أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رياض الشرايطي - الحرب التي تعيد ترتيب الجحيم: حين لا يكون الاصطفاف كافيا.














المزيد.....

الحرب التي تعيد ترتيب الجحيم: حين لا يكون الاصطفاف كافيا.


رياض الشرايطي

الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 14:50
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في زحمة الأحداث، حين تسقط القنابل على الخرائط لا على الشّاشات، يطلب من النّاس أن يختاروا معسكرا. لكن بعض الحروب لا تصلح لها الخنادق الجاهزة. هناك حروب تخاض بأدوات الاستعمار وتزيّن بشعارات التّحرير، وهناك مقاومات تسكنها أنظمة استبدادية لا تختلف في جوهرها عن خصومها سوى بالعداء المعلن. وما يجري الآن من اشتباك عنيف بين الدّولة الإيرانية والكيان الصهيوني لا يمكن حصره في إطار الأبيض والأسود.
الكيان الصهيوني مشروع قائم على الإبادة. ليس فقط للفلسطينيين، بل للمعنى الإنساني برمّته. لا هويّة له إلّا التوسّع السرطاني ، ولا غاية له سوى السّيطرة. وهو اليوم، كما كان دائما، أداة للقوى الاستعماريّة لتفكيك المنطقة، وتسخير شعوبها، ودفن كلّ إمكانيّة لنشوء بدائل عادلة. هذه حرب تقودها آلة مدعومة من رأسمال عالمي مأزوم، مستعدّة لإشعال الكوكب في مواجهة أيّ قوى تهدّد هيمنتها – سواء كانت إيران، أو الصّين، أو أي طرف خارج الطّاعة.
لكن لا يمكن للموقف من هذا الكيان أن يعفينا من مساءلة الطّرف الآخر. فإيران، وإن كانت في موقع دفاعي مشروع، تبقى دولة تدار من فوق، تقصي معارضيها، وتخنق أصوات جماهيرها. الخطأ هو الاعتقاد أنّ من يطلق الصّواريخ لا يمكن نقده، أو أن من يقف ضدّ العدو لا يمكن أن يكون مستبدّا في الدّاخل.
بعض النّاس يقولون: "المعركة الآن مصيريّة، لا وقت للحديث عن الدّيمقراطية والتّنظيم الشعبي."
لكن لو كانت هذه المعركة حقا مصيريّة، فهذا يدعو الى أن نعيد التّفكير في من يخوضها، ولصالح من.
هل الجماهير جزء فعلي من القرار؟
هل تمتلك أدواتها الخاصّة؟
هل هذه الحرب تدار لحمايتها، أم لتثبيت سلطة فوقها؟
الحروب الحقيقيّة لا تقاس بعدد الصّواريخ، بل بمدى ما تحدثه من وعي. والوعي، لكي يكون حيا، يجب أن يكون حرا.
لهذا، لا يمكن لأيّ انتصار عسكري أن يعوّض عن غياب التّنظيم الشعبي المستقلّ. النّصر الذي يتحقّق دون أن تمتلك الشّعوب أدواته، هو مجرد تحويل الخندق، لا تغيير المسار.
قال المفكر الأمريكي هاوارد زن:
"لا يمكنك أن تكون محايدا على قطار يتحرك."
لكنّ الأهم أن تعرف إلى أين يسير القطار. لا تكفي النوايا، ولا الشّعارات، ولا حتّى العداء المشترك. فالتّاريخ مملوء بديكتاتوريات قاتلت الاستعمار ثم ورثته. من لا يحاسب رفاقه، سيخون نفسه في النّهاية.
اليوم، واجب الجماهير في إيران أن تناضل ضدّ العدو الخارجي، دون أن تتنازل عن حقّها في حريّة التّنظيم والتّفكير. وواجب الجماهير في الوطن العربي ألّا تصفّق لحروب تدار باسمها بينما تقمع داخل حدودها. الحرب لا تعني أن نُسكت النّقد، بل أن نصعّد المساءلة. واللّحظة التي يطلب فيها من النّاس أن يختاروا بين الاحتلال والطّغيان، يجب أن تكون لحظة ولادة الخيار الثّالث: شعب لا يقبل لا بالغازي ولا بالحاكم القامع.
المطلوب اليوم ليس فقط رفض المشروع الصّهيوني، بل رفض النّظام العالمي الذي يسمح بوجوده. ومواجهة هذا النّظام تمرّ عبر بناء قوّة مستقلّة، من تحت، لا تنتمي لا للأنظمة ولا لأحلافها.
ليست هذه دعوة للحياد، بل دعوة للفهم.
وليس الهدف تخفيف الحدّة، بل إعادة توجيهها نحو الجذر.
الثّورة لا تبدأ من الجبهة، بل من الوعي.
وحين تنضج الجماهير، قد تعيد الحرب إلى معناها الوحيد: التّحرير.
تحرير الإنسان، لا حدود الدّولة.
تحرير الفكرة، لا بسط النّفوذ.
تحرير المصير، لا اختطافه باسم المقاومة.
قال فرانتز فانون: "كلّ جيل، في لحظة معيّنة، عليه أن يكتشف مهمّته التّاريخية، إمّا أن ينجزها أو يخونها.".



#رياض_الشرايطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة لرواية -1984- لجورج أورويل. رواية ضدّ الزّمن ومركّبة ع ...
- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ...
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
- قراءة في قصّة “رحاب” من المجموعة القصصية - بلايك - للشاعر و ...
- -منتصر السعيد المنسي-: حفر في منطوق شهادة ذاتية ضد نسيان الط ...
- غزة تحترق: تاريخ حرب إبادة جماعية تقودها الصهيونية العالمية ...
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية -ولع السّباحة في عين الأسد- ...
- الإمبريالية الأمريكية بنَفَس ترامب: وقاحة القوة ونهاية الأقن ...
- ورقة من محترف قديم في قطاع السّياحة
- القصيدة ما بعد الّنثر
- افكار حول البناء القاعدي والتسيير
- قراءة في مجموعة -نون أيار- للشاعرة نسرين بدّور.
- القصيد ما بعد النّثر
- بيان
- بكاءُ السُندسِ في المنفى....
- عيد الشّغل: من نضال طبقي إلى مناسبة رسمية بروتوكولية.
- الحداثة وما بعد الحداثة بين ديكتاتورية البرجوازية وخيانة الت ...
- مراجعة مجلّة الشّغل التّونسية: بين تعزيز الاستغلال الرّأسمال ...
- نساء بلادي أكثر من نساء و نصف
- النّضال من أجل الدّيمقراطية والحرّيات العامّة والخاصّة


المزيد.....




- ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغ ...
- ترحيل مصري من الولايات المتحدة بعد إدانته بركل كلب وإلزامه ب ...
- عودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملي ...
- صواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى ...
- روسيا تعلن التصدي لعشرات المسيّرات الأوكرانية وإصابة صحفي في ...
- سفيرة أميركا لدى روسيا تغادر منصبها في ظل نقاش عن ضبط العلاق ...
- خبراء أميركيون: ما الذي يدفع بعض الدول لامتلاك السلاح النووي ...
- الحكومة الكينية تعتبر المظاهرات محاولة انقلابية وسط انتقاد أ ...
- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رياض الشرايطي - الحرب التي تعيد ترتيب الجحيم: حين لا يكون الاصطفاف كافيا.