مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 16:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(أسئلة لا يمكن القفز من فوقها الى جرف اجوبتها)
من المعروف لدى كل الناس في اوطان العرب وشعوب العرب في قارة العرب؛ ان المرحلة الحالية ومنذ اكثر من عقدين، هي من اسوء ما مر على الاوطان العربية وشعوبها في كل تاريخها. هناك اسئلة تحتاج الى اجابات مقنعة وواقعية وموضوعية من رحم حركة الواقع في الاوطان العربية بجميع شعوبها من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي. وليس الى اجابات لا تمت الى هذا الواقع العربي باي صلة، حتى وان ظهرت مقنعة وواقعية حين يتم اهمال تحركات الخارج اي خارج الوطن العربي في توليد وصياغة عوامل وعناصر دخيلة على الواقع العربي بكل حركته؛ عندما يتم حرف حركته بحركة هي ليس من صلب حركة الواقع العربي، لكنها تتداخل فيه، وتسيطر على بوصلة حركته، في مساراته ونهاياته. من الذي يقف وراء ما حدث ويحدث حتى الآن في اليمن السعيد او الذي قيل عنه ذات زمن باليمن السعيد؟ شعب ثار ضد نظام دكتاتوري وطالب بالحرية والتبادل السلمي للسلطة. لكن سرعان ما تم حرف ثورة او انتفاضة الشعب العربي في اليمن، الى الضد منها. سرعان ما تحولت هذه الثورة الى حرب بين الاخوة الاعداء في لحظة انحراف الثورة عن طريقها الصحيح الى طريق اخر، قاد ويقود حتى الآن الى تقسيم اليمن على اسس عرقية وطائفيه، بين شمال اليمن وجنوبه وحتى في الجنوب، هناك قوى تتصارع فيما بينها على المغانم والسلطة بعيدا كل البعد عن إرادة الشعب العربي في اليمن. السؤال هنا، من حرف ثورة الشعب اليمني الى الضد منها؟ اذا كان الجواب وهو المتداول سياسيا حتى هذه اللحظة هو تراكم النزعة الطائفية في العقل الجمعي، في شمال اليمن والتي كانت بفعل قوة وسيطرة النظام اليمني السابق مدفونة تحت الارض. السؤال هنا، من حركها وامدها بالقوة والتمكين، ليس في وقت او زمن ما بعد ثورة اليمن واثناءها، بل قبلها بسنوات؟ قد يتبادر الى الذهن بان ايران هي من كانت وراء ذلك. بقناعة كاتب هذه السطور؛ كلا، ليست ايران، إنما ايران استثمرت نتائج هذه التحولات في الساحة اليمنية لصالحها، بل هو من اسس واثث البيئة السياسية وامدها بدءا بكل ما تحتاجه من اثاث التغيير والتحول في الساحة اليمنية على حساب الوطن اليمني الموحد والواحد وهوية المواطنة اليمنية؟ من هو، او من هما؟ معرفته ليس بالأمر الصعب على اي متابع؛ انه او انهما من لهما المصلحة ذات الابعاد الاستراتيجية في اعادة تقسيم الاوطان العربية او اعادة تقسيم المقسم اصلا في اتفاقات سايكس بيكو سيئة الصيت والهدف والعمل. في المقابل حركة انصار الله التي تسيطر على شمال اليمن، او تحكم شمال اليمن بحكومة وطنية وقومية بمرجعية دينية؛ اثبتت عمليا بان قرارها مستقل وذات سيادة كاملة بجسد سليم خال من الجروح؛ أذ، رغم ما تعرضت وتتعرض له من هجومات اسرائيلية وبريطانية وامريكية؛ تتشارك مع المقاومة الفلسطينية في التصدي لإجرام الكيان الاسرائيلي في غزة وفي الضفة الغربية ايضا. يلاحظ المتابع؛ ان حل او ايجاد حلول لما يجري وجرى في اليمن، أمر صعب بل هو صعب جدا، او انه أمر مستحيلا الا في حالة واحدة الا وهي تقسيم اليمن في اقل تقدير الى الشمال والجنوب او ربما كبيرة جدا، تقترب من اليقين الى اكثر من ذلك. هناك، في سوريا والعملية الدراماتيكية في اسقاط النظام السوري السابق؛ اسئلة عديدة، اولا، من مكًنَ وبسرعة مذهلة ومدهشة، هيئة تحرير الشام او النصرة سابقا، وهي المصنفة دوليا وامريكيا بانها منظمة ارهابية؛ بأسقاط النظام السوري واستلام السلطة في دمشق؟ من مكن الكيان الاسرائيلي صمتا وحماية اعلامية وقانونية؛ بالقضاء قضاءا يكاد يكون تاما على كل قدرات الجيش السوري؟ لماذا، لم يتدخل الجيش الروسي والذي يتواجد بقوة ضاربة في قاعدتين بحرية وجوية في التصدي لجبهة تحرير الشام او النصرة سابقا، وحماية النظام الحليف لها من السقوط؟ ما الذي جعل امريكا ودول الاتحاد الاوروبي حتى قبل ان يكشف النظام السوري الجديد عن كل توجهاته؛ تعترفان به وايضا شطب اسم رئيسه، ومنظمته، من سجلات الارهاب؟ ما الذي في جعبة امريكا ترامب ودول الاتحاد الاوروبي الذي جعلهما بسرعة ترفعان العقوبات الاقتصادية الامريكية والغربية عن النظام السوري الجديد؟ لماذا قبًلَ النظام السوري وبسرعة للتفاوض مع الكيان الاسرائيلي وعلى رؤوس الاشهاد، وعلى طريق ربما يقود الى التطبيع، على الرغم من احتلال الأخير جزءا مهما من جنوب سوريا وحتى قصف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع؟ ان هذه الاسئلة وربما غيرها كلها تنطبق تماما على كل الدول العربية باستثناء الجزائر والمغرب وتونس، الاولى عصية على التدخل والتغير من الخارج بأداة الداخل، والثانية هي في الركب تماما ولا تحتاج الى التحول والتغير، بل هي قاطرة من قاطراته. ان اسقاط النظام السوري كان بتدبير روسي تركي، وبمعرفة امريكية واسرائيلية مسبقة. قبل سنوات من اسقاطه بيد جبهة النصرة او هيئة تحرير الشام، استعد جيش النظام وقواته الأخرى؛ لإعادة السيطرة على محافظة ادلب الا ان كل من تركيا وروسيا والأخيرة هي الاساس في رفض قيام الجيش السوري بتحرير محافظ ادلب من سيطرة جبهة تحرير الشام. وايضا، قبل اكثر من سنة من سقوطه؛ عرضت تركيا اجراء لقاء بين الرئيس السوري ورجب ادرغان، وبطلب ملح بل ملح جدا من الرئيس الروسي على اهمية اجراء اللقاء بين الرئيسين السوري والتركي، الا ان الرئيس السوري رفض الا في حالة واحدة وهي ان يعلن الرئيس التركي او يقدم جدولا بانسحاب قواته من الارض السورية التي تحتلها، هذا الطلب السوري رفض من تركيا اردوغان، وبتأييد روسي. اللافت للانتباه قبل ايام من العملية الدراماتيكية التي قادت الى اسقاط النظام، قال نتن ياهو وفي تصريح له؛ ان بشار الاسد يلعب بالنار. في وقت كانت طائراته، المصنوعة في المجمع الصناعي العسكري الامريكي؛ تقصف كل المواقع المهمة والحيوية للجيش السوري وعلى مدار كل السنوات التي تلت الثورة السورية على النظام السوري الدكتاتوري، والتي تحولت وبإرادة الفاعل الخارجي الى حرب اهلية بين الاخوة الاعداء. قبل يومين من هجوم جبهة النصرة او جبهة تحرير الشام، وزحفها السريع والمذهل، وتخلي قادة الجيش السوري عن القتال، زار رئيس الشابك انقرة واجرى حسب الاعلام الاسرائيلي عدة لقاءات مع المسؤولين السياسيين والامنيين، لم يعد تل ابيب بل سافر الى واشنطن. ان كل هذا الذي جرى يقود الى التحليل ان ما جرى في سوريا سواء ما كان من عملية اسقاط النظام والمجيء بنظام سوري جديد كان حتى وقت قريب مصنف رئيسا ومنظمة من انهما يقعان في خانة الارهاب، او علمية تدمير كل قدرات الجيش السوري او عملية احتلال الكيان الاسرائيلي لأجزاء مهمة من جنوب سوريا، وعلى مقربة كيلومترات معدودة من العاصمة السورية دمشق؛ هو تعبيد طريق التطبيع بين الكيان الاسرائيلي وسوريا الشرع، وايضا لمشاريع نقل الغاز الى اوروبا عبر الارض السورية. ان هذه العملية قطبا الرحا فيها هي تركيا وروسيا، وبكل تأكيد معهما امريكا ترامب، وبمباركة وتهليل واستثمار، من قطر والامارات.
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