أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - ديمقراطية عرجاء أم دكتاتورية مشوهة !!














المزيد.....

ديمقراطية عرجاء أم دكتاتورية مشوهة !!


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 06:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الناحية النظرية، الديمقراطية ليست مجرد "حكم الأغلبية"، بل هي منظومة متكاملة من القوانين والمؤسسات التي تضمن التوازن بين حكم الأغلبية وحقوق الأقلية، وتعمل على توفير أدوات رقابة تحدّ من الانحرافات.
المشكلة ليست في الديمقراطية بحد ذاتها، بل في التطبيق المشوّه لها، حيث يتم استغلال الانتخابات والتلاعب بالرأي العام عبر وسائل الإعلام والمصالح الفئوية.
فبدلًا من أن تكون الديمقراطية أداة لضمان تمثيل حقيقي لإرادة الشعوب، تتحول في كثير من الأحيان إلى وسيلة لإضفاء شرعية شكلية على أنظمة حكم تخدم مصالح نخبوية ضيقة.
في بعض البلدان، يصبح المشهد الانتخابي أشبه بمسرحية ديمقراطية، حيث يتم التحكم في النتائج مسبقًا عبر منظومات معقدة من التلاعب السياسي والاقتصادي، فعلى سبيل المثال، تلعب وسائل الإعلام المملوكة لأصحاب النفوذ دورًا حاسمًا في توجيه الرأي العام من خلال تضليل الناخبين أو حصر النقاش العام في قضايا سطحية لا تمس جوهر المشكلات السياسية والاجتماعية.
كما أن التمويل الانتخابي غير الشفاف يمنح القوى الاقتصادية الكبرى سيطرة غير مباشرة على نتائج الانتخابات، حيث تُضخّ الأموال في حملات سياسية تخدم مصالح هذه الفئات، مما يُضعف إمكانية وصول شخصيات مستقلة أو ممثلين حقيقيين للشعب إلى مواقع القرار.
حتى في الدول التي تُعتبر مستقرة ديمقراطياً، لا تخلو العملية الديمقراطية من تحديات مماثلة، فالتأثير الكبير لرأس المال على السياسة، إلى جانب التركيز الإعلامي غير المتوازن على قضايا بعينها، يؤدي إلى خلق بيئة انتخابية لا تعكس بالضرورة الإرادة الحقيقية للمواطنين. ومع ذلك، تتمتع هذه الأنظمة بآليات تصحيحية مثل وجود مؤسسات رقابية مستقلة، وإجراءات قانونية تمنع الاحتكار الإعلامي، وقوانين تفرض شفافية التمويل السياسي. كما أن الوعي السياسي في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة يجعل من الصعب التلاعب بالرأي العام بنفس السهولة التي تحدث في الأنظمة التي تفتقر إلى هذه الضمانات.
لكن في المجتمعات التي تعاني من هشاشة سياسية أو من أنظمة حكم هجينة تمزج بين الديمقراطية الشكلية والحكم السلطوي، تصبح الانتخابات مجرد أداة لإعادة إنتاج السلطة بطرق ملتوية، يُستخدم فيها الترهيب السياسي والتضييق على الحريات الإعلامية، بل وحتى تزوير النتائج لضمان بقاء النخبة الحاكمة، وهذا ما يؤدي إلى تآكل الثقة في الديمقراطية كمنظومة حكم، مما يدفع بعض الشعوب إما إلى العزوف عن المشاركة السياسية أو إلى البحث عن بدائل غير ديمقراطية تعِدُ بالاستقرار ولو على حساب الحرية.
في النهاية، تبقى الديمقراطية أداة قابلة للتطوير، ولا يمكن اعتبارها نموذجًا ثابتًا لا يحتاج إلى مراجعة مستمرة.
إن تحقيق ديمقراطية حقيقية يتطلب إرادة سياسية للإصلاح، ووجود مجتمع مدني قوي، وإعلام مستقل، ونظام قضائي نزيه قادر على حماية العملية الديمقراطية من الاختراقات التي قد تحرفها عن مسارها الطبيعي.
بدون هذه العوامل، تصبح الديمقراطية مجرد قناع يخفي تحته سيطرة فئة محدودة على مقدّرات الدولة ومستقبلها السياسي.
في المقابل فالصين وروسيا تختلفان في طبيعة أنظمتهما، إذ ان الصين تعتمد على نموذج "الرأسمالية السلطوية"، بينما روسيا أقرب إلى الأوليغارشية (حكم الأقلية الغنية). نجاح هذه النماذج مرتبط بعوامل تاريخية واقتصادية وسياسية، وليس فقط بوجود قائد قوي.
هناك من يعول على الدكتاتورية بدلا من الديمقراطية في نظام الحكم للسيطرة على نظام الدولة وادارة زمام الامور بعيدا عن ديمقراطية متلكئة عرجاء.
وهنا اقول ان الديكتاتورية قد تحقق استقراراً مؤقتاً، لكنها على المدى البعيد تؤدي غالباً إلى الفساد والاستبداد، ما يجعل أي إنجازات اقتصادية غير مستدامة.
كما اثبتت التجربة العربية أن الأنظمة الديكتاتورية قادت في النهاية إلى انهيارات كبرى، سواء في العراق أو ليبيا أو سوريا او اليمن، حيث لم تترك هذه الأنظمة أي بنية سياسية سليمة يمكن أن تضمن الانتقال السلس بعد سقوطها.
وهذا يوضح أن الديكتاتوريات، مهما حققت من إنجازات ظرفية، فإنها تبني استقرارها على أساس هش، قائم على القمع وإقصاء المعارضة، وليس على مؤسسات حقيقية قادرة على الصمود أمام التغيرات السياسية والاجتماعية، وعندما تسقط هذه الأنظمة، تترك فراغًا سياسيًا هائلًا، غالبًا ما يُملأ بالصراعات والفوضى، كما رأينا في الدول التي انهارت أنظمتها دون أن يكون هناك بديل مؤسسي قادر على إدارة المرحلة الانتقالية.
إن غياب التعددية السياسية واستبعاد القوى المجتمعية من المشاركة في الحكم يؤدي إلى تفاقم الأزمات، حيث تُبنى الدول حول شخص الحاكم بدلًا من بناء مؤسسات حقيقية. وبهذا، يتحول الاستقرار الظاهري إلى مجرد تأجيل للأزمات الحتمية التي تنفجر عند أول فرصة، ما يجعل تكلفة الانتقال نحو الديمقراطية أكبر وأكثر دموية.
يجب ان نعي الدرس المستفاد من التجربة العربية هو أن بناء أنظمة حكم قائمة على العدالة والشفافية والمؤسسات القوية هو الضامن الوحيد للاستقرار المستدام، بعيدًا عن الحلول القمعية التي لا تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمات بصورة أكثر تعقيدًا.

