أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الشرايطي - ردّ على تفاعل نقدي من رفيق مع مقال- هل لا يزال لليسار معنى في ظل العولمة النيوليبرالية؟-














المزيد.....

ردّ على تفاعل نقدي من رفيق مع مقال- هل لا يزال لليسار معنى في ظل العولمة النيوليبرالية؟-


رياض الشرايطي

الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 14:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من واجبنا أولا أن نشكر الرّفيق عماد حسب الرسول الطيب المتفاعل مع المقال "هل لا يزال لليسار معنى في ظلّ العولمة النيوليبرالية؟"، ليس فقط على تفاعله بل على عمق ملاحظاته وشجاعتها الفكريّة، التي أثارت بدورها سلسلة من الأسئلة الجذرية لا يمكن ولا يجوز أن تُؤجَّل. إنّنا لا نردّ هنا بدافع الدّفاع أو التّبرير، بل إيمانا بأنّ الفعل الفكري الصادق هو ما يُعيد مساءلة نفسه كلّما اصطدم بإرادة فهم مغايرة، وأنّ الحوار بين الرّفاق في خنادق النّقد الرّاديكالي لا يقلّ أهمية عن الصراع ضدّ المنظومة. كما كتب تروتسكي في لحظة عزلة: "إنّي لا أخاف النقد، بل أخاف الصمت المتواطئ."
لقد اعتبر الرّفيق أنّ المقال بقي في دائرة "الرمزي" ولم يغص بما يكفي في شروط الإنتاج الطبقي، التنظيم الثوري، وبنية التحالفات. وهي ملاحظات مشروعة، بل وجوهرية. غير أنّ الردّ أغفل نقطة مركزية: لم يكن النص محاولة للإجابة على سؤال: "ما العمل؟"، بل كان صرخة أولى داخل فضاء يساري مختطف، لغة وموقفا، كان لا بدّ من استعادته أولا من قوى التدجين والتزييف، قبل وضع أي أجندة تنظيمية.
لقد فُهم النصّ، ربّما، بوصفه نصا مكتف بذاته، مكتمل المشروع، بينما هو لم يكن إلا المرحلة الأولى من ثلاثية في الكتابة اليسارية نشتغل عليها: (1) تفكيك المفردات، (2) تشخيص البنية الطبقية في ظل النيوليبرالية، (3) ملامح البديل التنظيمي. وإذا كنّا قد بدأنا من تفكيك اللّغة، فلأن النيوليبرالية المعاصرة ليست فقط نظاما اقتصاديا بل أيضا نظام دلالي يُفرغ المفاهيم من مادّتها التاريخية، كما نبّه بيير بورديو حين قال: "الهيمنة الرمزية لا تحتاج إلى بنادق، بل إلى إجماع لغوي يُفرغ المعاني من الثّورة."
لكنّنا، وفي الآن ذاته، نُقِرّ أن النصّ لم يُسمّ العدوّ بدقّة كافية. نعم، لم نحدّد أنّ الدولة النيوليبرالية هي الموقع الأبرز لإعادة إنتاج الهيمنة الطبقية، ولم نُحِل على المؤسسات الدولية بوصفها أدوات هندسة خضوع، ولم نكشف بالبنية المادية للفئات التي تصعد على أنقاض الطبقات الشعبية. وهذه ثغرة لا نتهرّب منها. ومع ذلك، أليس من حقّ المقال أن يصرخ قبل أن يخطّط؟ أن يُثير الفزع قبل أن يرسم الطريق؟
الرّفيق يطلب مشروعا ماركسيا متماسكا، يتحدّث عن ديكتاتورية البروليتاريا، عن مصادرة وسائل الإنتاج، عن تحطيم جهاز الدولة. ونحن معه تماما، غير أنّ السؤال الواقعي اليوم هو: لمن نكتب؟ وأين هو الحزب الذي نُعلن معه هذه الشعارات؟ إننا نعيش عصر انحلال الأحزاب الثورية، وتيه الجماهير بين منظومة سحق ومجتمع مدني مموّل، ومثقفين يبيعون الرمزية مقابل منحة أو سفرة. فهل نبدأ بطرح برنامج السلطة، أم بخلخلة الإجماع الثقافي على أوهام التغيير من داخل المنظومة؟ لقد كتب سلامة كيلة: "الثورات تُهزَم حين تسبقها البرامج وتغيب عنها الجماهير."
أما مسألة التنظيم، فنحن لا نتنكّر لها، بل نراها أولويّة. لكننا نحذّر من أن تُختزل الماركسية في النقاش حول الحزب الثوري دون تفكيك الأنساق التي تمنع الجماهير من إعادة بناء ذاتها الطبقية. كيف نبني التنظيم، والطبقة العاملة ذاتها لم تعد تتجسّد في المصنع وحده، بل في الأحياء المهمّشة، في البطالة المقنّعة، في الهجرة القسرية، في اللايقين العام؟ وكما قال توني نيغري: "الثّورة اليوم لا تقوم من خطّ إنتاج، بل من شبكات الغضب المتناثرة."
من هنا كانت المقاربة الأولى للنصّ تُركّز على تفكيك ذلك اليسار الذي فقد خياله الطبقي، لا فقط موقعه الاجتماعي. ولم يكن هدفنا التهكّم عليه، بل كشف أدوات ترويضه. فإذا كانت الماركسية علما للصراع كما أشار القارئ، فهي أيضا علم لتشريح الخيانة.
نعم، نوافق أنّ مجرّد استدعاء ماركس وغرامشي لا يصنع ثورة، لكنّنا لا نستخدم هؤلاء كمراجع بل كحفّاري وعي، يُنبّهوننا أنّ اليسار ليس موقفا أخلاقيا، بل انحياز طبقي ملموس. وكما قال أنطونيو غرامشي: "لا يكفي أن تكون على حقّ، بل أن تخلق شروط أن تكون على حقّ ضمن ميزان قوى ملموس."
أمّا ما اعتُبر غيابا لرؤية تنظيمية، فنراه نحن إقرارا بعدم التسرّع. لأنّ الفعل الثوري الذي لا يقرأ شروطه الاجتماعية لا يبني حزبا، بل طائفة. وقد قالت روزا لوكسمبورغ: "الحرية الثورية لا تأتي من الإرادة، بل من بُنية الطبقات المتحركة في لحظة تاريخية معينة."
وفي مسألة "من هو العدوّ؟"، نحن نُقرّ أنّ النصّ لم يضعه على لافتة. ولكن العدوّ واضح لكلّ من يرى المشهد: هو الرأسمالية العالمية التي تُفرغ الهويّات من مادّتها الطّبقية، هو الدّولة بوصفها جهاز قمع ناعم، هو السّوق وقد صار الدين الوحيد المسموح باعتناقه، وهو كلّ يسار يخجل من الحسم.
لقد كان الردّ الموجّه لنا، رغم شدّته، متماه معنا أكثر مما يبدو. فهو أيضا يطلب الثّورة، ويُشكّك في يسار النوايا، ويريد العودة إلى الطبقات لا إلى المانحين. لذا، فإنّنا لا نردّ عليه من موقع الخصومة، بل من قلب نفس الجبهة، ولكن مع اختلاف موقع القصف. ولعلّ وحدة الميدان هي ما تسمح باختلاف الأسلحة.
نختم بكلمات تروتسكي التي تُلخّص الموقف بأكمله: "إنّ أزمة البشرية الراهنة هي أزمة قيادة. فإمّا أن تظهر قوة تنظّم الغضب في وجه رأس المال، أو يُترك العالم للفوضى المبرمجة."
هذا النص، إذا، لم يكن نهاية النقاش، بل بدايته. ولسنا إلا رفاق طريق، نُسدّد لبعضنا بعضا، لا لنربح الجدل، بل لنربح الثورة.



