أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التغريب في قصيدة -قصر طائر!- سامي البيتجالي














المزيد.....

التغريب في قصيدة -قصر طائر!- سامي البيتجالي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


"قصر ٌ طائر!
"نُهديكَ قصراً طائرا "
و قد أتيتَ فاتحاً ، لا زائرا
فأنت من فتحتَ القدس َ
و اهديتَ ( يوشعَ بن نونَ)
مفاتيحها
و أنت من أهديت َ
طائراتِ الموت
و أنت من أهدتك َ
زوجةُ ( بنيامينَ) ثديها !
"نهديك قصراً طائرا "
له نوافذُ اوسعُ من نوافذ السماءِ
كي ترى أعلامهم
على سورٍ
بناهُ الفاتحُ العربي !
على مدينة قديمةٍ
هجرها الحمام
على كنيسةٍ و مسجدٍ
تلاصقا من خوف .
و قد تلاصقا بالأمس ِ
في سلام
"نهديك قصراً طائراً "
لكي ترى جحيمك الذي وعدت.
قيامة جديدةً
دماؤها النبيذ ُ
و الركامُ ساحلٌ للعاج و الأبراج!
….
(نهديك قصراً طائرا )؟
لم أعدْ أفهمكم!
في أيِّ صَفٍّ تقفون؟
و أيِّ لُغةٍ تكتبون َ
ملِكاً و شاعرا ؟؟
و اسأل العرافةَ التي
تفسّر الظواهر الغريبة:
ما الفارقِ الذي
يفصلُ الأغرابَ و الأعراب
و سيفاً و دفّاً
و عاهلاً و عاهرا ؟!"
للتوضيح، تقوم فكرة التغريب على دفع المتلقي للتفكير فيما يعرض له من مشاهد وأحداث وشخصيات، بمعنى تحويله من مجرد متلقي، إلى صاحب موقف ورأي وفكر، بعد تغيير وتبديل الأحداث والأدوار التي تقوم بها الشخصيات، هذا هو سبب وجود مسرح التغريب الذي أسسه برخت، وبما أن الأدب الحديث منفتح على بعضه، وهذا ما جعل التغريب يدخل إلى أجناس أدبية أخرى، وما فعله الشاعر "سامي عوض الله، البيتجالي" في قصيدة "قصر طائر" يعد نموذجا لهذا التغريب، حيث نسف فيها الشاعر التاريخ، الواقع، المنطق والعقل، وجمع بين المتناقضات، الأعراب والأغراب، العاهر والعاهل، السيف والدم، وأحيانا أخرى جمع بصورة واقعية (طبيعية/عادية) أماكن كانت ومازالت على طبيعتها "المسجد والكنسية" كرد على من يعمل على إحداث التفرقة بينهما، وبث الخلاف بين أتباع المسجد وأتباع الكنسية، وإذا علمنا أن طريقة تقديم تلك المشاهد جاءت بعدة صور، تهكم وسخرية، استهجان واستغراب، تساؤل ودعوة للتفكير، نصل إلى أن القصيدة لم تكتب بقلم الشاعر، بل بقلبه الذي كان حاضرا في القصيدة، وما وجود ألمه/خوفه/حرصه على أمته وشعبه، إلا من باب التماهي بين القصيدة والشاعر.
يفتتح الشاعر القصيدة بمخاطبة ذاك (الزائر) الذي نهديه "قصرا طائرا" مستخدما أول شكل للتغريب من خلال قوله: فاتحا لا زائرا" بعدها يتم نسف كل معرفتنا بالتاريخ من خلاله جعل الزائر فاتحا للقدس من جديد، واستبدال احتلال أريحا، باحتلال القدس، وتحويل الاحتلال إلى فتح للقدس، ومن خلال استبدال شخصية "عمر" الذي فحت القدس واستلم مفاتيحها، إلى يوشع بن نون، وهذه (اللخبطة) للأحداث وللشخصيات تدفع بالمتلقي ليفكر بما يقدمه الشاعر، ومن ثم يتخذ موقفا عقلانيا/وطنيا/قوميا مما يجري في منطقتنا وكيف استقبل (قادتنا) ذاك الزائر.
بعد هذا العرض يكشف لنا الشاعر حقيقة الزائر من خلال كشف حقائق واقعية:
وأنت من أهديت
طائرات الموت
وأنت من أهدتك
زوجة (بنيامين) ثديها!.
نلاحظ أن هناك إهداء متبادل، طائرات الموت، يقابلها زوجة بنيامين ثديها، ونلاحظ أنه تم (اختفاؤنا) نحن الذين قمنا بإهدائه قصرا طائرا، وهذا الاختفاء يستوقف المتلقي، ليتساءل: أين نحن من المشهد؟ فنحن من أهدى (الزائر) قصرا طائرا؟ لماذا لم نعد يعد لنا حضور؟ وأين اثر هديتنا عليه وعلينا؟ وما أهدنا/أعطانا (الزائر) مقابل هديتنا؟ الإجابة الأسئلة تؤكد هدف الشاعر من التغريب، ما على المتلقي إلا أن يقف أمام الواقع ليجيب على ما قدمه الشاعر.
يستمر الشاعر في تناول (الواقع كما هو) مشيرا إلى واقعنا/طبيعتنا الاجتماعية من خلال:
"على مدينة قديمة
هجرها الحمام
على كنيسة ومسجد
تلاصقا بالأمس
في سلام" اللافت في هذه الصورة تأكيدها للوحدة الاجتماعية السورية، فالتلاصق بين المسجد والكنسية لا نجده في القدس فحسب، بل في كل المدن السورية، عمان، نابلس، دمشق، حلب، أربد، حيث نجد الجدار ملاصق للجدار، وهذا الرد على كل محرض يستخدم الدين كوسيلة لتفرقة المجتمع الواحد.
بعد هذا العرض للواقع، يثور الشاعر ويأخذ في التهكم على ما أهديناه (للزائر) من خلال:
"لكي ترى جحيمك الذي وعدت
قيامة جديدة
دماؤها النبيذ
والركام ساحل للعاج والأبراج"
في هذا المقطع يكشف الشاعر الهدف من وراء إهداء (الزائر) "قصرا طائرا" من خلال استخدامه المتناقضات: "دماؤها النبيذ، والركام ساحل للعاج والأبراج" متهكما وساخرا من حالنا وحال الزائر وما يفعله بنا وفي أرضنا، فهناك قيامة حقيقية قامت على أرضنا ولشعبنا في غزة وفي الضفة، فكان (الهدية) رد جميل وعرفان منا، لمن أحدث القيامة/الخراب/القتل/الجحيم فينا وفي أرضنا!
بعد هذا العرض يتخلى الشاعر عن (أدبية) القصيدة، متجاهلا التغريب، متخذا (المباشرة والوضوح) طريقا لمخاطبة المتلقي، موجها تساؤلات إلى أولئك الذي أهدوا القصر الطائر (للزائر)، محافظا على استخدام المتناقضات لتكون الإجابة واضحة للمتلقي، ولكشف حقيقة (القادة) العظام وكرمهم الطائي تجاه عدونا.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر Sami Awadallah



