أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي














المزيد.....

الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الوطن بوصفه رهينة

في الحالة العراقية الراهنة، لم تعد "الروح الوطنية" تعبّر عن شعور جمعي بالانتماء، بل باتت تعني – على نحو فعلي – صراعًا على احتكار الوطن لا الانتماء إليه. "الوطنية" هنا ليست فكرة حية، بل شعار يُرفع ليدمغ الآخر بالخيانة أو ليستبقيه في موقع المتهم الأبدِيّ. إنها وطنية مشروطة، مُفرغة من معناها السيادي، ومُحمَّلة بإيديولوجيا المنتصر الطائفي أو القومي.


أولاً: العروبة السنّية… وطنية مشروطة بالهوية القومية

لدى التيار السني العروبوي، تتجسد الوطنية في قالب قوماني متعالٍ لا يرى العراق إلا امتدادًا لـ"الأمة العربية"، وتُختزل الروح الوطنية في الولاء للهوية القومية العربية، بما يعني نفي الهويات الأخرى (الكردية، التركمانية، الشيعية، إلخ).

فالوطنية هنا مشروطة بـ:

تمجيد حقبة البعث أو التماهي مع رموزه،

رفض أي سردية وطنية لا تمر عبر بوابة العروبة،

الشك بكل شكل من أشكال التعدد أو الفيدرالية بوصفها "تفكيكًا للعراق".


إنها وطنية نوستالجية، متوهمة، تُستعاد صوتياً، لكنها لا تتفاعل مع الواقع الطائفي والسياسي المنهار. وبهذا، فهي تفشل في إنتاج أي مشروع حقيقي جامع، لأنها ترفض الاعتراف بأن العراق ما بعد 2003 لم يعد عراق 1980.

ثانيًا: التشيّع السلطوي… وطنية المنتصر لا وطنية المواطن

بعد 2003، تشكلت الوطنية الشيعية الرسمية على قاعدة المنتصر السياسي الطائفي. السني في هذا السياق لا يُرى كمواطن، بل كـ"إرث خطر"، و"موروث بعثي" يجب ترويضه لا استيعابه.

الوطنية، بحسب هذه الصيغة، تصبح:

أداة اتهام لا أداة انتماء،

مشروطة بالولاء لمنظومة 2003،

خاضعة لشرعية الحشد ومظلومية ما قبل 2003.


هكذا، تُستعمل الوطنية كذريعة لقمع الآخر، لا لبنائه، ويتم اختزال الدولة إلى لون طائفي واحد يحتكر مفاتيحها الرمزية والمؤسساتية.

ثالثًا: تشرين ليست الخلاص.. بل إعادة إنتاج الهيمنة الجماهيرية

خلافًا للسردية الشائعة، فإن احتجاجات تشرين – رغم خطابها اللاطائفي – لم تُنتج ثورة وطنية شاملة، بل مثلت انفجارًا داخل البيت الشيعي ضد سلطته الحاكمة. ما حصل فعليًا:

هو صراع بين شيعة الدولة وشيعة الشارع، لا بين سلطة طائفية وشعب جامع.

لم تستوعب تشرين الطرف السنّي أو الكردي، بل مارست تجاهله على نحو بنيوي، وكأن الوطنية تُقرَّر فقط من ساحة التحرير إلى الناصرية.


والأسوأ، أن تشرين تحوّلت بسرعة إلى أداة لإعادة شرعنة شيعية الدولة، ولكن بنسختها الجماهيرية هذه المرة:

شيعة ساخطون على إيران، لكنهم لا يتخلّون عن احتكار القرار الوطني.

يرفضون المرجعية السياسية، لكنهم لا يسلمون بفكرة الشراكة مع "سنة مشكوك بولائهم".


بهذا المعنى، فإن تشرين لم تكسر الطائفية بل غيّرت وجوهها. تم إسقاط رموز، لا أنساق.

رابعًا: غياب المشروع الجامع.. وانكشاف الجميع

حين ننظر إلى المشهد العراقي الكلي، نجد:

سنّة يرفعون العروبة سيفًا على رقبة الوطنية، ويمارسون الإقصاء تحت ستار "استعادة الهوية".

شيعة في السلطة يحتكرون تمثيل الوطن ويستخدمونه كأداة قمع رمزية.

وشيعة في الشارع يرفضون السلطة لكنهم لا يتخلون عن المركزية الشيعية في تمثيل الوطنية.


كل طرف يمارس شكلاً من الاحتكار الرمزي، بينما يُترك مفهوم "الوطن" دون حامل سياسي مدني أو يساري حقيقي.


خاتمة: الحاجة إلى وطنية مضادة.. لا مجرد تصحيح

نحن بحاجة إلى وطنية مضادة، لا إلى إصلاح خطاب الوطنية السلطوي أو العشائري أو العاطفي. وطنية مضادة تعني:

فك ارتباط الوطن بالطائفة،

وتحطيم مركزية الجنوب بوصفه الحَكم أو الممثل الوحيد،

ونقد العروبة كشكل من أشكال الاستعلاء القومي، لا الحنين العاطفي.


وطنية تبدأ من الاعتراف بالآخر لا ابتلاعه، وتؤسس لحقل سياسي جديد، يكون فيه الانتماء للعراق اختيارًا سياديًا لا ولاءً طائفيًا مشروطًا.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1


المزيد.....




- ترامب يُحذر تايلاند وكمبوديا من وقف التعامل التجاري معهما.. ...
- تأخرت رحلتك؟ إليك استراتيجيات ذكية للاستفادة من وقتك في المط ...
- -مبيد حشري-.. النيابة المصرية تحل لغز وفاة 6 أشقاء ووالدهم ف ...
- إسرائيل تسمح بدخول مساعدات لأول مرة منذ أشهر، مع -تعليق تكتي ...
- كمين جديد لحماس في خان يونس.. مقتل 3 جنود في صفوف الجيش الإس ...
- أمل جديد لمرضى السكري.. الخلايا الجذعية تقلب موازين العلاج
- لماذا أعلنت إسرائيل فجأة -تعليقا تكتيكيا- لعملياتها العسكرية ...
- خمس خطوات لتجنب نزلات البرد الصيفية المزعجة
- العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعا ...
- قصص مجوّعي غزة.. شريف أبو معوض


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي