أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار-















المزيد.....

أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 23:56
المحور: الادب والفن
    


أدب المقاومة في مجموعة "وقال الطائر الذبيح لا" سمير عزت نصار"
بداية أشير إلى أن تأخير إصدار الأعمال الأدبية يعد ظلما للعمل وظلما لكاتبه، فالأدب يجب أن ينشر في حينه، في وقت الانتهاء منه، خاصة في الحالة الفلسطينية، لأن الأدب يعد (وثيقة) تؤرخ للحالة التي يمر بها الفلسطيني، وهنا نذكر بثلاثية "فصول من حكايا بلدنا" للروائي محمد عبد الله البيتاوي، التي تتناول فيها حالة الضفة الغربية قبيل عام 1967 وما بعد، (مرحلة بداية العمل الفدائي الفلسطيني) حيث تعد هذه الثلاثية من أهم الأعمال الروائية التي كتبت في سبعينيات القرن الماضي، لكنها نشرت في أواخر التسعينيات، وهذا ما حرمها من حقها في البحث والدراسة، كما حرم كاتبها من أن يكون في طليعة الروائيين الفلسطينيين الذين تناول المقاومة، كما حرم القراء من الاطلاع المبكر على هذه الثلاثية، حيث أنها من أوائل الأعمال الروائية العربية والفلسطينية المتسلسلة.
مجموعة "وقال الطائر الذبيح لا" مكونة من أربع قصص، "اليد الراقصة، كتبت في 16/3/1968، قصة "الابتسامة الأخيرة" كتبت في 15/4/1969، قصة "عصا" كتب في 1/8/1971، قصة "دماء ودماء في القطاع" كتبت في7/9/1971، نلاحظ أنه لا يوجد قصة العنوان في المجموعة "وقال الطائر الذبيح لا" وهذا يشير إلى أن القاص أراد إيصال فكرة الرفض الفلسطينية من خلال المجموعة، بمعنى أنه اختار عنوان لمجموعة ليدفع المتلقي للبحث عن مضمون القصص والغاية منها.
ونلاحظ وجود الاحتلال وأعماله الوحشية تجاه الفلسطيني، كما نجد الفلسطيني حاضرا وفاعلا ومؤثرا، وليس مجرد إنسان يتلقى الصفعات، أو يقبل الظلم دون مقاومة، واللافت أن القاص لم يقدم المجتمع الفلسطيني على أنه مجتمع نقي أو مطلق الكمال، بل قدمه كباقي المجتمعات، فيه الصالح وفيه الطالح، في قصة "اليد الرافضة، نجد ثلاثة إخوة، "سعدي" عميل الاحتلال، ومحسن الفدائي، ومحيي المحايد، وهذا التعدد في شخصيات الأخوة إشارة من القاص إلى تعدد اتجاهات المجتمع الفلسطيني، فمنهم من انزلق إلى الهاوية، ومنهم من قاوم وعمل على رفض الواقع، قائلا بصوت عال "لا" ومنهم من سلم بالأمر الواقع، وحاول إحداث (توازن) بين المتناقضين، مع انحيازه نوعا ما إلى الطرف الرافض للاحتلال.
وإذا ما توقفنا عند دوافع "سعدي" العميل سنجده يبرر ما أقدم عليه من خلال قوله: "ما فائدة كل ما كنا نفعله، تظاهرات ورفع أعلام وتمجيد أبطال قوميين وهميين، ماذا فعلوا لنا؟ هربوا عند أول طلقة، بطل يسمعه العرب من المحيط إلى الخليج، لم يحتمل أكثر من ساعات، انطرح على الأرض ذليلا تحت أرجلهم، هل نستطيع نحن أن نقف أمامهم؟ نحن الذين كنا دائما لعبة في يد كل من هب ودب؟" ص17، فهنا إدانة لواقع الرسمي العربي الذي تسبب في ضياع فلسطين ووقوع شعبها تحت الاحتلال، بمعنى أن إقدام " سعدي" على الخيانة ما هو إلا نتيجة للهزيمة والانكسار العربي.
