أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة














المزيد.....

في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 18:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في المشهد العراقي الراهن، تبدو الطائفتان المتصدّرتان للساحة – العروبويّة السنيّة والشعوبيّة الشيعيّة – وكأنهما في خصومةٍ سياسية مستحكمة، لكل منهما روايته الخاصة وموقعه المتمايز من السلطة. غير أن هذا التناقض الظاهري يخفي اتفاقًا ضمنيًا عميقًا: كلاهما ينحني، طوعًا أو قسرًا، أمام كيان الدولة بوصفه صنمًا لا يجوز المساس به، ولو كان ميتًا وظيفيًا. هذا الاصطفاف الرمزي أمام "الدولة" لا ينبع من إيمان بسيادتها أو مشروعيتها، بل من عجز كل طائفة عن الخروج من قيدها التاريخي، وافتقارها إلى بديل وطني جامع.

لا يقدّس الكيان العراقي بصيغته الحالية إلا من تعطّلت فيه ملكة الرفض، أو تماهى مع قيده حتى صار يراه حريّة. فهذا الكيان ليس إلا نتاج هندسة استعمارية مهترئة، لُفِّقت فيها الجغرافيا وسُحقت فيها الإرادات، ثم رُكِّبت فوقها سرديّتان مريضتان: عروبية تستجدي الماضي لتبرّر حاضرها القمعي، وشعوبية غارقة في ثأرها الرمزي ترى في "الدولة" وسيلة انتقام أكثر من كونها مشروعاً للعدالة. كلاهما لا يُنتج إلا العمى، ولا يحرس هذا الخراب إلا حارسان: الخوف والطائفة.

رغم التناقض الظاهري بين الموقف العروبوي السنّي والشعوبي الشيعي، ورغم تباين موقع كل منهما من السلطة والنظام، إلا أن كليهما يشتركان في ركوعهما الرمزي أمام كيان الدولة العراقية، كما لو أن الخضوع لها طقس خلاصي أو ضرورة وجودية. المفارقة أنّ هذا الكيان نفسه – وهو في حقيقته دولة مزؤومة وظيفيًا، لا تمتلك سيادة حقيقية ولا مشروعًا وطنيًا – قد فَقَد كل مقومات الدولة سوى اسمه وشكله القابل للتوظيف.

في هذه الحالة المرضيّة، يصبح "تقديس الدولة" مجرد تعويض رمزي عن فشل كل طرف في تحقيق مشروعه الخاص، ويُوظَّف هذا التقديس كأداة إيديولوجية لإبقاء الكتلة الاجتماعية في وضع الشلل السياسي والوجداني. بذلك، تتحول هذه الطوائف، رغم خصامها، إلى وكلاء قمع متبادل، يشتركون في منع أي محاولة جادة لحل معضلة اللادولة.

الأخطر أن هذا الوضع الاستاتيكي الشاذ لا يُنتج نفسه ذاتيًا فحسب، بل يحظى بدعم خارجي صريح. القوى الدولية والإقليمية التي يزعجها أي تحوّل سيادي أو جذري، تعمل على إبقاء العراق في هذه الحالة: دولة لا تموت ولا تحيا، لا تنهار تمامًا ولا تتعافى أبدًا. كيانٌ يصل إلى حافة الهاوية دون أن يسقط، لأن سقوطه يهدّد مصالح من يريد بقاءه مُشلولًا.

هكذا تُقفل دائرة العجز: تقديسٌ مريض من الداخل، ورعاية استقرار زائف من الخارج. وفي هذه الدائرة، يذوب المشروع الوطني، وتُستنزف قوى التغيير، ويُعاد إنتاج الخراب نفسه كل يوم



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»..ج2


المزيد.....




- تركيا تفرج عن أحد  مساعدي عبدالله أوجلان بعد 31 عاما في السج ...
- الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله ...
- الجبهة الشعبية تدين بأشد العبارات القرصنة الصهيونية على سفين ...
- الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله ...
- الشيوعي العراقي: نحذر من التفريط بحقوق شعبنا في خور عبد الله ...
-  رحيل أرنست ماندل آخر المكملين الكبار لماركس ولينين وتروتسكي ...
- جورج إبراهيم عبد الله: أربعون عاما من الأسر… وحياة كاملة في ...
- إرنست ماندل ، قبل رحيله : ينبغي أن نمنح التاريخ الوقت لإنجاز ...
- جورج إبراهيم عبد الله: أربعون عاما من الأسر… وحياة كاملة في ...
- نساء غزة بين مخاض الحياة ومخاض الموت


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة