أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المكان في مجموعة -حين تموت المدن- صلاح دهني














المزيد.....

المكان في مجموعة -حين تموت المدن- صلاح دهني


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8389 - 2025 / 6 / 30 - 17:12
المحور: الادب والفن
    


بداية أشير إلى أن طبيعة المكان تنعكس على النص الأدبي، فعندما يتحدث القاص عن مدينة يكون فضاء المكان واسع، عندما يتحدث عن مكان العمل يضيق المكان، حتى أن القارئ يشعر بما يشعر به بطل القصة من ضيق، أعتقد أن هذا ما يميز مجموعة "جين تموت المدن" لصلاح دهني.
المجموعة تتكون من قسمين، القسم الأول مكون من ست قصص ويتحدث عن حياة الناس (العادية)، والقسم الثاني مكون من خمس قصص ويتحدث عن حرب تشرين، في الأول نجد الفرق بين سعة المكان في قصة العنوان "حين تموت المدن، وقصة "بعضهم يدفن مرتين" وضيق المكان في قصة "الوظيفة" وقصة "موظف"
في قصة العنوان يقودنا القاص إلى أكثر من مكان: حيفا، دير الزور، درعا، وهذا نعكس على اتساع أحداث القصة، وعلى حجمها المكون من ثمان عشرة صفحة، وهي الأطول في المجموعة، واللافت فيها أن القاص يتحدث عن حيفا قبل الاحتلال، وعن الحياة الرغيدة التي كان ينعم بها من يعيش فيها: "أنها جنة حقيقية حيفا الجديد المشتركية بين عرب ويهود، عمل موفور لكل الناس، رخاء، سعادة، وئام بنحو ما" ص20، هذا المقطع كرره "حسين الجمل" في اكثر من مرة، حتى أنه أضافة عليه: "فالواحد منا يعيش من مال اليهودي، وينام مع ابنته، ويلبس قميصا وبنطالا نظيفين يوم السبت، ويوفر فوق ذلك قرشا أبيض ليوم أسود، كيف لا نقول من بعد: الحياة حلوة؟" ص22.
إذن سعة المكان كانت حاضرة في القصة وأحداثها، وبما أن الحديث يدور عن حيفا، فكان لا بد من الحديث عن سبب ترك "حسين الجمل ومحمد العبد الرحمن" لحيقا: "المراكب الليلية غير المشروعة التي تنزل مئات اليهود الهاربين من وجه الحرب على الشواطئ، حتى ضاقت بهم الورشات اليهودية، ثم ضاقت الأحياء عن استيعابهم" ص24، هذه مقدمة الأوضاع في حيفا، لكن ترك حياة عز في حيفا لم يقتصر على وجود عمال منافسين للعمال العرب، بل تعداه إلى: "حمل اليهود أهلها على أن يهجروها" ص27، وهذا ما جعل المدينة تموت برحيل أهلها، أصحابها، أحبتها/ ناسها/ عمالها.
في المقابل نجد ضيق المكان ومحاصرة القاص في قصة "الوظيفة" التي تتحدث عن حياة الموظف وفساد الإدارة، وطبيعة الموظفين الذين يركبون الموجة، فهم يمدحون القادم، ويذمون الراحل، واللافت في قصة "الوظيفة" أنها تكشف فسادة المؤسسات الحكومية والبيروقراطية التي تتفشى فيها: "انتفخ العدد إلى سبعة... ورئيسنا القديم يحلف أنه كان يقوم وحده بالعمل كله" ص58، كما تبين القصة طبيعة الموظف ونفسته الخاضعة، وعدم قدرته على الثورة أو التمرد، فبعد أن يصل القاص إلى ذروة الرفض ويقر مواجهة المدير "شاكر" بحقيقته كفاسد يغذي الفساد ويكثر عدد الفاسدين، يدخل مكتبه وهو في أوج إصراره على تفريغ ما في نفسه حنق لا يجده في المكتب، عندها تبدأ ثورته تضمحل حتى تصل إلى السكون، وكأنها مجرد سراب، وهذا ما جعل القاص يعود أدراجه، كإشارة على القبول ما بما هو حاصل.