أما منطق الفدائي "محسن" فنجده يتناول أكثر من تجاه، رفض التسليم بالواقع: "أتعاون مع أخي حتى لو ظلمني، أما أن أتعاون مع عدوي، فأمر آخر، أنا وابن عمي على الظالم، ولن أكون أنا وعدوي على ابن عمي الظالم، فعدوي هو الظالم" ص16، نلاحظ أن "محسن" يفكر بطريقة المجتمع الفلسطيني الأصيل، "أنا وابن عمي" مستخدما الأمثال الشعبية لإقناع الآخرين، وكأنه يقول إن ما يحمله من أفكار رافضة تعود إلى المجتمع الذي ينتمي له، وليس إلى حالة طارئة/عابرة يمر بها.
كما نجده يحاول (إصلاح) واقع أسرته بعد أن انزلق أخيه "سعدي" إلى العمالة، فأراد (تبيض) صفحة العائلة وخاصة "ابن "سعدي" "سامي" الذي عُومل باحتقار من المعلمين، ونبذه الطلاب المدرسة: "إنني سأذهب حتى تفخر أمي بابنها حين تواجه الأمهات الأخريات، وسأذهب من أجلها ومن أجلك يا أخي أبا شاكر، من أجلك يا أخي محيي حتى تستطيع أنت وأولادك أن ترفعوا رؤوسكم بين الناس، ومن أجل سامي، سامي المسكين الذي أخذ يذوب حزنا أمام زملائه ومدرسيه، إنه ذليل والذل يعشعش في نفسه وهو يواجه الصغار والكبار، أريده أن يسترد كرامته، أن يروي شجرة حياته التي بدأت تذبل فتينع أغصانها وفروعها وأوراقها، ليكون قادرا أن يقول أمام كل من يقذف في وجه بكلمة قذرة، إن عمي هناك، هناك مع الرجال" ص18 و19، هذا المنطق، يشير إلى الدوافع الوطنية والإنسانية والأسرية، وإنها ما زالت فاعلة ومؤثرة في وجدان الفلسطيني، وأنه ما زال يحاول إزالة الذل والعار الذي لحق بعائلته حتى لو كان الثمن حياته، وهذا التماهي في الأسرة، وفي المجتمع يشير إلى حالة النقاء والعطاء التي تميز الفلسطيني، فتجعله ينكر ذاته في سبيل الآخرين، في سبيل وطنه، كما أنها تمثل ردا على تغول وتوحش العدو ومكره.
على هذا على صعيد مضمون، أما على صعيد الشكل الفني، فقد استخدم القاص تداخل الزمن والأحداث، بحيث لم يقدم الحدث بطريقة متسلسلة، بل نجده يقدم ويؤخر، وهذا جعل القارئ يتعلق أكثر في القصة مستمتعا بالطريقة التي جاء بها.
كما نجده يستخدم الرمز في القصة، فعندما جاء ضابط الاحتلال إلى بيت "محيي" لتقديم واجب (العزاء) بالقتيل "سعدي" صور القاص اللقاء بهذه الشكل: "أطبقت يد الرجل العسكري القوية على يد اللحم الدسم فكادت تخنقها" ص9، نلاحظ أن القاص جمع في هذا الصورة سطوة الاحتلال وفرض ما يريده على "محيي" وفي الوقت ذاته بين حالة "محيي" الصعبة، ورضوخه عنوه لحضور الضابط.
وعندما رفض "سامي" مصافحة ضابط الاحتلال ـ رغم طلب عمله "محيي" المتكرر ـ قدم القاص المشهد بهذه الصورة: "أحسن الضابط بثقل يده الممدودة فأسقطها إلى جنبه، ثم أحس بوطأة الصمت المطبق، فالتفت حوله، فرأى الكراسي والأرائك خاوية والغرفة لا يشغلها سوى ولد والرجل العجوز...ألقى نظرة سريعة على الولد فرأى يده اليمنى تعانق اليسرى خلف ظهره، ورأسه الصغير ينوس وينوس، فاندفع غاضبا نحو الباب" ص23، اللافت في هذا المشهد أن الرفض/المقاومة/ قول (لا) جاءت من طفل، وابن عميل، كما نجد في معانقة (اليمين واليسار) قوة وقهر للعدو الذي يعمل على إيجاد شرخ في المجتمع وحتى في الأسرة والواحدة، من هنا كان انتصار الجيل الجديد، المتمثل بالطفل "سامي" على عمه (الشيخ) "محيي" وانتصاره على عدوه ضابط الاحتلال.
