سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 08:08
المحور:
القضية الفلسطينية
في زمن انقلبت فيه الموازين، وصار الدين مطيّة للسلطة، لم نعد نرى في بعض الجوامع سوى قشرة من التقوى تخفي وراءها ما هو أبعد من العبادة… تحوّلت المساجد في أيدي تجار الدين إلى مقرات أمنية، غرف تحقيق، ومخازن سلاح... لا يُرفع فيها سوى صوت الخضوع للطاغية، لا صوت الحق ولا آيات الرحمة!
نقولها صراحة:
لقمة في بطن جائع، خير عند الله من مآذن تُمطر كذبًا، ومحرابٍ يُطأطأ لصنم السياسة.
هل رأيتم جائعًا يشتهي خطبة جمعة؟
هل شاهدتم طفلًا يتضور جوعًا يطلب درس تفسير؟
هل سمعتم أمًا تصرخ من القهر والحاجة فتأتيها المساعدة من منبر مسجد؟
لا، بل يأتيها الخوف... يأتيها التهديد... يأتيها رجالٌ ملتحون بلحى الشيطان، لا لحى الرحمن، ينهبون باسم الزكاة، ويصادرون باسم الدعوة، ويُرهبون الناس باسم الدين.
■ عندما تصبح الجوامع مقرات للمراقبة لا للعبادة
منابر يتعاقب عليها الخطباء بأوامر جهاز أمني لا يعرف الله إلا حين يريد تثبيت سلطته. أبواب مغلقة في وجه الثائرين، مفتوحة فقط لمن بايعوا وأطاعوا. مكبرات صوت لا تصدح بالحق، بل تُمجد القتلة وتلعن الضحايا.
بعضهم بنى المساجد من أموال الفقراء، لكنه لم يبنِ لهم مأوى… زرع الحجارة، ولم يزرع الرحمة. أقام القباب والمآذن، بينما آلاف الأطفال في غزة يبحثون عن كسرة خبز بين الركام. كل صباح يسمعون الآذان، لكنهم لا يجدون حليبًا ولا رغيفًا… فما نفع الآذان إن لم يُسمع من قلبٍ رحيم؟
■ الدين ليس عمارةً بل إعمارًا
الدين الحق هو أن تطعم جائعًا، أن تكسو عاريًا، أن تواسي مكسورًا. الدين ليس بلاط مسجد بارد، بل يدٌ حانية على الفقراء. الدين ليس مؤسسات تسرق أموال الزكاة لتغذي بها أجهزة السيطرة والقمع.
قالوا لنا: "ساهم ببناء مسجد تُجزى عليه!"
ونسوا أن الجائع إن مات على الطوى، لعنتهم ملائكة السماء ولو صلّوا حتى تكسرت جباههم.
نعم… نقولها بملء الفم:
ضع لقمة في فم فقيرٍ خير من ألف حجرة في مسجد يرفع اسم الله ويُداس فيه عباده.
في النهاية،
لا تعنينا المآذن إن لم يكن داخلها قلب ينبض بالرحمة. لا تهمنا الجوامع التي تحوّلت إلى مخافر. ما نريده هو وطن يأمن فيه الفقير، ويشبع فيه الجائع، ويُصان فيه الضعيف… وما دون ذلك، فليذهب نفاقهم إلى الجحيم.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