن بين ركام التهجير، وُلد أحمد سعدي هديب صالح في الثالث من ديسمبر عام 1998، في مخيم جباليا للاجئين، يحمل في اسمه إرث بلدة "سمسم" المهجّرة، وفي ملامحه صلابة الذاكرة الفلسطينية.

ترعرع أحمد في شارع "الهوجا"، بين بيوت المخيم المكتظة بالحكايات، ورضع من لبن أمّه معاني الصبر والوفاء، فوالده الشهيد سعدي هديب محمد صالح ارتقى وهو يدافع عن أرضه وشعبه، ليكبر أحمد على عزاء مفتوح، وسقف من حنين لا يُغلق.

ولم يكن الفقد يتوقف في بيت آل صالح...
فقد استشهد شقيقاه:

محمد، في إحدى جولات القصف الوحشي على غزة.

صالح، الذي انضمّ إلى قافلة الشهداء مدافعًا عن كرامة هذا الوطن.

أما شقيقاه الآخران، فوزي وعبد الله، فهما يقبعان خلف قضبان الاحتلال، يتشاركان ذات الوجع مع أحمد، ويكابدون العتمة ذاتها في زنازين لا تعرف الرحمة.

تكوّنت عائلة أحمد من أمّه الصابرة، السيدة عفاف علي أيوب صالح، التي ما زالت تحمل صور أبنائها الشهداء وتخيط بالصبر غطاءً لحزنها الطويل، ومن شقيقاته الأربع: فذاء، نداء، حنين، وأحلام، اللواتي حملن على أكتافهن عبء الغياب ووجع التهجير.

الحياة بين التنقل، والتعليم، والصاج

تنقلت العائلة مرارًا داخل غزة من شارع الهوجا، إلى منطقة العلمي، ثم إلى عزبة بيت حانون، هربًا من القصف، باحثةً عن قليلٍ من الأمان. وهناك، التحق أحمد بمدرسة "أبو حسين" التابعة لوكالة الغوث، ليكمل دراسته الابتدائية وسط ظروف اقتصادية صعبة.

وبعد أن أصبح شابًا، اتجه إلى العمل اليومي، وكان يعمل بائعًا للخبز الصاج في المخيم، يحمل صينية الخبز في الصباح، ويعود بابتسامته المعهودة رغم شقاء اليوم، حاملًا رزقه النظيف كمن يحمل قلبًا مليئًا بالحياة.

---

الزواج... وبداية حلم بسيط

في الثامن من يونيو عام 2021، تزوّج أحمد من ابنة مخيمه، السيدة جواهر فهد فودة، الفتاة التي اختارت أن تبني مع شريك حياتها بيتًا على حافة الحلم، لا يملكان فيه إلا المحبة، ولا يملأ زواياه إلا دفء الصدق. كانت جواهر ترى في أحمد رجلًا يملأ الدنيا أمانًا، وإن لم يملك من الدنيا شيئًا.

---

الاعتقال... وقصة الغياب الموجع

في صباح الحادي عشر من ديسمبر 2023، داهمت قوات الاحتلال مدرسة "فلسطين" للبنات الواقعة في مخيم جباليا، والتي كانت تؤوي مئات العائلات النازحة.
قُبيل الظهر، حاصرت قوات الاحتلال المكان، ثم اقتادت عشرات الشبان، بينهم أحمد سعدي هديب صالح، دون تهمة، دون مذكرة، فقط لأنه فلسطيني.

في ساعات المساء، تم إخراج النساء وعدد محدود من الرجال باتجاه منطقة أبو زتون، بينما بقي أحمد وآخرون رهن الاعتقال، وبدأت رحلة الغياب نحو جهة مجهولة.

تجمّعت الأم عفاف والزوجة جواهر عند بوابات الوكالة في جباليا، عيونهن تراقب المدرسة المحاصرة، وقلوبهن تنزف، تهمس كل واحدة منهن: "يا رب… طلع أحمد، رجعه سالم."

أيام طويلة مضت، وسط قلق وحيرة، حتى وصل خبرٌ مفاده أن أحمد موجود في سجن النقب الصحراوي، وقد خضع لتحقيق قاسٍ على يد جنود الاحتلال.
سعت جواهر للتواصل مع مؤسسة الضمير الإنساني ومؤسسة هموكيد، فأكدتا وجوده هناك، بينما نادي الأسير الفلسطيني أبلغها أن أوضاع السجون صعبة للغاية، ولا يسمح للمحامين بزيارة الأسرى.