وإذا ما توقفنا عند عنوان القصة "اليد الرافضة" اليد المذبوحة التي قالت لا لرب الأسرة ولضابط الاحتلال، نصل إلى علاقة العنوان: "وقال الطائر الذبيح لا" بمضمون القصة.
وفي قصة "الابتسامة الأخيرة" نجد مقاومة الاحتلال من قبل الراعي "حمدان" الذي يرعى غنمه في أرضه التي استولى عليها الاحتلال، مستخدما بداية أسلوب الحوار والمنطق في مخاطبة الجندي:
"يا خواجه: العشب يصل إلى الأكتاف، وبعد مدة يجف ويكون، على الأقل، دعوا أغنامنا تستفيد من هذا العشب" ص19، لكن منطق وعقلية الجندي المنتصر والمستأسد تجعله يخاطب العرب المهزوم بمنطق فوقي: "ممنوع خمار، ممنوع، ممنوع" ص28، يتوغل الجندي أكثر في غله كمنتصر: "نحن إسرائيل تحتل كل بلاد العرب، تجر كل العرب أمامنا كالغنم/ أنتم بقر" ص37، بعد أن سمع الإهانة من الجندي يثور "حمدان" ويقول "لا" بصوت عال ومدوي: "ممنوع في عينك يا ابن الكلب، يا أولاد الكلاب، كلكم كلاب، يا أولاد الكلاب، تقلون أشتروا أعلافا وغذوا أغنامكم على الطريقة الحديثة، استخدموا العلم، تجوعوننا يا أولاد الكلاب ثم تقولون لنا: العلم؟ ممنوع؟" ص29، تتطور الأمور أكثر، يرفع الجندي سلاحه في وجه "حمدان" وهنا يتدخل كلبه "عنتر" الذي ينقض على الجندي الذي يطلق الرصاص على الكلب فيقتله، يتقدم الجندي من الكلب للتأكد من موته، وهنا ينتفض "حمدان" حاملا حجرا ويضرب به الجندي: "وانهال بيده القابضة على حجر على راسه المعتمر طاقياتهم/ الطاقية التي تغطي بقعة خلفية من رأسهم، سمع صوت ارتطام الحجر في الرأس، وأحس بالحجر يكسر العظم، صالح حمدان وهو ينتفض منفعلا:
"خمار، خمار" ص35، ولا يكتف "حمدان" بهذا فقط، بل نجده يقلب المشهد، فيحول الجندي (المنتصر) إلى جندي مهزوم يخضع لما يملى عليه: "من منا سيطيع الأوامر يا خواجه،. أنت أم أنا؟.. قلت لك أخرج من هنا. أسمعت يا خمار؟ أخرج من هنا.
ـ أمرك يا حمدان؟" ص38، يخرج الجندي تاركا سلاحه لحمدان الذي يقرر مواجهة جنود الاحتلال القادمين لنجدة الجندي بعد سماعهم أزيز الرصاص: "ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة، هل حشدوا جيشهم كله لمحاربتي؟ شد من جسده، والتصق بكومة الحجارة، ورفع الرشاش، سدده نحو الأرض، ثم رفع فوهته نحو السماء" ص43، إذا ما توقفنا عند هذا المشهد سنجده يفند قول الجندي بأن إسرائيل انتصر على كل العرب، وها هو (راعي غنم) يستحوذ على سلاح الجندي، ويقرر منفردا مواجهة مجموعة من جنود.
أهمية القصة في ترسيخها فكرة أن الفرد يستطيع أنجاز ما عجز عنه المجموع، وأن الفرد/الفدائي قادر على تحقيق النصر أكثر من الجيوش العربية.
الرمز والفانتازيا في قصة "عصا"
في قصة "عصا" يستمر القاص في تناول المقاومين ورفضهم بالفعل والعمل وقول "لا" للطغاة، فالقصة تتحدث عن فدائي يتم أسره من قبل جنود الاحتلال، لكن القاص يقدم هذا الأسر بصورة مغايرة، بصورة انتصار: "أنا وحيد وأنت عشرات من الجنود والرشاشات والبنادق وسيارات الجيب، خجل الضابط، أرجع المسدس إلى جرابه" ص47، هذه الصورة تبين انتصار الفدائي حتى بعد سقوطه.
