أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رياض الشرايطي - بيان














المزيد.....

بيان


رياض الشرايطي

الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 09:33
المحور: سيرة ذاتية
    


بيان شخصي:
الكتابة جدارنا الأخير.. لكلّ من يعرفني و لا يعرفني .....
و من تعب أكتب.

لا أكتب لأقنع أحدا، ولا أستدرّ مساندة من أحد. ما أكتبه، لا يلزم سواي، لكنّه يلزمني كملح الجرح، كالماء الوحيد في صحراء القلب.
أكتب لأنّ الكتابة آخر ما تبقّى، الجدار الأخير حين تهوي كلّ الأسوار في زمن الجهل الرسميّ المحزّم بشعبوية مقيتة ، والمسند الوحيد حين تتخلّى الكتف عن كتفها.
أكتب لأنّني إن لم أفعل، ذبلت في صمتي، وغرقت في ضجيج لا يشبهني.
لا أطلب التبجيل، بل التّماهي. لا أريد جمهورا، بل قلوبا تمشي في النصّ كما تمشي في حقلها، بخفة و شموخ.
الكتابة ليست رفاها، بل نجاة. من لم يُعرها اهتماما، لن يجد بعد سقوط الجدار سوى الرّيح.
أنا لا أكتب لأُرضي ذائقة، ولا لأكسب مديحا عابرا. أكتب لأنّني حين لا أفعل، يضيق صدري بما لم يُقال، وتختنق فيّ المسارات كلّها.
كلّ سطر أكتبه ، شعرا أو مقالة، هو محاولة لأعيد ترتيب فوضاي الدّاخلية، لأضع ضوء خافتا في سرداب هذه الحياة الكثيفة.
لا أبحث عن إجماع، فالحقيقة لا تُصاغ في البرلمان، بل في العزلة، في السّهر الطّويل، في الأسئلة التي لا يجيب عنها أحد في بلدي.
أكتب لأنّ الصٍمت خانني مرارا، ولأنّ الكلمات وإن كانت هشّة، فهي أوفى من الصّمت، وأكثر قدرة على الطفو.
الكتابة ليست وجها إعلاميا، بل وجها داخليا خالصا، نكتبه لنعرف أنفسنا، لا ليعرفنا النّاس.
من لا يهمّه أن يسند رأسه على الحرف، سيبحث عن جدار خارجي… ولن يجده.
لذلك، لا تطلبوا منّي أن أُجامل اللّغة أو أُزيّن الحواف.
أنا لا أزيّن الغرق، بل أدوّنه.
ولأنّنا لم نُمنَح امتياز الثّراء، ولا سطوة القصور، كانت الكلمة لنا وطنا وملجأ.
ولأنّ لا أحد سيسأل عمّن انكسروا في صمت، كان علينا أن نكتب جراحنا كي لا تُنسى.
نكتب لا لنُشفى، بل كي لا نموت بالكامل. فالوجع الذي لا يُقال، يفسد الرّوح، يجعلها تتعفّن من الدّاخل.
هكذا صرنا نعيش بنصف نفس، ونصف ابتسامة، ونكتب باليد المرتجفة ذاتها التي تلوّح في العتمة.
من لم يتذوّق طعم الغصّة في أول السّطر، لن يعرف لِم نعود إلى الورق كلّ ليلة وكأنّنا ندفن فيها من نحبّ.
نحن لا نكتب لأنّ الحياة جميلة، بل لأنّها موجعة، والسّكوت عنها خيانة للذين رحلوا دون أن يُنصِفهم أحد.
في هذا العالم المائل على فوهة النسيان، وحدها الكتابة تُبقي وجوهنا واضحة، مبلّلة، ناقصة، لكنّها حقيقية.
أكتب لأنّني لا أستطيع أن أُخبر أحدا بكل شيء، لأنّ لا أحد ينتظر حقّا أن يسمع،
أمّا الورق، ففيه اتّساع العدم، وحياد المقبرة، وإنصاف البكاء.
كل نصّ هو مأتم مؤجّل، كل سطر شاهد قبر،
وكلّ نقطة في آخر الجملة… هي دمعة أُجهضت في مهدها.
لكنّنا، رغم كلّ هذا، نكتب تحت رعب نعرفه جيدا…
رعب مراسيم الدّولة التي تشرّع الصّمت وتجرّم النّبض، والتي تكمّ فم الكلمة ببرودة ختم رسميّ لا يرتجف.
نكتب تحت عين لا تنام، عين تقرأ الحرف لا لتفهمه، بل لتقصّ جناحيه قبل أن يطير.
السّلطة، أيّ سلطة، تعرف أنّ لا شيء أخطر من كاتب لا يطلب شيئا.
كأنّها تخاف من الحرف أكثر ممّا تخاف من السّلاح،
لأنّ السّلاح يشهر ثم يُسكت، أمّا الحرف… فإنّه ينخر، يحفر، يظلّ في الأذهان، ويأبى أن يموت ، و اذا انطلق أن يخفت و يعود .
نكتب في العتمة، لا لأنّنا نخاف الضّوء، بل لأنّ الضّوء نفسه صار مشبوها،
ولأنّ السّلطة تضع للمفردة لجاما، وتُحصي الأنفاس بين السّطر والسّطر،
كأنّ كلّ كلمة شهادة ولاء… أو تهمة خيانة.
لكنّنا نكتب رغم ذلك. نكتب والفم مكمّم، والصدر مرصود، والظلّ مراقَب،
لأنّ من لم يكتب الآن، لن يكتب أبدا،
ومن لم يدافع عن الحرف، سيعيش تحت قدمه.
الكتابة جدارنا الأخير، لا نسنده… بل يسندنا.
ومن لم يَعِ ذلك، سيسقط واقفا في صمت لا يُؤرَّخ.....



#رياض_الشرايطي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بكاءُ السُندسِ في المنفى....
- عيد الشّغل: من نضال طبقي إلى مناسبة رسمية بروتوكولية.
- الحداثة وما بعد الحداثة بين ديكتاتورية البرجوازية وخيانة الت ...
- مراجعة مجلّة الشّغل التّونسية: بين تعزيز الاستغلال الرّأسمال ...
- نساء بلادي أكثر من نساء و نصف
- النّضال من أجل الدّيمقراطية والحرّيات العامّة والخاصّة
- الدولة البوليسية المعاصرة
- إرهابيّ أنا
- حاسي الفريد / ما يشبه القصّة
- المركزية الديمقراطية
- عالم يُنتج وآخر يستهلك: الثورات الصناعية الاربعة
- الصهيونية العربية: خيانة الداخل وخنجر في خاصرة الأمة
- ملمّ بي
- اسم الهزيمة


المزيد.....




- -شعلته لن تنطفئ-.. مهرجان -جرش- سيقام في موعده
- الموت من أجل حفنة من -الدقيق- في قطاع غزة
- صواريخ إيرانية تصيب مستشفى في جنوب إسرائيل ونتنياهو يتوعد إي ...
- باكستان: أزمة المناخ تغلق مدارس وتهدد مستقبل التعليم في البل ...
- اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو.. هل يلزم روسيا ...
- هذا ما قاله نتنياهو من موقع مستشفى سوروكا الذي أُصيب بضربة إ ...
- في ظل سعيها لتدمير قدرات إيران.. ماذا نعرف عن برنامج إسرائيل ...
- مصر.. الحكومة تطمئن المواطنين: لدينا مخزون كاف من السلع الأس ...
- الأردن: إصابة طفلين وأضرار مادية جديدة جراء سقوط مسيّرات
- بوتين وسوبيانتو يوقعان إعلان شراكة استراتيجية وإنشاء منصة اس ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رياض الشرايطي - بيان