أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصطفى الهود - مجتمع الثكنات... هل فقدنا معنى التعايش؟














المزيد.....

مجتمع الثكنات... هل فقدنا معنى التعايش؟


مصطفى الهود

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 15:03
المحور: المجتمع المدني
    


مجتمع الثكنات... هل فقدنا معنى التعايش

في السنوات الأخيرة، بدأنا نلمس تحولات خطيرة في بنية المجتمع العراقي، لم تعد خافية على أحد. فالنسيج الاجتماعي الذي كان يستند إلى علاقات الجوار والرحمة وروح الجماعة، بات اليوم مهددًا بانقسامات حادة تقوم على الولاءات الفرعية، من عشائرية إلى حزبية إلى قومية، بل وحتى إلى مصالح ضيقة لا تتجاوز حدود المجموعة أو الفرد.

هذه الظاهرة، التي يمكن وصفها بأنها "انغلاق اجتماعي ممنهج"، باتت تسير وفق منطق مقلق: "إن لم تكن معي فأنت ضدي". وهو منطق لا يهدد فقط العلاقات الإنسانية، بل يفتك بعمق مفهوم التعايش نفسه، الذي لا تقوم المجتمعات السليمة إلا به.

لقد نشأنا على قيم مختلفة تمامًا. في طفولتنا، كانت محلتنا أسرة كبيرة، يتكافل أهلها ويذود كبارها عن صغارها. لم يكن الانتماء يُقاس بالاسم أو الطائفة أو الانحدار القبلي، بل بالنية الطيبة، والسلوك الحسن، ومبدأ "من احتاج العون وُجبت له المساعدة". أما اليوم، فأصبح الجلوس مع شخص ما يثير الريبة، وقد يُفسّر بأنه خيانة لمواقف الآخرين، فقط لأن بينهما خلافاً أو تباينًا في الرأي أو الانتماء.

أصبح من المعتاد أن يُسأل الفرد: "لماذا تجالسه؟"، وكأن العلاقات باتت تُبنى على الاصطفافات لا على المبادئ. هذه الذهنية القبلية الحديثة، التي تُلزمك بقطع علاقاتك مع من لا يُرضي مزاج الآخرين، تمثل جوهر الأنانية والتعصب، وتحوّل المجتمع إلى ثكنات مغلقة، كل منها يتقوقع حول نفسه، ويعيش على وقع الشعارات التي ترضي جماعته فقط.

ما بعد عام 2003 لم يجلب لنا التحول السياسي فحسب، بل حمل معه تحولات سلوكية واجتماعية أعمق، جعلت كثيرًا من أبناء المجتمع ينتمون إلى طوائفهم وقبائلهم وأحزابهم أكثر مما ينتمون إلى الوطن. لقد تقهقر مفهوم "المواطنة" أمام مفاهيم الانتماء الضيق، فتفككت اللحمة الوطنية، وامتلأ الفضاء العام بالتحفظ والشك والفرز الطائفي والاجتماعي.

إن هذه الحالة تستدعي وقفة صادقة مع الذات. فلنطرح على أنفسنا سؤالًا بسيطًا: ما الذي يبقى في النهاية؟ المصالح زائلة، والمنافع مؤقتة، أما ما يدوم فهو التاريخ، والسجل الذي نكتبه بأفعالنا كل يوم. هل سنورث أبناءنا مجتمعًا منقسمًا متقوقعًا؟ أم سنعيد بناء قيمنا على أسس من المحبة والتسامح والانفتاح؟

إن من واجب كل صاحب ضمير أن يعيد النظر في علاقاته ومواقفه، وأن يتحرر من قيود الانتماء الأعمى. فالوطن لا يُبنى بالحقد، بل بالمحبة. ولا يُحمى بالإقصاء، بل بالتفاهم. دعونا ننظر إلى الآخر بعين الإنسانية لا بعين المصلحة، فالتاريخ لا يرحم، والسجل لا يُنسى.



#مصطفى_الهود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيناريو
- نشأة وتطور التلفزيون
- مفهوم المونتاج
- ملك الوالد
- العين الساهرة
- المونتاج الذهني عنده ايزنشتاين
- هي فوضى
- الايجاز
- سحر الضوء
- الفن التشكيلي
- الاندماج
- اصحمة ابن ابجر(النجاشي)
- الثورة تأكل ابنائها (ابو مسلم الخراساني)
- المكياج ودوره في الحياة
- ما هو اهمية الصورة ودورها في نشر الكلمة
- دور التصوير بين الماضي والحاضر
- الدراما ما بين التراجيديا والكوميديا
- درسة نقدية عن فيلم الارض ليوسف شاهين
- مسرحية الكرسي موندرامة
- المقالة/ حكمة النسر


المزيد.....




- فيديو.. مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة: مصير العديد من الم ...
- المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: خطر المجاعة يتفاقم والموت يه ...
- مفوض الأمم المتحدة: مئات الفلسطينيين قتلوا في مواقع توزيع ال ...
- قاضية تأمر إدارة ترامب بوقف الاعتقالات العشوائية للمهاجرين
- برنامج الأغذية العالمي يطالب بوقف عاجل لإطلاق النار في غزة
- قاضية تأمر إدارة ترامب بوقف الاعتقالات العشوائية للمهاجرين
- اليونيسيف: -إسرائيل- تقتل 27 طفلا يوميا في غزة
- اليونيسيف: 27 طفلا يقتلون يوميا في غزة
- -اليونيسيف- تحذر من تفاقم سوء التغذية الحاد بين الأطفال في د ...
- في حادثة وُصفت بأنها جريمة كراهية.. إحراق مجسمات لاجئين في أ ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصطفى الهود - مجتمع الثكنات... هل فقدنا معنى التعايش؟