رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 09:38
المحور:
الادب والفن
في طابقٍ مهجور من فندقٍ قديم، عاشت الغرفة السابعة الاخيرة... ؛ لم تكن غرفةً عادية، بل كانت تحتفظ بأنفاس من سكنوها، كأنها تبتلع ملامحهم ولا تردّها... ؛ وفي إحدى الليالي الرمادية، دخلها مجيد، رجل أربعيني نحيل، يحمل حقيبة صغيرة، وصندوقًا خشبيًا مقفلاً.
لم يكن يبحث عن إقامة... بل عن عزلة.
في الليلة الأولى، استيقظ على صوت خطوات داخل الغرفة... ؛ فتح عينيه، فلم يجد أحدًا... , على الجدار المقابل، ظهرت كتابة غامضة لم تكن هناك من قبل: "ما تركته خلفك، ينتظرك هنا."
ارتعش قلبه، لكنه لم يهرب... ؛ كان يعرف... يعرف أن الغرفة ليست سوى مرآة لذاكرته، وأنه لم يأتِ ليهرب، بل ليواجه.
فتح الصندوق، فوجد صورة قديمة له وهو طفل، يبكي وحيدًا في حديقة مظلمة... , كانت الصورة تتحرك… , الدموع تنهمر، والحديقة تشتدّ سوادًا... ؛ حاول أن يغلق الغطاء، لكن الصورة تشبثت بأصابعه.
في الليلة الثالثة، بدأ مجيد يرى "الطفل" يتحرك في الغرفة... ؛ طفلٌ بوجهه، لكنه بلا ملامح... ؛ يسير نحوه كل ليلة، أقرب فأقرب... ؛ وحين سأله ذات مرة: "ماذا تريد؟"، أجابه الطفل بصوتٍ مجروح: "أريد أن تكتمل."
لم يفهم... ؛ أو ربما فهم، لكنه خاف الإجابة.
في اليوم السابع، دخلت عليه سيدة غريبة... ؛ لم تطرق الباب... ؛ قالت:
"أنا النسيان، كثيرون يتمنونني، لكنك طردتني منذ زمن طويل."
أراد أن يعانقها، أن ينهار في حضنها، أن يُطفئ الحرائق بداخله، لكنها أشارت إلى الطفل:
"إن أردتني، عليك أن تقتله."
فأدار وجهه، وعاد إلى سريره... ؛ الطفل جلس عند حافة فراشه، وبكى.
في الليلة الأخيرة، اختفى مجيد .
حين دخل صاحب الفندق لتفقد الغرفة، وجد على الجدار المكتوب: "أنا الآن كامل... في النقصان."
لكن الطفل كان ما زال هناك… ؛ جالسًا في الزاوية، ينتظر زائرًا آخر يحمل نفس الوجع، ونفس الصندوق.
#رياض_سعد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