حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 07:11
المحور:
المجتمع المدني
اذا اعطاني هدية اعطيه واذا اتصل بي اتصل به.
اذا سلم عليَّ اسلم عليه، اذا صافحني أُصافحه.
اذا حضر عزيمتي احضر عزيمته، حتى في العزاء اذا واساني أواسيه.
يعتقد البعض أن الثقافة في معظم جوانبها إيجابية مهما كانت، لكن هناك ما يسمى بالثقافة البائسة حيث التفكير السلبي، الذي يتبعه كثيرون ويزرعونه في عقول أبنائهم. فالدنيا كما نعرفها أخذ وعطاء، ولكن هذه الفكرة وتلك القاعدة، لا تتنافى مع العطاء ومع الود والتواصل وبث الروح الإيجابية في العلاقات الإنسانية، التي باتت في بعض المجتمعات جثة هامدة بسبب الأنانية أو الإصرار على التبادلية في التعاملات الإنسانية.
الذوقيات ليست بالمال ولا بأي مظهر خارجي، الذوقيات إحساس وتعامل جميل، أن تأخذ في اعتبارك طبيعة الناس وتختَار تصرفاتك تلك نعمة كبيرة.
لا تنشأ الثقافة البائسة من فراغ، بل من مناخ روحي مأزوم، يقدِّس التوازن الظاهري في العلاقات، بل يرى في كل فعل "دينًا" يجب سداده، عندئذ تتحول القيم إلى معاملات، والمشاعر إلى عقود ضمنية، والمودة إلى استثمار.
لا تجعل من قلبك دفتر حسابات، تسجل فيه من أعطى ومن منع، من زارك ومن صافحك، من ذكرك ومن نسيك، فالعلاقات الإنسانية أعمق من أن تُقاس بالمقابل، والنبل لا ينتظر ردّ الجميل، العطاء لا يُختزل في المقايضة، والمحبة لا تُقاس بالمكافأة، والأصالة تظهر في المبادرة لا في الرد.
إذن، الثقافة البائسة ليست مجرد سلوك، بل هي رؤية للعالم تنم عن فقر داخلي، فقر في الثقة، فقر في الحب، فقر في الكرامة، فهي لا تفهم أن الإنسان قد يغيب لأنه متعب، وقد لا يُهدي لأنه لا يملك، فهي تحوّل القلوب إلى آلات حسابية لا تعرف السخاء وعبئًا ثقيلًا بدل أن تكون مصدر راحة.
النضج الحقيقي هو التحرر من هذا الفقر، والارتقاء إلى فضاء الحرية في العطاء والصفح والمبادرة بعيدا عن هذه الثقافة.
احترامك للآخرين لا يعني أنك تؤمن بكل قناعتهم، ولا يعني أنك أفضل منهم، فالإنسان ذا الثقافة المعتدلة لا بد أن يضع في تصوره أنه سيجد أصنافاً من الثقافات السلوكية، فإذا اقتنع بهذه الطبيعة لن يتوتر ويضطرب إذا واجهته مثل تلك الثقافة البئيسة.
إن الثقافة الإيجابية في ذات الإنسان لا تتكون فجأة ولا تولد كاملة، بل تكتسب وتنمو على مكث، وعلى مراحل وفق حظه من الثقافة المطردة سواء تجارب أو معارف.
لذا لا تعامل الناس في العواطف والهدايا بمقياس البيع والشراء ولا بميزان الربح والخسارة، بل عاملهم بالكرم والجود، ومن منعك شيئاً فأعطِه أنت، وإذا أخطأت إعتذر، لا تكن صامتا، ستعيش مرة واحدة على هذه الأرض، فمن تعطر بأخلاقه لن يجف عطره حتى لو كان تحت التراب.
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