مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 09:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(اسرائيل: كيان مصطنع.. كيان دخيل.. على المنطقة العربية.)
الكيان الاسرائيلي؛ كيان مصطنع ودخيل على المنطقة العربية وايضا على جوارها. أو ارض الميعاد؟! (تجنيا على اصحاب الأرض وعلى جميع صعد التاريخ والوجود والانتماء، وطاريء على تاريخ المنطقة العربية ولو طال به زمن وجوده عليها) كما تقول عنه سردية الحركة الصهيونية، بلا حدود معترف بها دوليا، انها أو قل جزافا دولة لا حدود لها، كيان بلا حدود، حدوده مفتوحة على التوسع.. انفاذا وجوديا وتاريخيا لمرويات التوراة والتلمود. اسرائيل تقاتل في كل الجبهات في الشمال وفي الجنوب وفي الشرق وفي الغرب؛ وفي كل جوارها، وفي المحيط الاقرب لها، وفي الابعد لها، حتى ولو كانت بعيدة عنها بآلاف الكيلومترات، بلا ادنى موجبا او مسوغا؛ فكل الجبهات خارج غزة وجنوب لبنان واليمن؛ ليست جبهات حرب مع هذا الكيان الاسرائيلي المجرم. لكنها تجعل الاغلب من هذه الجهات؛ تدخل في حرب معها، مرغما، كما يحدث في سوريا، في محافظة السويداء، وفي كل الاماكن الاخرى من خارطة قارة العرب؛ ان رأى هذا الكيان ان هناك ضرورة له في مهاجمتها بالطائرات المتقدمة والمصنوعة في مصانع السلاح الامريكي؛ كي تكون او كي يفتح له المجال الى قضمها وضمها، اضافة الى ما اغتصبه من اراضي فلسطينية قبل ثلاثة ارباع القرن والى الآن. ان اسرائيل ومنذ سنتين، وهي تضرب عرض الحائط كل القوانين الدولية بحماية امريكية وغربية؛ بممارسة الإبادة في غزة؛ قتل وتشريد وتجويع لامثيل له في كل تاريخ البشرية، ولن يكون له مثيلا في القادم من تاريخ البشر. كل حملات الشجب والاستنكار التي تقوم بها دول العالم ومن بينها الدول العربية فهي وفي كل الاحوال ماهي الا ذر الرماد في عيون جياع الغزة والذين يموتون بالعشرات بالجوع وبالرصاص، في كل يوم منذ سنتين والى الآن. لكنهم رغم كل هذا الذي يجري فيهم؛ متمسكون بأرضهم بقوة، وبفاعلية لقنت ولاتزال تلقن الصهاينة دروسا في حب الارض والتاريخ والانتماء والمآل . الدول العربية كلها، باستثناء اليمن؛ لم تفعل اي شيء لوقف هذه المجازر، الدول الاسلامية، باستثناء ايران؛ هي ايضا لم تفعل اي شيء تُوقَف به هذه المذابح وايضا الامم المتحدة ومجلس امنها. هؤلاء جميعهم يرون في كل ساعة وفي كل دقيقة وفي كل ثانية من كل يوم يمر على جياع الشعب الفلسطيني في غزة؛ مشاهد الجوع واثر الجوع على اجساد هزيلة جدا، بوجوه كأنها قدت من الشمع الابيض الباهت؛ انهم موتى يمشون على الارض زحفا او ربما ركضا بقوة من ألم العطش والجوع وحب الحياة والارض والعائلة بما فيها من طفل جائع، او من طفل يقف على حافة الموت جوعا او عطشا، او امرأة مسنة او رجل كهل اخذ منه الزمن كل ما كان فيه من قوة؛ بالوصول الى حيث هناك كيس طحين او قل حفنة من طحين، او مرق بأناء صغير، من قزان كبير، او من قزانات كبيرة، لكن بعضهم ربما يموتون بالرصاص الصهاينة حتى قبل ان يحصلوا ما سعوا ركضا او زحفا إليه. كل الدول العربية هي الشريك الفعلي لهذه الجريمة، الصمت على جريمة المجرم جريمة ربما هي اقوى او اكثر جرما من جريمة المجرم؛ لأنها بالصمت وحتى بالتفاوض غير المجدية، أو غير مصحوبة بعناصر ضغط على صانع القرار في واشنطن وليس في تل ابيب، مستعمرة الوحوش، او انه يساعد بطريقة او بأخرى، صمتا، او منحهم مساحة اعلامية في الفضاءات لتبرير هذه الجرائم التي يقوم بها مجرمو الصهاينة، على مواصلة هذه المجازر بلا حسيب او رقيب وبلا عقوبات لكل الداعمين ظاهرا وسرا لهذه الجرائم، امريكا والغرب. ما اكثر ما في جعبة العرب الحكام من عوامل وعناصر ردع قوية