أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - هاتف للبيع… مقابل كفن!














المزيد.....

هاتف للبيع… مقابل كفن!


سامي ابراهيم فودة

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 11:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


في غزة، لم تعد الحكايات تنتهي بالموت…
بل تبدأ به!
لم تكن قصة "امرأة تبيع هاتفها لتكفّن زوجها" مجرّد حادثة عابرة…
بل هي مرآة لواقع يومي تتكرر فيه المأساة بصور مختلفة.
الفقر هنا لا يُطرق كباب، بل يصفع الوجوه بلا رحمة،
يضرب الكرامة، ويخلخل المعنى البسيط للبقاء.

هذه المرأة، وقفت بثوب الحداد تبيع آخر ما تملك من حياة – هاتفها – لتشتري قطعة قماش تلف بها جسد من كان لها وطنًا.
لكن غيرها كثيرات…

نساء وجدن أنفسهن في ممرات العجز،
فلم يجدن هاتفًا ولا من يقايض الألم،
فاتّخذن طريقًا آخر…
طريقًا محفوفًا بالقهر والانكسار،
يسلكنه بصمت موجع لا يُروى…
طريقًا لا يتطلب تصريح دفن، بل يتطلب أن تموت كل يوم وأنتِ على قيد الحياة.

في غزة…
نبيع ما تبقى منا، لنكمل دفن من ماتوا فينا.

في غزة، حيث تُقايَض الكرامة بالألم، وقفت امرأة بثياب الحداد أمام ثلاجة الموتى، لا تبكي فقط، بل تفاوض.
بيدٍ مرتجفة، رفعت هاتفها المحمول عاليًا وقالت:

- "بدي أبيعه… بدي أكفّن جوزي."

لم تكن تسوّق سلعة، بل كانت تسعّر الحزن، وتحاول أن تشتري آخر حق لزوجها: كفن نظيف، يليق برجل مات واقفًا، لاجئًا في مدرسة، شهيدًا بلا سلاح.
في حضرة الموت المجاني، لم يبقَ شيء مقدّس.

في غزة، صار الكفن حلمًا، والهاتف سبيلًا لتحقيقه.

أي عالم هذا الذي تُجبر فيه امرأة على بيع هاتفها لتدفن رجلاً أحبّها؟
أي جريمة صامتة تُرتكب كل يوم بحق شعب لا يملك إلا العزة، ولا يُدفن إلا بعد أن يُباع كل ما تبقى له من حياة؟

هكذا هي غزة...
تُشيّع أبناءها بـألم،
وتقايض جراحها بما تبقى من فتات العالم.

- كفن على قيد البيع… من يشتري الألم؟»
في غزة، لم تعد المأساة تحتاج إلى وصف، بل إلى صمت العالم ليكون شاهدًا على خزيه.
امرأة بثوب الحداد، تحدّق في ثلاجة الموتى.
لا تسأل عن تصريح دفن، ولا عن توقيع طبيب.
تسأل فقط:

- "كم ثمن الكفن؟"

ثم، بكل ما بقي في يدها من دنيا، تمدّ هاتفها المحمول للبيع.

نعم، في غزة، الهاتف لا يُباع ليُشترى بثمنه رغيف،
بل ليُشترى بثمنه كفن رجلٍ قُتل تحت الردم، وظلّ في الانتظار… لأن كرامته لا تُدفن عاريًا.

- امرأة تبيع هاتفها... لتشتري الموت لائقًا بزوجها
أيها العالم، هل سمعت هذا من قبل؟
في مدنكم، تباع الهواتف لشراء تذكرة سفر أو فستان أو حقيبة.
أما في غزة، فتُباع لتشتري قطعة قماشٍ بيضاء، تلفّ بها أشلاء من كان بالأمس زوجًا، أبًا، سَندًا.

في غزة، الكفن لم يعد مجانًا.
ولم تعد الجنازة طقسًا دينيًا فقط، بل معركة أخيرة لاسترداد الكرامة.

هذه المرأة، ليست قصة.
ليست مشهدًا تمثيليًا.
هي ضميرٌ جريحٌ يركض في طرقات غزة، يبحث عن كفن، عن تراب، عن قبرٍ لا يُقصف.

- نحن شعب نبيع هواتفنا لندفن موتانا!
أيها العالم:
حين تبيع امرأة هاتفها لتكفّن زوجها، فاعلم أن النكسة لم تكن عام 67، بل تحدث كل يوم في 2025!
نحن الذين نكتب عن هذا…
لم نعد نحمل أقلامًا، بل نغمس أصابعنا في الدم ونكتب على جدران الصمت.



#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهيد لقمة العيش... أم ضحية الفوضى؟
- - نداء الكرامة والثورة.. من قلب غزة الجائعة
- -جُعنا يا ناس-
- نداء الكرامة والثورة.. من قلب غزة الجائعة!
- -غزة... أكثر من مليونين يصارعون الجوع قسرًا في حرب الأمعاء ا ...
- حيت تبكي النساء في زكيم ..هلع الجوع أم مسرحية الطحين. ؟
- -أنقذونا من حماس قبل إسرائيل-
- لقمة في بطن جائع... خير من بناء جامع!
- نقطة آخر السطر: لا تسوّقوا دماءنا في بورصة -اليوم التالي-
- المى تصرخ: -بدي آكل!-… ومؤيد يسكت من شدة الجوع
- تقرير صحفي صرخة الصحفيين في غزة: لا صمت بعد اليوم على حرب ال ...
- فراس صبح... شهيدٌ قيد الاعتقال وضميرٌ يفضح إجرام الاحتلال
- غزة تختنق جوعًا... وثورة الجياع على الأبواب
- غزة تموت... والعالم يتفرّج
- تكيات الذل وإدارات العار: حين يصبح النازح سلعةً بيد تجار الإ ...
- خالد صالح.. من زنزانة الحديد إلى سفارة الحرية
- ناصر اللحام … الصوت الحر الذي لا يُكسر
- سكارى بلا خمر... غزة تتمايل على حافة الهاوية
- -غيتو رفح: نسخة نازية في ثوب إنساني… وجريمة تَجهيل وتهجير مك ...
- ذكرى رحيل أختي الغالية -نجاح – أم رامز-


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
- أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما ...
- تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين ...
- حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
- بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
- لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟ ...
- حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
- الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
- صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - هاتف للبيع… مقابل كفن!