سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8423 - 2025 / 8 / 3 - 22:29
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ أكثر من سبعة شهور متواصلة، والعدو الصهيوني يجثم على صدر مخيم جنين، ذاك البقعة الصغيرة من الأرض التي لطالما حوّلت الجغرافيا إلى أسطورة مقاومة، وجعلت من أزقتها الضيقة ممرًا للشهداء، ومسرحًا للفدائيين، وحاضنةً لحلم العودة والتحرير.
لكن ما يجري اليوم ليس اقتحامًا عابرًا، بل عدوان شامل ممنهج، يستهدف كل ما تبقى من ملامح الحياة في المخيم، ويُعيد إلى الذاكرة أبشع المجازر، في محاولة حاقدة لتجريف التاريخ وسحق روح المقاومة.
لقد أطلق عليه الشهيد القائد أبو عمار يومًا لقب "مخيم قراد"، حين قال مقولته الخالدة
> "اللي بدو ييجي على جنين لازم يعدّ نعوشو".
ولم يكن ذلك جزافًا، بل وصف دقيق لمخيم أثبت في كل جولة أنه شوكة في حلق العدو، وقلعة عصيّة على الانكسار، حتى بعد أن جرى تهجيره بالكامل، وتدميره فوق رؤوس ساكنيه، وتحويله إلى مدينة أشباح بأوامر الاحتلال، يمنع فيها التجول والعودة والسكن.
مخيم جنين... في عين العاصفة
منذ بداية العدوان الأخير، لم يهدأ صوت الرصاص، ولم تنم طائرات الاستطلاع، ولم يتوقف جيش الاحتلال عن اقتحام الحارات وتفجير البيوت وقنص الشباب، وسحق الحجر والبشر.
المخيم الذي كان يضم آلاف السكان، أُفرِغ من أهله بالكامل بفعل القصف، وأصبح مسرحًا مفتوحًا لجرائم الحرب والتطهير العرقي:
آلاف المنازل جرى تفجيرها أو تسويتها بالجرافات.
البنية التحتية محيت من الوجود.
المراكز الطبية، المدارس، وحتى المقابر لم تسلم من التدمير.
الشهداء يُسحَبون من تحت الركام، والجثث تُحتجز أو تُترك للنمل والتراب.
مئات الجرحى دون علاج، والطرقات محاصرة بالجرافات والكمائن.
عشرات الأسرى جرى اعتقالهم بعد تعذيب ميداني، بعضهم فقدوا أطرافهم، وبعضهم عادوا جثثًا.
شعبٌ لا يُهزم... وجنين لا تموت
رغم كل شيء، فإن جنين لا تموت، لأن أبناءها ما زالوا يكتبون حكايتهم بالدم، ولأن نساءها ما زلن ينجبن المقاتلين، ولأن زغاريد الشهداء لم تتوقف، ولأن كل بيت هُدم سيُبنى من جديد، وكل شجرة قُطعت ستنبت مقاومًا جديدًا.
إن جنين اليوم ليست مجرد مخيم، بل صارت رمزًا عالميًا للبطولة والصمود، وهي التي لقّنت العدو مرارًا دروسًا في الخوف، وفرضت عليه قوانين جديدة للحرب.
رسالة من غزة إلى جنين:
نقول لكم من تحت القصف والحصار في غزة:
نحن معكم، نعرف وجعكم لأنه وجعنا، ونحمل لكم السلام من كل بيت تهدّم في الشاطئ، ومن كل طفل مجروح في جباليا، ومن كل أم نازفة في خان يونس.
يا جنين البطولة…
سيُرفع الحصار، وتعودون إلى بيوتكم، وتُبنى الأزقة من جديد، وتعلو منارة الشهداء، وسيبقى العدو خائفًا من اسمكم… لأنكم ببساطة أنتم مخيم قراد… أنتم شوكة الوطن… أنتم فلسطين.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