حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 07:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قُدم لترامب خلال زيارته للسعودية لحم "الأنجوس" المشوي وسلطة الفراولة هذين الطبقين لهما دلالات كبيرة ورسائل من النوع الثقيل، بالإضافة إلى طبق لحم الميسو المصحوب بـالخضراوات الطازجة وسلطة الأعشاب في نكهة توليفة تمزج بين النكهة اليابانية والأميركية وتعكس العناية بالتفاصيل وثراء المائدة الافتتاحية.
يعتبر "الانجوس" رمز للترف والجودة خاصة عند الأميركيين والذي يصل سعر 1 كيلوغرام الى 100 دولار أمريكي في المطاعم الفخمة، فتقديمه لترامب يعني معناها "احنا فاهمين لغه الزبون" وقادرين على مجاراتك في الفخامة، إذ أن ترامب يعرف عنه بذوقه الكلاسيكي جدا في الطعام (يحب الستيك المطهو جيدا مع الكاتشب!).
هنا السعودية اختارت له وجبة متقنة ولكن مألوفة.
سلطة الفراولة الفرنسية أو حلوى بارفيه الفراولة قدمت بزيت الزيتون البكر المشهور في مناطق شمال السعودية لتعطي توازن بين التقاليد والحداثة وتعبر عن الانفتاح والذوق العالمي.
كأنهم يقولوا للعالم "نحن شرق أوسط جديد عصري ونعرف أدوات الضيافة الدبلوماسية الراقية." و الرسائل الرمزية الأعمق لترامب "نحن نلعب اللعبة بلغتك"
العلاقة ليست نفط وسلاح فقط بل ذوق وثقافة.
إذ أن هذا العرض الطهوي لم يكن مجرد تجربة ذوقية، بل كان أداة ناعمة لصياغة خطاب سياسي موجه بدقة، فالوجبة الفاخرة المقدمة لترامب تعكس تحولاً في أدوات التأثير السياسي، حيث لم تعد الكلمات وحدها تكفي، بل باتت التفاصيل الصغيرة، من المائدة إلى الموسيقى المصاحبة، تصوغ رسائل استراتيجية تعكس التوجهات الجديدة في العلاقات الدولية.
الزيارة كانت تحمل جانب بصري وإعلامي وحتى الطعام كان عنصر محسوب في الدبلوماسية.
لم تكن تسعى السعودية من خلال "الدبلوماسية الطهوية"، فقط كسب ود ضيفها بل كانت تقدم نفسها بوصفها شريكاً عالميا يفهم لغة الرموز الحديثة، ويتقن استخدام أدوات "القوة الناعمة" جنبا إلى جنب مع "القوة الصلبة". إنها دبلوماسية تُخاطب الذائقة والذاكرة، وتبني الجسور من خلال النكهات، لا التصريحات وحدها، فمن خلال وجبة واحدة، تم إيصال رسائل حول الفخامة، والعصرية، والانفتاح، والتفوق الاقتصادي، دون أن تُقال كلمة واحدة أمام الكاميرات.
إنها سياسة تقدم فيها الضيافة على شكل بيان دبلوماسي، والمائدة تتحول إلى منصة تفاوض ناعمة، تترجم المصالح وتعيد رسم العلاقات، وتؤكد أن الطهو قد يكون أحيانا أكثر نفاذاً من البيان السياسي الرسمي.
ولما زار أوباما المملكة قُدِمَ له أطباق أقرب للتقليدية.
أما مع ترامب كان الموضوع (شوو show) فكانت المائدة نفسها عرض سياسي طهوي
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