أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رياض الشرايطي - الإمبريالية في جسد جديد صراع الغاز، والمضائق، والعقول...















المزيد.....

الإمبريالية في جسد جديد صراع الغاز، والمضائق، والعقول...


رياض الشرايطي

الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 03:02
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


“الرأسمالية لا تحتاج إلى أعذار للحرب، بل إلى أسواق للحرب” – روزا لوكسمبورغ

يبدو المشهد كأننا في العام 1953 من جديد. لكن بدل إسقاط حكومة مصدّق الوطنية، يجري اليوم تفكيك وطن بأكمله، تحت راية زائفة: "منع إيران من امتلاك القنبلة النووية". والحقيقة، كما يعرفها العارفون: ليست هناك قنبلة، ولا مشروع فعلي لها، بل هناك مشروع لإعادة استعمار كامل للمجال الجغرافي والطبيعي والبشري في الإقليم.

🎭 النووي: الذريعة المثالية لإعادة تقطيع الخرائط

الخطاب الغربي المتكرر: "علينا أن نمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، هو خطاب مُعاد منذ 2003، تاريخ الكذبة الكبرى: أسلحة الدمار الشامل في العراق.
إيران، على لسان وكالة الطاقة الذرية نفسها، لا تملك سلاحًا نوويًا، ولم تُثبت أي محاولة فعلية لصنعه. ومع ذلك، تستمر الرواية لأنها لا تُخاطب الحقيقة، بل تخدم الوظيفة الجيوسياسية.

"الخوف من النووي ليس علميًا، بل أداة سياسية لتفكيك من لا يمكن احتواؤه." – نعوم تشومسكي

الغرب، والكيان الصهيوني، والولايات المتحدة يعرفون جميعًا أن إيران اليوم، ووفق ظروفها التكنولوجية والاقتصادية والرقابية، ليست في موقع يسمح لها بإنتاج أو حيازة سلاح نووي.
ولكن، هذه الكذبة تخدم هدفًا أبعد: منع إيران من الصعود كقوة تكنولوجية إقليمية مستقلة، تعيد رسم موازين القوة في وجه الرأسمالية المعولمة.

1. الغاز والنفط: من يملك الطاقة، يكتب شروط التفاوض

تمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، بـ1200 تريليون قدم مكعب، وتشغل موقعًا استراتيجيًا في شبكة تدفق الطاقة الآسيوية.
لو ظلت إيران مستقرة، وتحالفت فعليًا مع مشاريع "البريكس" و"الحزام والطريق"، فإن ذلك سيهدد ليس فقط هيمنة الدولار، بل نظام الطاقة الغربي برمّته.

“الغاز هو الذهب الأزرق القادم. من يملكه، يقرر شكل العالم” – أرونداتي روي

وبالتالي، تحييد إيران لا علاقة له بـ"القنبلة"، بل بمنعها من أن تكون قطبًا طاقويًا مستقلًا يربط الشرق بالجنوب العالمي.

2. الممرات المائية: لا مرور لغير السوق الحرة

مضيق هرمز الذي تتحكم به إيران، تمر عبره أكثر من 20% من تجارة النفط العالمية.

أي استقلال إيراني يعني قدرة استراتيجية على شل التجارة الغربية في لحظة، وتخيير العالم بين "السوق الآمنة" و"الممر السيادي".

لهذا، تسعى القوى الكبرى إلى تجريد إيران من هذا السلاح الطبيعي: بالتفكيك، بالاحتلال غير المعلن، أو باستبدالها بدويلات مائعة تابعة.

“الطرق البحرية ليست مجرد مسالك، إنها شرايين رأس المال” – سمير أمين

3. تفتيت إيران: من دولة-أمة إلى فسيفساء طائفية

المطلوب ليس تغيير نظام، بل تحويل إيران إلى أقاليم هشة: دولة فارسية معزولة، إقليم كردي خاضع لرقابة تركية، بلوشستان مرتبطة بالاستخبارات البريطانية، عرب الأحواز تحت تأثير رأس المال الخليجي.

هذه ليست مجرد "تعديلات داخلية"، بل مشروع حقيقي لإلغاء فكرة "الدولة ذات السيادة" في قلب آسيا.

"الدولة القومية في الجنوب العالمي هي آخر ما تبقى من جدران الدفاع عن الإنسان." – فرانز فانون

4. الكيان الصهيوني: رأس الحربة الاستعماري

انهيار إيران يعني تسليم المنطقة للكيان الإسرائيلي، لا بوصفه "جارًا" أو "طرفًا في التفاوض"، بل كقوة هيمنة إقليمية صلبة، تنفّذ أجندة رأس المال الغربي مقابل شرعية مطلقة.

يبدأ ذلك بتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة، وفرض ترتيبات ديموغرافية جديدة على مصر والأردن.

يمر عبر تقسيم سوريا وإعادة تشكيل لبنان كملحق سياحي.