#رياض_الشرايطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لا يزال لليسار معنى في ظل العولمة النيوليبرالية؟ .
- من اضغاث حقيقة متّهمة بالحلم. من المجتمع المدني إلى الجبهة ا ...
- الرّئيس العربي : حين يتحوّل الصندوق الانتخابي إلى بوّابة للع ...
- الإمبريالية في جسد جديد صراع الغاز، والمضائق، والعقول...
- الحرب التي تعيد ترتيب الجحيم: حين لا يكون الاصطفاف كافيا.
- قراءة لرواية -1984- لجورج أورويل. رواية ضدّ الزّمن ومركّبة ع ...
- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ...
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
- قراءة في قصّة “رحاب” من المجموعة القصصية - بلايك - للشاعر و ...
- -منتصر السعيد المنسي-: حفر في منطوق شهادة ذاتية ضد نسيان الط ...
- غزة تحترق: تاريخ حرب إبادة جماعية تقودها الصهيونية العالمية ...
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية -ولع السّباحة في عين الأسد- ...
- الإمبريالية الأمريكية بنَفَس ترامب: وقاحة القوة ونهاية الأقن ...
- ورقة من محترف قديم في قطاع السّياحة
- القصيدة ما بعد الّنثر
- افكار حول البناء القاعدي والتسيير
- قراءة في مجموعة -نون أيار- للشاعرة نسرين بدّور.
- القصيد ما بعد النّثر
- بيان
- بكاءُ السُندسِ في المنفى....


المزيد.....




- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء
- صحوة تونس القادمة تبدأ من هنا
- داخلية سوريا تعلن توقف اشتباكات السويداء والعشائر تتوعد برد ...
- أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع الم ...
- مظاهرة في تل أبيب تدعو ترامب للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ...
- لهذه الأسباب تبدو الهدنة في غزة قريبة جدا
- فعاليات احتجاجية في الأردن رفضا لتجويع غزة?
- السفير الأمريكي يدعو إلى محاسبة مهاجمي كنيسة في الضفة الغربي ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الشرايطي - ردّ على تفاعل نقدي من رفيق مع مقال- هل لا يزال لليسار معنى في ظل العولمة النيوليبرالية؟-