حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 08:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعريف طريق التنمية (Development Road Project) بالمفهوم العام :
هو المسار الذي تختاره دولة أو مجتمع لتحقيق النمو الاقتصادي، العدالة الاجتماعية، والتحول البنيوي، بهدف تحسين مستوى المعيشة وتطوير القدرات البشرية والاقتصادية. وهو يشير إلى الخيارات الاستراتيجية التي تتبناها دولة ما لتحقيق التقدم، مثل:
- الاعتماد على الصناعة أو الزراعة.
- الانفتاح على السوق العالمية أو التركيز على الاكتفاء الذاتي.
- التنمية بقيادة الدولة أو السوق أو المجتمع المدني.
■ ما هي أهداف طريق التنمية؟؟
- القضاء على الفقر.
- تحسين التعليم والصحة.
- تطوير البنية التحتية.
- زيادة النمو الاقتصادي.
- تعزيز العدالة والمساواة.
■ نظريات التنمية :
كل طريق تنموي يعتمد على نظرية أو مجموعة من النظريات، ومن أبرزها:
- نظرية التحديث ترى أن التنمية هي عملية انتقال من التقليدية إلى الحداثة، مثل أوروبا.
تركز على التعليم، التمدن، الرأسمالية، والمؤسسات الحديثة.
- نظرية التبعية تؤكد أن الدول النامية فقيرة بسبب اعتمادها على المركز (الدول المتقدمة).
وتدعو إلى فك الارتباط مع النظام الرأسمالي العالمي.
- نظرية التنمية المستدامة، تعني التوازن بين النمو الاقتصادي، العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة، وتؤكد أهمية الأجيال القادمة.
- نظرية التنمية البشرية، تعتبر الإنسان هو محور التنمية وغايتها ووسيلتها، وتركز على التعليم، الصحة، والمشاركة السياسية.
■ ما هي مراحل طريق التنمية؟؟
- تحليل الوضع الهام اقتصاديًا واجتماعيًا.
- وضع السياسات والخطط.
- تطبيق البرامج والمشاريع.
- مراجعة الأداء، وتصحيح المسار.
- استيعاب التغيرات الداخلية والخارجية.
هناك العديد من التحديات والعقبات تواجه طريق التنمية :
- الفساد وسوء الإدارة.
- الاعتماد على مصادر خارجية (الديون، التكنولوجيا).
- الفجوة بين الريف والمدينة.
- غياب المشاركة الشعبية.
- الصراعات والحروب.
- التغير المناخي والضغوط البيئية
● طريق التنمية العراقي ( القناة الجافة )
أُعلن عنه في مايو 2023، خلال مؤتمر إقليمي حضره مسؤولون من تركيا ودول خليجية، يُعد أحد أكبر المشاريع الاستراتيجية في تاريخ البلاد الحديث، ويهدف إلى تحويل العراق إلى مركز لوجستي واقتصادي إقليمي وعالمي، يربط بين آسيا وأوروبا من خلال شبكة نقل حديثة ومتعددة الوسائط.
يسعى العراق منذ سنوات لتعزيز مكانته الجيوسياسية باعتباره ممرًّا للتجارة العالمية، وتوفير عائدات مالية من مصادر مختلفة وخلق آلاف من فرص العمل، وبالتالي تنويع مصادر الدخل والتخلص تدريجيا من الاعتماد الكلي على موارد تصدير النفط ومشتقاته في ميزانيته المالية التي تصنفه في خانة الاقتصادات الريعية، حيث تمثل عوائد النفط نحو 95% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما دفع الحكومة العراقية للعمل على تفادي الضغوط التي يمكن أن تخلفها تقلبات أسعار النفط العالمية.
يربط ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة (جنوب العراق) بأوروبا عبر تركيا، باستخدام شبكة نقل مزدوجة: السكك الحديدية والطرق السريعة.