ومؤثرة وفاعلة جدا في الميدان. لكن وبكل أسف اي من هذا لم يحدث ولن يحدث كما حدث في عام 1973 حين اتفاقا كل من العراق والسعودية على قطع امدادات النفط عن كل الدول الداعمة لإسرائيل في حرب اكتوبر عام 1973، وفي اول هذه الدول؛ هما امريكا والغرب؛ وكيف كان تأثيرها مدمرا ومنتجا عليهما اي على امريكا والغرب. ان الانظمة العربية الرسمية هي على خطأ استراتيجي في هذا الصمت المخزي على هذه الجرائم؛ لأن كل هذا الذي يجري في غزة؛ له ابعاد استراتيجية لسوف تطال لاحقا كل الدول العربية وبطريقة ناعمة في البعض منها وبطريقة خشنة في الأخرى؛ انه مخطط ابعد من غزة كثيرا وكثيرا جدا. اسرائيل ليس لها حدود وهي لا تريد ان يكون لها حدود في خرائط الامم المتحدة للدول الاعضاء فيها، اي انها تتمدد باستمرار ليس في حدود فلسطين، غزة والضفة الغربية بحجج واهية لا يدعمها ولا يسندها الواقع ابدا. فهي تتمدد حين هي من تقوم بتخليق الواقع الذي تسود فيه؛ الفوضى والاضطراب واقتتال الأخوة الاعداء بفعل مفاعيل الموساد؛ كي تتوسع فيه؛ كما حدث ويحدث الآن في محافظة السويداء وفي القنيطرة وجبل الشيخ والجولان سابقا والتي تعتبرها اسرائيل وامريكا هي ارض اسرائيلية. ان التجويع والقتل والتشريد والهدم والتخريب لكل ما له علاقة بالحياة في غزة وايضا بدرجة اقل كثيرا في الضفة الغربية. ان جميع هذا الذي يحدث الآن ما هو، الا البداية او قاعدة الانطلاق الى تطويع كل الانظمة العربية بطريقة او بأخرى حتى تتسيد اسرائيل على كل المنطقة العربية وربما زحفا الى جوارها في الاقتصاد والتجارة والسياسة، وايجاد فضاءات جيوبوليتيكية في الجوار العربي؛ تتحرك بحرية فيها، وخارج حدود كيانها، كقاعدة استعمارية امبريالية امريكية وغربية، تعمل لصالح مصالحهما بالإنابة عنهما. تريد مستقبلا كما يريد لها اسيادها في واشنطن، في بيت شياطين المعمورة كل المعمورة؛ ان تعتمد في تنمية قدراتها على ذاتها في الداخل منها، وعلى ذاتها في الخارج منها؛ بأدوات هي الآن في طور التكون والتوسع والانتشار في المنطقة العربية وفي جوارها وفي جوار الجوار وفي الابعد من جوار الجوار . ما اقصده هنا هو السيطرة والنفوذ الاقتصادي والسياسي والتغلغل في نسيج المجتمعي العربي، حتى تكون اسرائيل بكل طروحاتها جزءا من هذا النسيج؛ كمفاعيل في السردية التاريخية للمنطقة العربية، وانتاجا جديدا او اعادة انتاج للأنثروبولوجي؛ لتكون اداة فعل منتج للمصالح الامبريالية الامريكية وايضا الغربية. فللوصول او لبلوغ هذه المحطات النهائية يسمح لإسرائيل، او يتم دعمها وتوفير الحماية القانونية لها، ومشاركتها بتزويدها بكل اسلحة الفتك بالأرض والانسان وبالحياة كل الحياة؛ بمواصلة الإبادة للشعب الفلسطيني في غزة وايضا في الضفة الغربية؛ جوع وقتل وتشريد وتخريب لكل ما هو حي من زرع وضرع ومباني، انها حقا جريمة او انها ام كل الجرائم على مدار التاريخ، ولسوف تذكرها الاجيال القادمة في اتجاهين، اولا هي عار على جميع من دعم وساند وشارك او سكت على هذه الجرائم. ثانيا، لسوف تتذكر اجيال المستقبل الغزاوي والفلسطيني والعربي وحتى الجيل الحالي ومن الذين لم يبلغوا الرشد بعد، او لا زالوا اطفال حين يكتب لهم النجاة من هذه المذابح؛ اسطورة الصمود الغزاوي والفلسطيني في مواجهة ألة الحرب الاسرائيلية المصنوعة في مصانع السلاح الامريكي والغربي؛ وكيف تمكنوا من تركيع العدو الصهيوني المجرم والعنصري على الرغم من امتلاكه لكل ادوات الجريمة بالغة التقدم والتطور والفتك والقتل والتدمير؛ وهم لا يملكون في المواجهة غير الإرادة الصلبة والعزيمة والثبات والمرابطة والتمسك بالأرض.
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