سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 18:13
المحور:
القضية الفلسطينية
"نحسبه عند الله شهيداً، ولا نزكّي على الله أحداً..."
لكن هل كل من سقط برصاص الاحتلال أو في فوضى الشوارع، يصحّ أن نطلق عليه "شهيد لقمة العيش" دون تبصر وتمحيص؟
في زمن المجاعة، حين صار الطحين أثمن من الذهب، ولقمة الخبز حلمًا منسيًّا، لا يكفي أن نموت كي نُسمّى شهداء. لا يجوز أن يُمنح اللقب جزافًا، ولا أن تتحول الشهادة إلى بطاقة عاطفية تُمنح حسب المزاج أو الحمية أو السياسة.
في شوارع غزة، نرى مشاهد لا تسرّ عدواً ولا صديقاً...
شاحنات الإغاثة تُهاجَم، المساعدات تُسرق، الأرواح تُزهق، والسكاكين والمفكات تُشهر بين الجائعين كما تُشهر في الحروب.
نعم، هناك من خرج يُطارد لقمة عياله، وهناك من خرج ليخطفها ويبيعها، ينهبها، يتاجر بها، يُراكم الأرباح من جوع إخوته وأهله.
فأيّهم شهيد؟
هل الشهيد من مات وهو يُغيث أسرته، أم من مات وهو ينهب باسم الجوع؟
هل نقول "شهيد لقمة العيش" على من يسلب اللقمة من أفواه المساكين ثم يُقتل أثناء جريمته؟
أم نخلط الحق بالباطل ونساوي بين الضحية والجلاد؟
🔹 الدين لا يجامل
في الإسلام، الشهيد ليس كل قتيل. الشهيد له شروط وأحكام، وهناك فرق بين من قُتل مظلوماً، ومن قُتل وهو يظلم الناس. قال النبي ﷺ: "من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد..."
لكن من يسرق، ويعتدي، ويقطع الطريق، ويشهر السلاح الأبيض... فهل يُقال فيه شهيد؟ أم فوضويٌّ أضاع دينه ودنياه؟
🔹 السياسة تستثمر الوجع
في كثير من الأحيان، تتبنى بعض الجهات القتلى لغايات دعائية. يتم تصويرهم كضحايا ظلم، بينما كانوا ينهبون أو يفتعلون الفوضى. تتحول الواقعة إلى مشهد بطولي زائف، فتضيع الحقيقة بين صوت الرصاص ووهج الكاميرات.
- الناس بين عاطفة مشروعة وخلطٍ خطير
من الطبيعي أن يحزن الناس على كل قتيل، لأنهم يرونه شبيهًا لهم، ويخافون من المصير نفسه. لكن الخلط بين من خرج جائعًا ومظلومًا، وبين من خرج جشعًا ومستغِلا، هو ظلم آخر يُضاف إلى المأساة.
- العدالة لا تُبنى على الشعارات
نحتاج لميزان عدل لا يرتجف أمام الجوع، ولا يُصاب بالعمى أمام الفوضى. نحتاج للتمييز بين الشهادة كقيمة سامية، وبين الموت العشوائي في طرقات ملوثة بالجريمة والاستغلال.
- الخاتمة:
ليس كل من مات وهو يركض خلف الخبز شهيدًا...
فمنهم شهيد، ومنهم ضحية الجهل، ومنهم مجرم استغل فوضى الجوع...
دعونا لا نُعلّق على أعناق الناس أوسمة لا تليق، ولا نمنح الشهادة لمن شوّه معنى الشهادة.
رحم الله المظلوم، وأرشد الضال، وكشف زيف المستغلين...
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