ويشكل الخط البري وخطوط سكك الحديد، العمود الفقري للمشروع الذي يربط الخليج بالحدود التركية وصولاً إلى ميناء مرسين، ويطمح العراق عبره إلى التحول ممرا أساسيا لنقل البضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا.
■ لماذا تركيا لاعب مهم في المشروع؟؟
منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية اتجهت الدول الأوروبية إلى البحث عن مصادر طاقة بديلة عن روسيا، وهذا ما زاد من أهمية طرق التجارة الدولية التي تربط بين منطقة الشرق الأوسط مع أوروبا التي تسعى لتوفير تدفق آمن للطاقة.
تلعب تركيا دوراً مهماً في مشروع طريق التنمية، إذ ستكون بوابة دول الخليج إلى أوروبا، ما يؤكد أهميتها الجيوسياسية نظراً لقربها من احتياطيات الطاقة في الشرق الأوسط والقوقاز، ومحاذاتها للدول الأوروبية.
ستحقق تركيا عائدات اقتصادية مهمة من هذا المشروع، تتمثل في أرباح رسوم النقل وتدفق الاستثمارات.
كما ان تركيا توظف موقعها الجغرافي لتكون في المنتصف اقتصادياً وسياسياً، وبالتالي يمكنها التأثير في المشهد الدولي بشكل أكبر، وخصوصاً في حال شعرت بعدم رغبة أي طرف بأن تكون تركيا مستقرة من الناحيتين السياسية والاقتصادية.
■ أهداف المشروع :
- تحويل العراق إلى بوابة تجارية بين الشرق والغرب.
- تقليل الاعتماد على النفط عبر تنويع الاقتصاد.
- خلق فرص عمل وتطوير البنية التحتية في المدن العراقية.
- تعزيز التكامل الإقليمي من خلال التعاون الاقتصادي مع دول الجوار.
- منافسة ممرات أخرى مثل قناة السويس والممر الهندي-الأوروبي.
■ المسار الجغرافي لطريق التنمية :
ينطلق من ميناء الفاو الكبير المطل على الخليج العربي الذي يُعد من أعمق وأكبر الموانئ في الشرق الأوسط.
يمر عبر محافظات: البصرة، ذي قار، المثنى، الديوانية، النجف الاشرف، كربلاء المقدسة، بغداد، الانبار، صلاح الدين، نينوى
ثم يصل إلى الحدود مع تركيا، ثم يتصل بشبكة السكك الأوروبية.
■ ماهي مكونات المشروع؟؟
- السكك الحديدية عالية السرعة بطول 1200 كم تقريبًا وتكون مخصصة لنقل البضائع والركاب.
السرعة المقدرة: حوالي 300 كم/ساعة للركاب و140 كم/ساعة للبضائع.
- الطرق السريعة (الأوتوستراد) موازية للسكك الحديدية ومزودة بمحطات استراحة، نقاط صيانة، وخدمات لوجستية.
- إنشاء 12 محطة/مركز لوجستي وتجاري وصناعي على طول الطريق.
■ ما هي التكلفة المالية والجدول الزمني لتنفيذ المشروع؟؟
- تقدر الكلفة الإجمالية للمشروع : 17 مليار دولار أمريكي ويكون التمويل عن طريق موازنة الدولة واستثمارات دولية.
متمثلة بشراكات مع شركات خاصة من دول مثل تركيا، الصين، قطر، الإمارات، السعودية، ألمانيا، وفرنسا.
- الجدول الزمني للتنفيذ : وُضعت خطة مبدئية لتنفيذه على ثلاث مراحل :
المرحلة الأولى (2023–2026): مدّ السكك الحديدية الأساسية وبدء تشغيل ميناء الفاو.
المرحلة الثانية (2026–2030): إنشاء المحطات الصناعية والطرق السريعة.
المرحلة الثالثة (2030–2035): تشغيل كامل المنظومة وتوسيع الشبكة إلى دول مجاورة.
