أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر جبر الساعدي - قصتان قصيرتان














المزيد.....

قصتان قصيرتان


مزهر جبر الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


1- اجازتان خطيرتان

أيقظني رنين الهاتف الجوال، على مقربة من رأسي. الساعة على الجدار امامي تماما؛ عقاربها تشير الى التاسعة صباحا. ظل الهاتف يرن، كأنه يرن في رأسي. سألتني:- من يتصل بي في هذه الساعة؟ في اول يوم من اجازتي. رفعت الهاتف. حدقت في الشاشة؛ سمير عبد الرضا، مدير المكتب خاصتي.
- سمير ما الذي جرى؟ حتى تتصل في هذه الساعة، وانت تعرف من اني في اجازة.
- اعرف استاذ. جانب حضرتك في اجازة، والوكيل ايضا في اجازة. هناك حالة خطيرة جدا، حدثت توا.
- ماذا تقول؟
- استاذ اتصل بك، من استعلامات الوزارة. حريق في قسم العقود والسجلات والوثائق.
2- قسوة
طرقات متتالية على الباب. بجهد جهيد؛ نهضت من على السرير. اكاد اختنق. اخذت نظارتيَ من على المنضدة الصغيرة. وضعتها على عينيَ. تملكتني رغبة جامحة في معرفة كم الساعة الآن، في صباح هذا الصيف الذي تموج فيه حرارة لا تطاق. المروحة، مبردة الهواء، في غرفتي كلتاهما متوقفتان الليل كله. نظرت الى الساعة على الجدار قبالتي تماما. لم اتمكن من الرؤية. اقتربت اكثر واكثر حتى صرت على بعد بوصة لا اكثر منها، ومن التقويم اسفلها. كانت تشير الى ما فوق الساعة العاشرة. بدفع من فضول، او في نتيجة حب سكنني لسنوات؛ لمعرفة اليوم الذي انا فيه من السنة؛ قرأت التاريخ فقد كان يوم 20- 2-2003. اشتدت الطرقات. حين وضعت يدي على اكرة الباب لأفتحه؛ لأخرج الى الطارق على باب بيتي في هذه الساعة من ظهيرة القيض هذه. قبل ان ادير اكرة الباب؛ احسست بأن الحزن العميق الذي خض اعماق نفسي في الليل، زادت شدته . تاليا، في ذات الثانية هذه؛ وجدتني اختنق. الهواء يطفر من منخري، وفمي. فتحتهما على سعتيهما، طلبا للهواء الذي شح شحيحا قاتلا. إنما لم ازل متصالبا على نفسي وجسدي، ثابتا في وقفتي ويدي على الأكرة التي بدت اقوى من ضغط كف يدي عليها. لم استسلم، تابعت الضغط عليها، بإصرار. في جزء الثانية هذه؛ دارت بي الدنيا، دائرة، دائرتين، تواصلت الدوائر، دائرة تلو دائرة. تداعت حياتي في مخيلتي، كأنها لوحة ضببها الحزن والألم والغربة والوحشة لعدة اشهر خلت. حزن كان قد لازمني خلال عدة ليالي سابقة لليلة التي انقضت. حزن صاحبته، كأبة شديدة الوطأة عليَ خصوصا وأنا اعيش منذ عدة اشهر في البيت وحدي بلا انيس يرفع عني ثقل وحشة الليل. كما ان الألم في صدري ظل كل تلك الاشهر يوقظني من نومي. اعاني وطرا ليس قليلا من الليل، من الوجع في صدري، وجع احيانا يكون مبرحا حتى بعد تناولي العلاج الذي كتبه لي الطبيب الذي يعالجني. اشتد عليَ ضعف قلبي، الضعيف اصلا. بعد اقل من شهرين، من انتقال زوجتي الى جوار رب كريم. تركتني وحيدا في بيت تصفر فيه الريح عبر النوافذ التي اتركها مفتوحة طلبا للنسائم الناعمة، المفرطة في نعومتها لليل بغداد، في كل ليلة من تلك الليالي التي مرت عليَ لعدة اشهر مضت بثقلها على نفسي وعقلي. الشيء الذي احزنني كثيرا؛ أبني الذي لم يجب على رسالتي له، بعد يومين من رحيل أمه، ابلغته فيها؛ بأن امه ماتت. كان قد مضى على ارسالي لها، عدة اشهر، سنة كاملة، ينقصها شهر واحد. حينها ذهبت الى دائرة البريد القريبة من سكني. سألت الموظف المسؤول
- هل لي بأرسال رسالة الى امريكا؟
- اجابني نعم بإمكانك والأن، في هذه اللحظة.
اخيرا؛ دارت الأكرة. فتحت الباب. واجهني ساعي البريد، قائلا وهو يقدم لي ظرف مستطيل وصغير
- رسالة لك من امريكا
قلت لي مع نفسي
- انها اكيدا منه. لا احد لي هناك.
بالكاد مددت يدي المرتجفة بقوة الى يد الساعي؛ لأستلم منه الرسالة.
غابت كل الموجودات عن ناظري الرجل؛ الشارع امام باب بيته، الشجرة المعمرة النابتة قبالة الباب منذ مايقارب قرن، الساعي هو الأخر اختفى تماما. الشيء الوحيد الذي ظل يتلمسه في يده؛ الظرف الذي فيه رسالة ابنه. صدم الساعي لسقوط الرجل على الرصيف، على بعد خطوتين منه. تاليا، استوعب الصدمة. انحنى عليه. كان راقدا بلاحركة. تجمع حولهما الناس الذين كانوا يمرون على الطريق في هذه اللحظة؛ شكلوا دائرة بشرية، ملامح الكثير منهم، تفيض بقسوة الجوع، والحرمان، والألم. الساعي عندما رفع رأسه في مواجهة الناس، لم يقل سوى كلمة واحدة بفم مرتجف. عيناه حين قالها؛ كانتا مضببتين بالدمع.
- مات
كاتب وقاص عراقي



#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خور عبد الله التميمي..طريق التنمية العراقي: اشكالات وغموض
- مفاوضات ايقاف الابادة..
- المفاوضات الامريكية لاايرانية..
- ربما تدفع الضربات الامريكية الأخيرة على المنشئات النووية الا ...
- العدوان الاسرائيلي عيى ايران والنظام الدولي
- الحرب الايرانية الاسرائيلية..هل تستسلم ايران ام تقاومة وتصمد
- الحرب الاسرائيلية الايرانية..الى اين؟
- النووي الايراني..
- قراءة في رواية سالقاك هناك للروائية المصرية رشا سمير
- ايران، امريكا: تكتيكات متقابلة
- جرائم اسرائيل في غزة..
- الولايات المتحدة الامريكية..
- حور عبد الله التميمي..
- الواقعية السياسية..
- الشعوب الكردية..
- هل تقود المفاوضات..
- مدافع ديمقراطية
- هل من الممكن..
- النووي الايراني: الاتفاق المرجو على الابواب
- وحوش معاصرة


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر جبر الساعدي - قصتان قصيرتان