ولا ينتهي إلا بإعادة تصميم الإقليم عبر أدوات ناعمة وقانونية، تسوّق كأنها "حلول سلام".

5. الخليج بين واشنطن وتل أبيب: التبعية كعقيدة

"السلام الإبراهيمي" ليس اتفاقًا بين دول، بل وثيقة استسلام طبقي:

الخليج يُعاد تشكيله كسوق مفتوح بلا حدود، موجه بالكامل نحو استهلاك القيم الغربية.

السعودية والعراق يُحوّلان إلى محميات أمريكية: الأولى للطاقة، والثاني للموقع العسكري.

النخب المالية الخليجية تتحول إلى وسطاء لا منتجين، يعيدون تدوير رأس المال في مشاريع لا تخدم شعوبهم.

6. ليبيا والمغرب: القارة السمراء في قبضة الاستعمار الثاني

في ليبيا، يُعاد إدماج يهود ليبيين ضمن مراكز القرار، لفتح بوابة الاستثمار الإسرائيلي في أفريقيا، خاصة في دول الساحل.

المغرب يتحول إلى قاعدة نفوذ استخباري وسياسي، يخدم مشروع تل أبيب في شمال أفريقيا، مقابل دور "مميز" في قيادة المغرب العربي.

7. تونس والجزائر: الخط الأمامي للمقاومة

ما تبقى من السيادة في شمال أفريقيا – تونس والجزائر – يُهدَّد يوميًا عبر الضغوط الاقتصادية، وإغراق الأسواق، وتفكيك الدولة من الداخل.

أي مشروع وطني حقيقي في هاتين الدولتين سيُصنّف خطرًا على "السلام الإقليمي"، وتُطلق ضده موجات إعلامية وحقوقية ومصرفية متزامنة.

"الاستعمار اليوم لا يأتي بالدبابات، بل بالصفقات والعناوين الحقوقية" – إدوارد سعيد

8. البريكس وطريق الحرير: الهدف الفعلي

إيران تمثل حلقة ذهبية في مشروع الصين لإعادة تشكيل العالم من خارج هيمنة واشنطن.

المشروع الإيراني الصيني الروسي، الذي يعتمد على طرق تجارة برية، وخطوط غاز مستقل، وسوق مشترك، يهدد عقيدة السيطرة الغربية على الاقتصاد العالمي.

سقوط إيران هو بداية إسقاط البريكس، وضرب طريق الحرير، وتثبيت نظام أحادي، مبني على القروض، الدولار، والناتو.

🟥 الخاتمة: لا سلاح نووي... بل إرادة سيادية

إن ما يحدث لإيران هو إعادة إنتاج لذات المسرحية الاستعمارية، التي شاهدناها في بغداد، وطرابلس، وكابول.

لكن هذه المرة، العدو ليس "نظامًا متطرفًا"، بل إمكانية قيام مشروع اقتصادي مستقل، وممرات مائية حرة، وتحالفات بديلة تخرج من قبضة الدولار.

"حينما تُستَهدَف دولة ما باسم الحرية، فاعلم أن ما يُراد هو ثروتها لا تحريرها." – هوغو تشافيز

وهكذا، فإن على كل قوة وطنية أو يسارية أو مقاومة أن ترى في معركة إيران لحظة كاشفة: إما أن ننخرط في إعادة إنتاج الاستعمار الناعم، أو نقف في صف التاريخ الحقيقي: صفّ الشعوب.



#رياض_الشرايطي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب التي تعيد ترتيب الجحيم: حين لا يكون الاصطفاف كافيا.
- قراءة لرواية -1984- لجورج أورويل. رواية ضدّ الزّمن ومركّبة ع ...
- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ...
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
- قراءة في قصّة “رحاب” من المجموعة القصصية - بلايك - للشاعر و ...
- -منتصر السعيد المنسي-: حفر في منطوق شهادة ذاتية ضد نسيان الط ...
- غزة تحترق: تاريخ حرب إبادة جماعية تقودها الصهيونية العالمية ...
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية -ولع السّباحة في عين الأسد- ...
- الإمبريالية الأمريكية بنَفَس ترامب: وقاحة القوة ونهاية الأقن ...
- ورقة من محترف قديم في قطاع السّياحة
- القصيدة ما بعد الّنثر
- افكار حول البناء القاعدي والتسيير
- قراءة في مجموعة -نون أيار- للشاعرة نسرين بدّور.
- القصيد ما بعد النّثر
- بيان
- بكاءُ السُندسِ في المنفى....
- عيد الشّغل: من نضال طبقي إلى مناسبة رسمية بروتوكولية.
- الحداثة وما بعد الحداثة بين ديكتاتورية البرجوازية وخيانة الت ...
- مراجعة مجلّة الشّغل التّونسية: بين تعزيز الاستغلال الرّأسمال ...
- نساء بلادي أكثر من نساء و نصف


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رياض الشرايطي - الإمبريالية في جسد جديد صراع الغاز، والمضائق، والعقول...