ورغم منع الزيارات، وصلت رسالة شفوية عبر أحد الأسرى المحررين، مفادها: "أنا بخير... طمنوا أمي وجواهر."

---

البيت الذي لا يسقط... وإن تهدّم

زوجة الأسير، جواهر، ما زالت تنتظر، ترقب ساعات النهار والليل، وتمسح دموعها بصمت، تنظر إلى صورته المعلقة في البيت وتهمس: "الله يرجّعك يا أحمد... الدار بدونك بردانة."

أما أمه، فما زالت تحضن قميصه، وتُقبّل أسماء أولادها الشهداء في الليالي الباردة، وتقول: "ضلّ أحمد… ما بدي غيره يرجع."

ولأن الاحتلال لا يعرف الرحمة، اعتقل أيضًا أولاد إخوته:
محمد وإبراهيم، امتداد جرحٍ طويل لم يُغلق بعد، ومقاومة مستمرة لأسرة نذرت نفسها لفلسطين.

في ختام سطور مقالي... حين يُعتقل الإنسان لأنه لم ينكسر

قصة أحمد ليست استثناءً...
هي مرآة تحاكي آلاف الوجوه الغزية، تختصر ملامح الخبز والدم، تعبّر عن شعب لا يركع، وعن نساءٍ صابرات يشعلن دفءَ البيوت رغم البرد.

الحرية لأحمد ولجميع الأسرى.
الكرامة للشهداء.
والصبر للقلوب التي ما زالت تنتظر.



#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -كفّوا عن سرقة التاريخ... ففلسطين لم تُبْنَ على أوهام 7 أكتو ...
- -كشف المستور… وشهد شاهدٌ من أهلها: طوفان الأقصى مؤامرة مدروس ...
- أحمد طزازعة… شهيد جديد على مذبح السجون الإسرائيلية
- -جنين... المخيم الذي صار كابوسًا لعدو لا ينام-
- -إبراهيم أبو سيف… في قبضة القيد وأطفاله ينتظرون-
- #شكرا_مصر … دعمٌ لا ينضب لقضيةٍ لا تموت
- فضيحة الطحين... لصوص الجوع ينهشون رزق الجائعين!
- الإخونجية وخناجرهم المسمومة في خاصرة مصر وفلسطين!
- الحصار الحقيقي لغزة… من يغلق الأبواب ومن يُطبق السماء
- رامز… نادته أمه من الحلم فارتقى إليها شهيدًا
- شيرين الحمامرة …حروفها تحاكم وسجانها يرتجف
- غزة تُحكم بشريعة الغاب… والسلاح المأجور هو السيّد!
- هاتف للبيع… مقابل كفن!
- شهيد لقمة العيش... أم ضحية الفوضى؟
- - نداء الكرامة والثورة.. من قلب غزة الجائعة
- -جُعنا يا ناس-
- نداء الكرامة والثورة.. من قلب غزة الجائعة!
- -غزة... أكثر من مليونين يصارعون الجوع قسرًا في حرب الأمعاء ا ...
- حيت تبكي النساء في زكيم ..هلع الجوع أم مسرحية الطحين. ؟
- -أنقذونا من حماس قبل إسرائيل-


المزيد.....




- هل عقوبات -النفط الروسي- ستطال الصين بعد الهند؟.. ترامب يرد ...
- ترامب يؤكد تحقيق -تقدم كبير- في المحادثات الأمريكية الروسية، ...
- العلاقات الفرنسية الجزائرية: تصعيد مرحلي ام قطيعة؟
- السودان يعلن تدمير طائرة إماراتية تقل مرتزقة كولومبيين في دا ...
- لبنان.. غارات إسرائيلية على الجنوب والحكومة تناقش الورقة الأ ...
- أزمة مياه خانقة تحاصر 60% من أحياء الخرطوم منذ عامين
- متخذًا قرارات جديدة.. ماكرون: على فرنسا أن تتحرك بمزيد من ال ...
- شبكات تجسس ومسيّرات.. كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟
- الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط انقسام دولي حاد
- ترامب يعلن تبرعه براتبه لتمويل تجديدات البيت الأبيض: -ربما أ ...


المزيد.....

- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - في قلبِ النقب... صبرُ جواهر ودمعةُ أم أحمد