والجميل في هذه القصة أنها جاءت بصيغة أنا السارد، لكن خاتمها أعطا فيها القاص مساحة للمدير "شاكر" ليتحدث بصوته، وكيف يرى دوره كمدير (يراعي) مصالحه ومصالح الأقرباء والأصدقاء، وما وجوده في هذا الموقع إلا لتحقيق تلك المصالح.
في القسم الثاني "حكايا حرب تشرين" يتحدث عن حياة الناس في القرى الحدودية مع في فلسطين المحتلة، وكيف أن الحرب دفعت بعض الناس للتفكير بترك قراهم للحفاظ على عائلاتهم وأسرهم، وهنا يبرز القاص حال الفلسطيني الذي جرب ويلات الهجرة وما تفعله بالمهاجر: "خذوها نصيحة من تجربتنا نحن الفلسطينيين... لا تجعلوا الإقامة والنزوح موضع تفاضل... ابقوا أرجوكم... فلنبق جميعنا، ولنمسك السلاح" ص118، هذا الرأي جعل أهل القرية يبقوا في قريتهم، كما أن قول الضابط عن السلاح السري الذي يملكه الجيش السوري، وقدرته على تدمير الطائرات، جعلهم يتراجعون تماما عن فكرة المغادرة، وأكثر من هذا جعلهم يقدمون العون للجنود بعد أن شاهدوا طائرات العدو تحترق في السماء، فكان يحضرون: "دستا كبيرا من الأرز بالسمن وفوقه خروف مطبوخ" ص128.
ونلاحظ في هذا القسم أن القاص يركز على صواريخ سام التي فاجأت العدو ملحقة به خسائر فادحة في الطائرات، من هنا تم ذكر هذا الصواريخ في قصة "المحتال" كما يركز على دور الشعب السوري واندفاعه للتفاعل وتقديم ما يستطيع للجنود السوريين، وهذا ما يجعل محاربة العدو لا تقتصر على الجنود، بل هي حرب يدعمها الشعب ويريدها، فهناك أرض عربية محتلة ويجب تحريرها.
وإذا ما توقفنا عند حال الشخصيات/ لناس في القسمين، نجدهم في القسم الأول يعانون، ومنهم الفاسدين، وفي القسم الثاني نجدهم صفا واحدا، متوحدون متجاوزون خلافاتهم، فكل همهم صد العدو ودحره.
المجموعة من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى 1976.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزوف الحياة في قصيدة -خذ روحي إليك- علي البتيري
- الشعبية في رواية خرفيش محمود عيسى موسى
- الاستعمار الاستيطاني في رواية -الحريق- محمد ديب، ترجمة سامي ...
- البياض المطلق في -أمي- مراد السوادني
- التسلية في قصة -معضلة الزنزانة رقم 13-
- الشعر وتقديم الواقع في قصيدة- طفلان يبتسمان-
- غزة في رواية -سلالة من طين، غزة الباكية- قمر عبد الرحمن
- الواقع والتغيير في -خطابات الإسكندر- فيصل زريقات
- الوطن في قصيدة -حين ثملت يا وطني- نزيه حسون
- عودة الحياة في قصيدة -صديقي الشاعر من غزة- لشاعر المتوكل طه
- الفلسطيني في رواية مرآة واحدة لا تكفي
- الواقع العربي في رواية -اللجنة- صنع الله إبراهيم
- -حكايات خريفية-* للفلسطيني حامد حج محمد رواية الغياب بامتياز
- -خبايا الرماد- لجهاد الرنتيسي ... رواية الأحداث السياسية
- الواقع اللبناني والعربي في كتاب -هذه وصيتي- كمال جنبلاط
- حول كتاب -المثقف في صورة نبي-* للكاتب فراس حج محمد
- التغريب في قصيدة -قصر طائر!- سامي البيتجالي
- صدى الأصوات في قصيدة -أصرخ- أحمد الخطيب
- أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار ...
- المخابرات في رواية -من جبل الجرف إلى تل أبيب- أشرف مسعي


المزيد.....




- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المكان في مجموعة -حين تموت المدن- صلاح دهني