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدى الأصوات في قصيدة -أصرخ- أحمد الخطيب
- أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار ...
- المخابرات في رواية -من جبل الجرف إلى تل أبيب- أشرف مسعي
- الطبيعة والمجتمع في قصيدة -البازلت- سامر كحل
- صكوك غفران للأموات
- ثورة الدروز وتمرد دمشق، الجنرال اندريا، ترجمة حافظ أبو مصلح
- الإيجابية في رواية -أحلام القعيد سليم- نافذ الرفاعي
- ثورة ال1936 في كتاب ثورة الفتى العربي رئيف خوري
- المعرفة والعرب في رواية ثورة القبور علي شلق
- أنت النبي وهم المنكر في قصيدة -وحدك- أحمد الخطيب
- الحرب في كتاب -التاريخ فكرا استراتيجيا- باسيل ليد هرت تعريب ...
- حاجتنا إلى عبقرية لينين
- إلى أين تذهب المنطقة العربية
- عقم الثورة في رواية -قصة مدينتين- شتارلز دكنز، ترجمة صوفي عب ...
- الدبية في غار الإخلاص محمد علي ضناوي
- الإقطاع في رواية -ميميد الناحل- ياشار كمال، ترجمة إحسان سركي ...
- الجديد في كتاب -مذكرات الأرقش- ميخائيل نعيمة
- المكان والإنسان في رواية -عين التينة- صافي صافي
- المنطقة العربية في كتاب -الوحدة العربية هل لها من سبيل- منيف ...
- جمالية الشكل والمضمون في كتاب -من حديث أبي الندى- إبراهيم ال ...


المزيد.....




- الشعب السوري وثقافة رفض التطبيع
- محمد لخضر حمينة... المخرج الذي -فتح عيون العالم- على معاناة ...
- محافظة خوزستان الإيرانية: بوابة التجارة والثقافة
- مجموعة مسلحة تُهدّد الفنان باسم ياخور بعد عودته إلى دمشق وتم ...
- مسؤولون فرنسيون: انقطاع الطاقة في اليوم الأخير من مهرجان كان ...
- اغنية.. لقد فات الأوان
- إضاءة نقدية على القصيدة العمودية المعاصرة
- بريتني سبيرز تعتذر عن الفضيحة التي تسببت بها على متن الطائرة ...
- مخرج إيراني معارض للنظام يفوز بجائزة ذهبية في مهرجان كان الس ...
- زاخاروفا: كيسليتسا يكذب بقوله إن الوفد الأوكراني تحدث باللغة ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التغريب في قصيدة -قصر طائر!- سامي البيتجالي