أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - المستشفى بعين شاهد على الحدث














المزيد.....

المستشفى بعين شاهد على الحدث


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 07:15
المحور: كتابات ساخرة
    


في ممرّ طويل تغزوه الرطوبة وتُزينه بقع داكنة على الجدران، كان العابرون يتهامسون، والمُرافِقون يتبادلون نظرات الصبر الممزوج بالتأفف. أصوات صراخ خافتة تأتي من غرفة الملاحظة، وممرضة تُمرّ دون أن تلتفت، كأنها تدربت على تجنّب العيون قبل أن تتعلم استعمال الحقن.

رجل مسنّ يتكئ على عصاه، يُحدّق في رقم تذكرة الاستقبال وكأنه يقرأ مصيره. بجانبه امرأة تحمل رضيعًا، تنظر إلى الشاشة المعلقة في السقف كما لو أنها ستُعلن يومًا اسمها. طفل يبكي من الألم ووالدته ترجوه أن "يصبر قليلًا"، فالممرضة "غادية تجي دابا".

في زاوية الاستقبال، متدرّب يلبس وزرة بيضاء واسعة كأنها استعارة، يطبع أوراقًا بلا توقف، ويهزّ رأسه لكل من يسأله، ثم يُشير بيده إلى كرسيّ مكسور. كل شيء هنا مؤقت: الأسرّة، الوجوه، وحتى الأمل.

في قاعة الانتظار، امرأة مسنّة تبكي بصمت. جاءت في الخامسة صباحًا، وظلت جالسة حتى الواحدة زوالًا تنتظر "الدكتور المختص"، الذي حضر لكنه "مشا يدير جولة". وحين سألته عنها الممرضة أجاب بهدوء: "ما شفتهاش، يمكن مشات". فابتلعت دموعها وجلست من جديد.

في الممرّ الجانبي، متدرّب آخر يُجري فحصًا على سيدة متعبة، بينما مشرفته منشغلة بالحديث في الهاتف عن عرض تخفيضات في "سوبرمارشي". المريضة تسأل، والمتدرّب يبتسم مرتبكًا، يطلب منها أن تعود غدًا لأنه "خاصنا نكملو الفحوصات".

أمام باب قسم الجراحة، رجل يرفع يديه إلى السماء، لا ليحتج، بل ليدعو. فقد أخبروه أن العملية ستُجرى بعد ساعتين، ثم قالوا له إن الطبيب "خرج لشي اجتماع"، والآن يقف منتظرًا إشعارًا جديدًا في هذا التسلسل اللامنطقي.

في قسم المستعجلات، كل شيء يبدو مستعجلًا إلا الخدمات. صراخ، ارتباك، أجساد على النقالات، ومتدربون يركضون بلا بوصلة. طبيبة شابة تحاول أن تسيطر على الوضع، لكنها تغرق في ملفات لا تنتهي. النظرات متقاطعة، والأنفاس ثقيلة، والوضع لا يبعث على الطمأنينة.

هذا ليس كابوسًا. هذه يوميات عادية في مكان يُفترض أن يكون مأوى للشفاء. لكنها مشاهد متكررة في زمن اختلط فيه التدريب بالخدمة، والانتظار بالعجز، والدواء بالواسطة. وحين تسأل أحدهم عن رأيه، يبتسم ويقول: "أرا غير السلامة وصافي".



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بين خطابين: حين تتحاور الحداثة والهوية-
- الصحافي الحرباء… حين يكتب اللون لا الحقيقة
- شدولارين: عندما يكتب القلب نفسه ويتطهر بالحبر والحنين
- شدولارين: قراءة نقدية وتحليلية في رواية د. فتحية الفرارجي – ...
- عن البغال التي اعتلت التلال
- ركلة حمار
- مثالب الولادة: صرخة سيوران في وجه العبث
- وصمةُ عارٍ لا تُمحى: فلسطين بين الجوع والخذلان
- حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها
- اذا أردنا إصلاح المجتمع ...من أين سنبدأ؟
- محمد عبد السميع نوح في رواية حركة تنقلات: هجاء السلطة وفضح ا ...
- بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة
- ثورة الكوميرة: حين صرخ الفقراء فدوّى الرصاص
- إيران بين الضربة والصفقة: من يرسم حدود الشرق القادم؟
- بوجلود بين الذاكرة والتشويه
- مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة
- بين رصاص الحدود وظلال الوطن: مأساة العودة في قلب التوتر المغ ...
- مقبرة الصمت: لماذا تخشى الأمم المريضة أصوات المهرطقين؟
- من سيقود المغرب؟ سباق الأحزاب نحو حكومة ما بعد الإحباط
- ابن كيران: سياسة -الزواق- بخطاب -بلا نفاق-


المزيد.....




- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...
- سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - المستشفى بعين شاهد على الحدث