ونجد في القصة سابقة للقاص حيث يعري انتهازية الثورة والمتسلقين فيها: "حتى صاحبنا الكبير هرب، وتركنا، وها هو ينعم بما يتجمع لديه من مال حصل عليه باسمنا، أمنا في أفخم الفنادق" ص51، وهذه سابقة تحسب للقصة وللقاص الذي بين انتهازية الثورة، منتقدا (الكبار) فيها.
إذن مضمون القصة يتحدث عن الفدائي ومواجهة الاحتلال، لكن القاص استخدام الرمز من خلال "عصا": "الأرض يا ولدي، لا بد من غذاء لها لتشبع ومن الشراب لتطفئ غلة عطشها فتنتج وتعطي خير عطاء...لن تموت أرضنا ما دمتم تقدمون لها الغذاء والشراب" ص52، اللافت في هذه القول أنه يجمع بين المباشرة والوضوح وبين الرمز، وكأن القاص كان يعي أنه يتحدث بصورة مباشرة ـ وهذا النوع من الخطاب مرهق ومتعب للتلقي ـ فأراد تجميل/تخفيف حدة القسوة من خلال استخدام الرمز، فأنسن الأرض وجعلها كائن حي كباقي الأحياء تحتاج الغذاء والشراب.
وهناك رمزية متعلقة بعوان القصة "عصا": "هذا عصا قطعتها من هذه الشجرة المباركة التي زدتموها بركة" ص55، فهنا جمع القاص بين (قدسية) الشجرة وقدسية الفدائي، بمعنى أنه جمع بين رمزية الزيتون وبين الفدائي، فكلاهما مقدس ويجب التعامل معه بقدسية.
ولم يقتصر الأمر عند هذا القول، بل تعداه إلى أحداث القصة، فعندما يتم القضاء على "قاتل الذئاب" يخاطب "رئيس البلدية" جنوده: "من عادة قاتل الذئاب أن يحمل عصا، لا تضيعوها، أرسلوها مع الجثة، وإذا لم تكن معه فابحثوا عنها في كل مكان" ص59 و60، وهذا يؤكد أن "العصا" تتجاوز كونها مجرد عصا عادية، من هنا جات الفانتازيا لتعطي "العصا" ما هو أكثر وأبعد من وظيفتها ومن كونها مجرد عصا.
يقف "رئيس البلدية" على جثة "قاتل الذئاب" لينتزع "العصا": "أطبقت يد رئيس البلدية على العصا المستكينة بين ذراع وجنب الميت، وهي تكاد تختفي عن الأنظار، أطلق آهة حادة، حاول جذب العصا، لكن الذراع واليد كانتا متشنجتين عليها فلم تفلت منهما، هزها، شدها، لم تفارق القتيل" ص63، هذه الفانتازيا تزيد من جمالية القصة، وتجعل المتلقي يذهب إلى قدسية العصا وقدسية حاملها، وهذا ما جعل المشهد يتجاوز العقل والمنطق.
يتجمع الكثيرون لينتزعوا العصا من يد جثة "قاتل الذئاب": "بعد جهد عنيف ومعالجة مريرة انتزعوا العصا من بين أصابع ويد وذراع الرجل هامد القوة، لكن ذراع الجثة اليمنى قفزت من صندوقها ومع قوة الجذب، فاتخذت شكل رمح يبرز من الصندوق، بينما فتحت راحة يدها لتواجه النظرات المحدقة طالبة أن تعاد إليها العصا" ص64، استمرار الفانتازيا حاضرة في القصة يشير إلى قدسية الفدائي والعصا اللذان لا يمكن الفصل بينهما: "تقدم الجنود الأربعة الذين جاؤوا بالصندوق، وحملوه على أكتافهم، اختفى الرجل الراقد في جوفه بينما بقيت ذراعه تطل عليهم من عل مطالبة بإرجاع العصا إليها" ص64و65.
يتجاوز القاص تناول المشاهد (الأدبية) فيجعل العصا مقاوم للاحتلال كحال حاملها: "أخطأت يده فسقطت العصا على ساقه اليمنى فانغرزت طرفها الفولاذي الحاد بلحمه وأحس بجمع النمل اللزج الساخن هابطا من موضع صدمة العصا في ساقه إلى موقع قدمه...أوه، تلك العصا القذرة، العصا المجرمة، وقعت على رجلي وغرزت أنيابها فيها" ص68و69، إذن نحن أمام مقاوم يتجاوز حالة الجماد، وما أحدثته العصا في قدم "رئيس البلدية" من إصابة وألم يكفي لنقول إن "العصا" هنا تتجاوز كونها أداة جامدة، إلى كائن حي مقدس أقتطع من شجرة مقدسة، وأستخدمها (نبي) فكانت قدسيتها ثنائية، قدسية أصلها، وقدسية حاملها.
