أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الوطن في قصيدة -حين ثملت يا وطني- نزيه حسون














المزيد.....

الوطن في قصيدة -حين ثملت يا وطني- نزيه حسون


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 22:28
المحور: الادب والفن
    


!!!حينَ ثمِلتُ يا وطني"
شربتُ الخمرَ يا وطني ليرويني
وعلّ الكأس من ذكراك يشفيني
فأنسى الحزن في عينيك متشحًُا
وأنسى رحمَ ميلادي وتكويني
أنا المولود في رحم الأسى طفلا
وعمرًا عِشتُ في عتم الزنازينِ
جرعتُ الكأسَ تِلوَ الكأس في شغفٍ
لأنسى دمعَ أجدادي وزيتوني
وحين ثملت حتى الخمرُ غيَّبني
وصار الكأس في عتبٍ يجافيني
سألت الكأس أن أنساكَ يا وطني
فصاح الكأسُ في وجهي فلسطيني"
ما نشهده من مجازر دموية في غزة، تجعلنا نبحث عما ينسنا حالنا/واقعنا الواقع وما فيه تخاذل الرسمي العربي وتآمر، من هنا نقول نحن بحاجة إلى (أفيون) يخرجنا/ينسينا ما نحن فيه، يلتجئ الشاعر "نزيه حسون" إلى الخمر لعلها تخرجه مما هو في من أسى وبؤس، فالشاعر يفتتح القصيدة بهيئة الثمل "ثملت، شربت" وهذا يعطينا صورة عن شخص يعاقر الخمر بجنون، لكن أسباب هذه المعاقرة وهذه الثمالة سببها إيجاد الشفاء من البؤس/الحزن/القهر على ما يجري في لوطن، ونسيان الواقع بكل ما فيه، من هنا استخدم الشاعر "فأنسى، أنسى، لأنسى، أنساك" كإشارة إلى الواقع المرير الذي يمر به الوطن والشاعر.
وقد يسأل سائل: ما سبب كل هذا الحزن وهذا الجنون في معاقرة الخمر، يجيب الشاعر: بأنه عاش الحزن والبؤس منذ كان طفلا، إضافة إلى أسره من قبل الاحتلال، ويعطينا صورة عما عاشه من ظلم وقهر وبؤس متناولا صورة بكاء الأجداد والزيتون، وهذا الجمع بين الإنسان والأشجار، يشير إلى الاعتداءات الكثيرة والكبيرة التي تعرض لها الإنسان والأشجار من المحتل.
من هنا يريد/يرغب الشاعر تجاهل/نسيان واقعه، ولم يعد أمامه إلا الكأس والخمر يستخدمها، كوسيلة للنسيان.
ونلاحظ أنه يؤنسن الوطن ويحدثه بما فيه من هموم، وما يحمله من أسى، عما يريده من الحياة، فلم يعد هناك (ناس/بشر/عرب) يفهمونه أو يقدرون على تخليصه وتخليص وطنه من وقعه البائس، فختار محادثة الوطن نديمه وقت الضيق، فجاء طلبه (واضحا ومباشرا): "ذكراك يشفيني، فأنسى الحزن، دمع الأجداد، أنساك يا وطني"
إذا ما توقفنا عند خطاب/محادثة الشاعر للوطن نجده حديث منطقي، عقلاني، (لا غبار عليه).
لكنه عندما توجه إلى مخاطبة الكأس: "سألت الكأس" جاء الجواب بطريقة مجنونة، غير منطقية: "صاح الكأس" وكأن "الكأس" عندما علم/سمع الشاعر يستعين بغير الوطن، ويحدثه عما فيه من هموم وما يريد من الحياة، غضب، وصرخ في الشاعر: " فلسطيني" فالرد جاء من الكأس نفسه ـ وسيلة النسيان ـ فالفلسطيني لا يستعين إلا بالوطن، بالفلسطيني فقط.
فهذه الخاتمة المدهشة، أعادة الشاعر إلى حالة الصحيان، اليقظة، وألغت مفعول الخمر التي أثملته، وأعادته إلى المربع الأول، مربع الواقع الذي يفرض عليه كفلسطيني أن يكون وحيدا، في كل شيء، حتى مواجهة العالم أجمع، وعليه أن يكون ذاته كفلسطيني، فالفلسطينية قدمها الشاعر على أنها الكرامة خصها الله للفلسطيني دون سواه، فهو الذي يتحمل كل شيء ويبقى ثابتا/صامدا رغم مشاركة الأشقاء والأصدقاء للعدو، لعدونا.
هذا مضمون/فكرة القصيدة لكن، رغم أهمية مضمون القصيدة، إلا أن الألفاظ، اللغة التي استخدمها الشاعر، طريقة تقديم القصيدة لا تقل أهمية عن المضمون، من هنا سنحاول التوقف عند الألفاظ التي استخدمها الشاعر لنرى الهندسة التي جاءت بها القصيدة: "الكأس (مكرر ست مرات)، فأنسى/أنسى/لأنسى أنساك أربع مرات" الخمر (مكرر)، يا وطني (مكرر) نلاحظ كثرة التكرار ـ رغم حجم القصيدة الصغير، وهذا يخدم فكرة أن الشاعر (سكران/مخمور) لهذا يكرر الألفاظ دون أن يعي أنه سكران ويقول الكلمات نفسها (في حديثه/ في القصيدة).
وإذا ما توقفنا عند لفظ "الكأس" المكرر ست مرات، وعند لفظ "أنسى" المكررة اربع مرات نصل إلى كثرة الشرب، (وقلة) النسيان، أو عدم مفعول الخمر في نسيان ألم/حزن الشاعر، وهذا ما جعله يسمع صرخة الكأس "فلسطيني"، بمعنى أن الواقع يفرض عليه/يجبره على لصحو/اليقظة/الوعي ولا مجال لتجاهل أو للنسيان .
هذا على صعيد الألفاظ، أما على صعيد الشكل الذي قدمت به القصيدة، فقد توجه الشاعر في حديثه إلى الوطن "يا وطن" لكننا نفهم من هذا الحديث أننا نحن أيضا المتلقين معنيين بهذا الخطاب، فنحن أبناء شعبه/امته، وجزء من الوطن، وهذا يشير إلى قربه منا، لهذا خص الوطن، خصنا بهذا الحديث الحميم، وإبداء ما فيه من الم، وكيف يحاول نسيان ألمه ووجعه، وهذا ما جعلنا نتوقع أن ينهي حديثه/كلامه بطريقة (منطقية/عقلية) كما جاء في القصيدة، لكنه فاجأنا بالخاتمة التي جاءت صادمة، مدهشة، بعد أن أسمعنا صراخ الكأس، فقدمنا من الواقع، من واقعنا، من ألمنا، من بؤسنا، وهذا يستدعي منا مواجهة قدرنا، عدونا، لنكون كما أرادنا الكأس "فلسطيني، فلسطيني، فلسطيني"
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر Nazeh Hassoun