■ ما هو البُعد الجيوسياسي لمشروع طريق التنمية العراقي؟؟
- منافسة قناة السويس:
يشير الخبراء أن طريق التنمية سيكون أسرع في الشحن بين آسيا وأوروبا بواقع 10-15 يومًا مقارنة بالطريق البحري التقليدي، مما يهدد احتكار قناة السويس لبعض الخطوط التجارية.
- ستكون تركيا شريكاً محورياً، كونها الدولة التي يمر عبرها الطريق إلى أوروبا.
- ربط آسيا بأوروبا من دون المرور بإيران مما قد يؤثر على الخطوط الإيرانية المقترحة لنقل التجارة.
- منافسة الممر الهندي-الأوروبي، الذي أُعلن عنه في قمة العشرين 2023 (الهند - الشرق الأوسط - أوروبا) حيث طريق التنمية العراقي في صراع استراتيجي مع مشاريع منافسة.
■ الفوائد الاقتصادية والاجتماعية :
- خلق أكثر من 100,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
- رفع مستوى البنى التحتية في المحافظات الوسطى والجنوبية.
- دعم النقل الداخلي والخارجي للبضائع مما يخفض التكاليف التجارية.
- تنشيط السياحة الدينية والاقتصادية.
- دعم مشاريع صناعية مرافقة : كالموانئ، المدن الصناعية، المصانع، الطاقة المتجددة.
■ ما هي التحديات والمعوقات امام المشروع؟؟
- الوضع الأمني في بعض المناطق التي يمر عبرها طريق التنمية.
- الفساد الإداري والمالي
- هناك بطء إصدار التراخيص والعقود مع الشركات الدولية.
- منافسة المشاريع الإقليمية كإيران مثلاً.
يقول الباحث الاقتصادي والاستشاري في اقتصاد النقل الدولي زياد الهاشمي "إن مشروع طريق التنمية لا يعتبر بنموذجه الحالي جاذبا للاستثمارات بسبب عدم تنافسيته، في ظل وجود ممرات نقل دولية أخرى يعتمد عليها العالم، وعدم وجود حصص سوقية كبيرة يمكن لهذا المشروع أن يجذبها، وبالمحصلة لا يستطيع هذا المشروع بنموذجه الحالي تحقيق متطلبات "مؤشر الملاءمة" والتي تحتوي على معايير منها الكلفة، وزمن الوصول، والانسيابية، والاستدامة، والموثوقية والأمن".
وأضاف الهاشمي -في حديثه للجزيرة نت- "أن مشروع الطريق لم تتم دراسة جدواه بشكل صحيح بعد تكليف شركة مغمورة وغير متخصصة بذلك، وبالتالي فإن اتجاه الحكومة العراقية لتمويل المشروع قد يعد خيارا غير مناسب بسبب غياب الجدوى الاقتصادية مما سيتسبب في إنشاء وتشغيل مشروع عالي الكلفة دون وجود حصص سوقية أو حركة تجارية كافية قادرة على تغطية الكلف التشغيلية وتحقيق أرباح، ومن المتوقع أن يتم تخصيص تمويل المشروع من الموازنة الاستثمارية لعام 2024، لكن القلق أن هذا التمويل قد يفتح الباب على منافذ فساد جديدة تهدر المال العام وتتسبب في تلكؤ إنجاز المشروع أو فشله.
الخلاصة : مشروع "طريق التنمية" ليس مجرد مشروع نقل، بل رؤية استراتيجية لتحويل العراق من بلد مستهلك إلى بلد ممر ومركز تجاري عالمي.
نجاحه يعتمد على قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات، ضبط الأمن، ومواجهة التحديات البيروقراطية والسياسية. لكن في حال تنفيذه كاملا، سيُغيّر موقع العراق في الجغرافيا الاقتصادية العالمية خلال العقود القادمة.
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