الخلاصة : قد يكون التشكيك في الديمقراطية منطقياً إذا نظرنا إلى فشل تطبيقها في بعض الدول، لكنه لا يعني أن البديل هو الديكتاتورية، بل ربما يكون البديل هو البحث عن نموذج ديمقراطي يتناسب مع طبيعة المجتمعات العربية، مع التركيز على الإصلاح التدريجي وليس انتظار تحول تاريخي قد لا يأتي أبداً، وهذا يتطلب فهماً عميقاً لخصوصيات كل مجتمع، والاعتراف بأن الديمقراطية ليست نموذجاً ثابتاً بل عملية تتطور بمرور الزمن، فبدلاً من استنساخ تجارب الآخرين، ينبغي العمل على بناء مؤسسات قوية، وتعزيز سيادة القانون، وترسيخ ثقافة المشاركة السياسية، مما يهيئ الأرضية لديمقراطية أكثر استدامة وعدالة.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزان الوعي بين تقديس الماضي وتحديات الحاضر
- مستقبل العراق بين ضغوط واشنطن وتدخلات طهران
- الإرث الحقيقي
- مزاد التكبيس
- متى يحلق الجولاني لحيته؟!
- الجيش العراقي، مئة وأربعة أعوام من المجد والتضحيات في سبيل ا ...
- القطاع السياحي بين تحديات الواقع وآفاق التطوير
- رسالة من إنسان إلى العالم في بداية السنة الجديدة
- بشار الأسد وعقلية البقاء في السلطة
- الكلاسيكو السنوي !!
- ميار
- النفوذ التركي في سوريا الجديدة ومدى تأثيره على العراق
- انترنت الطفولة وذكريات العالم الافتراضي
- كيف ستكون سوريا بعد سقوط بشار الأسد؟!
- ‏هل تعمد اردوغان إفهام الجميع انه مرشد -طوفان الجولاني-؟!
- يوم التطوع العالمي .. عطاء وتكافل اجتماعي
- اين يمكن ان نجد تركيا من الصراع الدائر في سوريا ؟!
- الصراع الدولي في سوريا وتأثيره على المنطقة
- نتائج التعداد السكاني في العراق 2024
- مستقبل الإسلام السياسي في الشرق الأوسط والمنطقة العربية انمو ...


المزيد.....




- ترامب يدعو لاتفاق سلام بين إيران وإسرائيل: -الاتصالات جارية- ...
- ما مدى انخراط أمريكا في العملية الإسرائيلية ضد إيران؟ مراسلة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل تقليص قواته من غزة لدعم الجبهة ضد إير ...
- هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟
- ماكرون يصل غرينلاند لتعزيز الدعم الأوروبي للدنمارك
- إسرائيل تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية يونيو
- مصادر دبلوماسية عربية تتحدث عن تحرك سعودي عاجل لإعادة إيران ...
- ترامب: قد نتدخل لمساعدة إسرائيل في القضاء على البرنامج النوو ...
- الحرس الثوري الإيراني يعلن إلغاء مراسم تشييع قتلى الضربات ال ...
- الدفاع الروسية: استهداف مركز قيادة أوكراني بصاروخ إسكندر قرب ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - ديمقراطية عرجاء أم دكتاتورية مشوهة !!