الماضي والحاضر في قصة "دما ودماء في القطاع"
قبل الدخول إل القصة ننوه إلى أن عنوان القصة "دما ودماء في القطاع " متعلق بالمجازر التي اقترفها الاحتلال إبنان اشتعال غزة في بداية احتلالها عام 1967 وحتى عام 1970 تحت قيادة الجبهة الوطنية المتحدة، فحجم المجازر التي اقترفها الاحتلال في تلك الفترة يتماثل مع ما يقترفه الآن في قطاع غزة، وهذا يعطي القصة سمة الاستمرارية والبقاء.
وهذا ما يجعلنا نقول إن قصة "دما ودماء في القطاع " تحمل أكثر من مسألة، منها استمرارية أحداثها، فمن يقرأها يجد نفسه يقرأ ما يجري في غزة الآن، طوفان الأقصى، ويشاهد حجم المجازر التي اقترفها ويقترفها العدو بحق أشعبنا: " ويجمعونهم في ساحة الملعب حتى يغص بهم، فتنهال العصي على ظهور الكبار والصغار، رجال عجائز ينهارون على الأرض بعد ساعات من الجلوس مقرفصين بين المئات من الرجال والشباب والمراهقين، فكر، كم عصا حطت على ظهري عند كل تجمع، كم رجل عجوز انهار على الأرض من شدة التعب والضرب، وهم ينظرون إليه باحتقار، هل يفرقون بيننا وبين الحيوانات؟" ص83، مشهد يتماثل تماما مع ما يجري في معسكر "سدي تيمان" حيث يمارس فيه جنود الاحتلال أبشع الجرائم بحق الإنسانية، فنازية الاحتلال لم تقتصر على واقع أهلنا في غزو الآن، بل سبقتها فشية مورست بحق الفلسطينيين منذ أو وطئت قدماه أرض غزة عام 1967.
القاص يقدم العقلية الصهيونية تجاه الفلسطيني، من خلال نقل تعليمات أحد القادة للجنود: "أدخلوا البيوت وحطموا كل شيء ترون أنه ذو فائدة لهم، أضربوا كل من يتنفس بقسوة بالغة، حين تقتحمون مدارس الأولاد، أضربوا، أضربوا، اكتموا أنفاسهم، وحين تدخلوا مدارس البنات، أدخلوا الرعب في نفوسهن، صغريات وكبريات، حتى الأطفال منهم مرشحون لمقاومتنا في المستقبل" ص108 و109، هذه العقلة ما زالت فاعلة، وتم تطويرها، فتم تجاوز الضرب إلى القتل، تجاوز حالة ضرب الكبار والنساء والأطفال إلى قتلهم، لكن الثابت كان المكان، المدارس التي يقتل ويجرح فيها المئات يوميا.
مسالة منع دخول الطعام والشراب استخدمها الصهاينة في الماضي كما هو حالهم الآن: "إما أن تكشفوا عن المجرم وإما سيموت الكثير منكم وأنتم في أماكنكم، لن نقدم لكم ماء ولا طعاما، ولن نطلق سراحكم إلا بعد أن نعرف من المجرم" ص114، نجد عين العقلية الصهيونية، لم تتغير أو تتبدل، بل زادة توحشا وإجراما، لهذا لا يمكن لمن كان وما زال فاشيا أن يكون إنسانا، وعلى من يريد أن تكون الحياة سوية/عادية في منطقتنا وفي فلسطين تحديدا، أن يواجه هؤلاء المتوحشين القتلة.