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة الحياة في قصيدة -صديقي الشاعر من غزة- لشاعر المتوكل طه
- الفلسطيني في رواية مرآة واحدة لا تكفي
- الواقع العربي في رواية -اللجنة- صنع الله إبراهيم
- -حكايات خريفية-* للفلسطيني حامد حج محمد رواية الغياب بامتياز
- -خبايا الرماد- لجهاد الرنتيسي ... رواية الأحداث السياسية
- الواقع اللبناني والعربي في كتاب -هذه وصيتي- كمال جنبلاط
- حول كتاب -المثقف في صورة نبي-* للكاتب فراس حج محمد
- التغريب في قصيدة -قصر طائر!- سامي البيتجالي
- صدى الأصوات في قصيدة -أصرخ- أحمد الخطيب
- أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار ...
- المخابرات في رواية -من جبل الجرف إلى تل أبيب- أشرف مسعي
- الطبيعة والمجتمع في قصيدة -البازلت- سامر كحل
- صكوك غفران للأموات
- ثورة الدروز وتمرد دمشق، الجنرال اندريا، ترجمة حافظ أبو مصلح
- الإيجابية في رواية -أحلام القعيد سليم- نافذ الرفاعي
- ثورة ال1936 في كتاب ثورة الفتى العربي رئيف خوري
- المعرفة والعرب في رواية ثورة القبور علي شلق
- أنت النبي وهم المنكر في قصيدة -وحدك- أحمد الخطيب
- الحرب في كتاب -التاريخ فكرا استراتيجيا- باسيل ليد هرت تعريب ...
- حاجتنا إلى عبقرية لينين


المزيد.....




- “الخيال بقى حقيقة”.. Honor 400 Pro بيصور كأنك في فيلم وسعره ...
- هل يعيد الذكاء الاصطناعي صياغة قواعد صناعة الموسيقى؟
- نغوجي واثيونغو حين كتب بلغته كي لا يُمحى شعبه... دروس لكردست ...
- مصر.. منشور منسوب للفنان المصري أحمد آدم يثير ضجة بالبلاد
- سلوتسكي: السلطات في لاتفيا مستعدة لحظر حتى التفكير باللغة ال ...
- نجوم فيلم -Back to the Future- يجتمعون لاستعادة قطعة أثرية م ...
- لمحة عن فيلم -Wicked: For Good-.. هذا ما كشفه الإعلان التروي ...
- بوتين يدعو للاحتفال بيوم لغات شعوب روسيا في ذكرى ميلاد رسول ...
- مصر.. تصاعد الخلاف بين محمد الباز وابنة الشاعر الراحل أحمد ف ...
- -أجراس القبار- للروائي الأردني مجدي دعيبس.. رواية تاريخية في ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الوطن في قصيدة -حين ثملت يا وطني- نزيه حسون