اللمسة الرواية في قصة: "دما ودماء في القطاع"
بداية أنوه إلى أن حجم القصة كبير 64 صفحة، وهذا قريب من حجم رواية، كما أن القاص استخدم أكثر من سارد فيها، حتى أنه أعطى المحتل مساحة ليتحدث بنفسه، والطريقة التي ينظر بها للفلسطيني العربي: "يقوم بهذا العمل مقابل 28 دولارا قدمته إليه عصابات إجرامية، مقابل 28 دولارا يقتل طفلين بريئين" ص130، كما أن القاص ينقلنا إلى أكثر من وجهة نظر، ففي بداية القصة (نقل) مقاطع من مجلة التمايز الأمريكية وحدد تاريخ نشر المقال: "1971" وفي نهاية القصة نكتشف أن الصحفي ناشر المقال ما هو إلا صهيوني: "ما رأيك، لقد اتهمك المدعي العام بأنك قاتل، قاتل مأجور، قاتل بلا قضية، قاتل لم يقتل في سبيل أي هدف وطني، بل قمت بما قمت به بدافع إجرامي، لأنك مجرم بطبيعتك.
لم يجب
ـ لم لا تدافع عن جريمتك؟
ـ...
ـ هذه هي طبيعتكم أيها العرب، أنتم عاجزون حتى عن التعبير عن وجهة نظركم. ... أعني أنتم ضعيفون دائما، فعلا وقولا" ص129، وإذا علمنا أن القاص أستند على القص الخارجي، نصل إلى أن القصة يمكن أخذها إلى عالم الرواية.
هفوات المجموعة هناك خطأ جاء في صفحة 49، حيث نجد تشابك الحروف: "التفت إلى الشابالمحصن بكتل الحديد والنار" والصحيح هو (الشاب المحصن)، كما نجد تكرار لفقرة طويلة جاءت في الصفحة 90 وصفحة 91: " في غزة الأذرع المبتورة والأرجل المقطوعة، كم مرة سمعت صراخ النساء المرعوبات".
المجموعة من منشورات دار النسر للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 1990.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخابرات في رواية -من جبل الجرف إلى تل أبيب- أشرف مسعي
- الطبيعة والمجتمع في قصيدة -البازلت- سامر كحل
- صكوك غفران للأموات
- ثورة الدروز وتمرد دمشق، الجنرال اندريا، ترجمة حافظ أبو مصلح
- الإيجابية في رواية -أحلام القعيد سليم- نافذ الرفاعي
- ثورة ال1936 في كتاب ثورة الفتى العربي رئيف خوري
- المعرفة والعرب في رواية ثورة القبور علي شلق
- أنت النبي وهم المنكر في قصيدة -وحدك- أحمد الخطيب
- الحرب في كتاب -التاريخ فكرا استراتيجيا- باسيل ليد هرت تعريب ...
- حاجتنا إلى عبقرية لينين
- إلى أين تذهب المنطقة العربية
- عقم الثورة في رواية -قصة مدينتين- شتارلز دكنز، ترجمة صوفي عب ...
- الدبية في غار الإخلاص محمد علي ضناوي
- الإقطاع في رواية -ميميد الناحل- ياشار كمال، ترجمة إحسان سركي ...
- الجديد في كتاب -مذكرات الأرقش- ميخائيل نعيمة
- المكان والإنسان في رواية -عين التينة- صافي صافي
- المنطقة العربية في كتاب -الوحدة العربية هل لها من سبيل- منيف ...
- جمالية الشكل والمضمون في كتاب -من حديث أبي الندى- إبراهيم ال ...
- سورية الجديدة (5) وما أرسلناك إلا قاتلا للسوريين
- نقد الذات في رواية شامة سوداء أسفل العنق


المزيد.....




- مهرجان أفلام المقاومة.. منصة لتكريم أبطال محور المقاومة
- بعد أشهر من قضية -سرقة المجوهرات-.. الإفراج عن المخرج عمر زه ...
- الإمارات.. إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية
- 6 من أبرز خطاطي العراق يشاركون في معرض -رحلة الحرف العربي من ...
- هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان
- من هنّ النجمات العربيّات الأكثر أناقة في مهرجان كان السينمائ ...
- كان يا ما كان في غزة- ـ فيلم يرصد الحياة وسط الدمار
- لافروف: لا يوجد ما يشير إلى أن أرمينيا تعتمد النموذج الأوكرا ...
- راندا معروفي أمام جمهور -كان-: فلسطين ستنتصر رغم كل الظلم وا ...
- جبريل سيسيه.. من نجومية الملاعب إلى عالم الموسيقى


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أدب المقاومة في مجموعة -وقال الطائر الذبيح لا- سمير عزت نصار-